رسالة إلى تامر مرسي
بقلم الناقدة الدكتورة : سامية حبيب
حفل هذا الموسم الدرامي في شهر رمضان بالمسلسلات المتنوعة مابين الوطني والرومانسي والاجتماعي والكوميدي ولