كتبت : سدرة محمد
بحبكة درامية اجتماعية إنسانية سياسية مميزة، أبطالها أربعة من أمهر الممثلين، أتقنوا أدوارهم التي أوكلت إليهم، فتمخض عن عمل ناجح بعنوان “أولاد آدم” اتسم بالعمق، ورسخ فكرة “كل أولاد آدم خطاؤون”، الذي كتبه رامي كوسا، وأخرجه الليث حجو، بطولة “مكسيم خليل وماجي أبو غصن وقيس شيخ نجيب، دانييلا رحمة”، والذي يحكى قصة تلك المرأة التي تتمتع بقوة في المجتمع ولديها مركز مرموق، ما يحملها مسؤوليات كبيرة ويجلب لها المصائب، وهى القاضية الناجحة “ديما” التي تلعب دورها “ماغي أبو غصن”، حيث تحارب الفساد في الأحكام التي تطلقها، ثم أصبحت وزيرة عدل نظرا إلى نزاهتها، لكن هذا الخير المطلق لا يمكن أن يكتمل، ولا بد للشر أن يظهر في بعض الأماكن، فهى نفسها ليست بعيدة عن الخطيئة، حيث تصدم طفلا على الطريق وتخفي ذلك في بداية الحلقات، ثم تقع في فخ التستر على شقيقها المدمن قضائيا، بعدما ورط نفسه في أذية فتاة، وفي النهاية تكتشف الفضائح الجنسية لزوجها “غسان” الذي جسد دوره ببراعة وحرفية عالية للغاية الفنان السوري “مكسيم خليل” وقدما سويا مشهد رائعا يعكس الحقيقة المرة بينهما، حين جاء على النحو التالي:
يدخل “غسان”على “ديما”، وهى في حالة يرثى لها جراء الصدمة التي أصابتها بسبب فيديوهات فضائح زوجها الإعلامي الكبير، والتي ساومتها بها “مايا” التي لعبت دورها بحرارة وثقة تؤكد موهبتها التثميلية “دانييلا رحمة”، لتهريب أختها “زينة” من سجن النساء، وهى المحكوم عليها بالمؤبد بعد قتل زوجها، ويجلس “غسان” بجوارها على الفوتيه وهو في حيرة من أمره إلى أن تفتح له جهاز اللاب توب على فيديوهات فضائحه فتسبب له صدمه كبرى، يغلق غسان اللاب توب طارحا ظهرا للخلف ويخفض رأسه في انكسار، وعلى إيقاع موسيقى جنائزية تبعث على التوتر والرعب توجه له ديما سؤالا: أشغلك باقي الفيديوهات، من شو أنت مكون يازلمة؟!.. مش عم باعرف شو قصتك، حيوان، على بشع، على مجرم، على ابن حرام، على واطي.
تهم ديما واقفة وهى تصرخ في وجهه: مع صفاء، مع صاحبتي ياكلب؟.. ليش.. ولك قلي ليش، أنا بشو أستسمحك قلي بشو؟، ورحمة أمي وبايي لو باعرف انك مزوج مرة تانية بسكر تمي .. بقول بدك تجيب ولد، بس مع كل هالنسوان وأنا بحياتك ليش؟.. ليش جاوبني، رد على سماي؟
يرد غسان وهو منكس الرأس من شدة خزيه: شو بدي أقول؟!
ديما: رد على ميت ألف سؤال في راسي.. لك ميت ألف سؤال.. أنت وصفاء، لك هاي متل أختي.. كيف قدرت تعمل في هيك أنت واياها.. كيف؟.. أنا كنت أعتبرك أهم رجال في الدنيا كلها.. أهم رجال، وبعدين ليه بتصور النسوان؟ .. رح حط حالي مطرحهم كلن.. يمكن بيثقوا فيك.. يمكن حبوك . شايفينك أهم مذيع في الدنيا كلها.. سلموك حالهم بتقوم تصورهم.. انت شو؟.. شو الوحش اللي فيك؟.. شو الحيوان اللي فيك؟.. أوعى تكون مصورني إللى ولك؟.
ينتفض غسان من مكانه واقفا ويرد في حسم: لا.. لا.. لا والله.
ديما: تعرف شو أصعب من الخديعة؟ .. مش بس انك طلعت حمار ومخدوع كل الوقت الأصعب اني خايبة.. بس توثق في حدا ويخدعك ويخونك ويطعنك.. مش بس بتزعل إنك طلعت حمار كل الوقت.. بتزعل لأنه رخص أغلى ما عندك.. ثقتك.. حبك.. إخلاصك.. وقتك.. شرفك.. وترخص ضناه اللي في بطنك، وانت مش فارقانة معك ودعست على كل شيء.
غسان بنبرة ضعف واستكانة: معك حق في كل شيئ قولتية، ومعك حق بكل شيئ عم تقوليه.. أنا غلطان.. وأنا غرقان بالغلط.. بس الفترة الماضية كانت صعبة على كتير، ثم يركع على ركبتيه في ذلة ومسكنة قائلا: مجرد إني أطلب منك السماح دا الجريمة.. مجرد إني أطلب أنك تعطيني فرصة ثانية ويقبل يدها في تضرع ثم يضيف: هاي خطية ثانية فوق كل الخطايا، ثم يرفع رأسه وهو في وضع القرفصاء راجيا ديما: لا تتركيني، أنا مافي أعيش حياتي من دونك.. لحظة السماح هاي بادفع عمري كله.
تنظر ديما إليه في غضب قائلة: قوم.. موت.. انت أفضل حل للبشرية تعمله انك تموت.. النفس اللي بتتنفسه خطر على كل اللي حواليك.. انقبر اظهر من بيتي.. يقترب منها فتدفعه قائلة: اطلع من بيتي.
غسان في تذلل: وين بدي أطلع.. وين ؟، ويضع يده على بطنها قائلا: مو هاد ابننا؟
ترد ديما في غضب: تنسيه .. تطلع روحى ولاراح تسمع كلمة بابا.. بس يكبر ويسألني عنك راح قوله مات لأني ما عم كذب، انت بالنسبة لإلي خلاص موتت.. اطلع لبره.
يرد غسان بصوت مكتوم: ماشي . أنا حاروح.. حاروح اتركك ترتاحي شوي، ثم يتجه إلى باب البيت.
ديما: اترك مفتاحك هون.. على هالبيت ما الك راجعة.
غسان: لكن أقولك بدي ارجع.
ديما: بشرفي إذا إجرك بتخط بهذا البيت راح أكسرلك إياها.
غسان: قولي اللي بدك اياه انتي بضلي أم ابني، ما لازم نكسر هالشعرة الي بيناتنا.
ديما بينما يهم غسان بفتح الباب تعيد عليه النداء مرة ثانية:قلت لك اترك المفتاح هون.. واحد رخيص مثلك ما بيشرفني شوفه ولا مرة بحياتي.
يغلق غسان الباب ويمسح دموعه ويطقطق رقبته متجها في تحد نحو ديما: بما انه ما بقيتي كل شيئ حتى اللي في بطنك، وما تركتي على ستر مغطى، وبما انه خلاص قطعتي خط الرجعة خليني قولك: ان سباطي انضف من وشك، وخليني أقولك ان القتلة ما بيحقلهم يحاضروا بالأخلاق.
ديما: انت شو عم بتخرف؟
غسان: اللي بتدعس ولد صغير.. طفل عضمه طري وبتتركه غرقان في دمه وتهرب: هاي بس ما بتكون قاتلة، هاي بتكون أسفل وأحقر أنواع القتلة، وبسخرية ممزوجة بالمرارة يقول: عصفورة قلبي .. وزيرة عدلي .. مجرمتي .. تراااام: شو .. بلاقى انربط لسانك؟.. بكل الأحوال أنا راح أطلع أضب أغراضي وأروح على الأوتيل كام يوم وأتركك ترتاحي.. وللحديث تتمة!!.. ثم يرفع كلتا يديه في حركته المعهودة على غرار فواصل برنامجه قائلا : استنونا!!
تلحق ديما بغسان في غرفته متسائلة: كنت بتعرف؟
فيرد في ثقة: طبعا باعرف.
ديما: وليه ما قلتي؟
غسان: وليش بدي أحكي.. شو المغزى؟.. شو النتيجة.. شو الهدف؟، ثم يتجه نحوها رافعا رأسه قائلا: ولك أنا ضليت حاملك وحامل سرك كل هاي الفترة ، ولا مرة حسستك ببشاعة الشيئ اللي عملتيه: تعرفي ليش .. لأن كلنا ولاد آدم!!!
عندئذ تعزف الموسيقى لحنا كنسيا، كأنها تدق الأجراس تزامنا مع تكرار غسان: كلنا ولاد آدم.. أي أننا كلنا خطاءون وليحمل أثقالنا بعضا البعض حتى ولو وصلت إلى مستوى الجريمة.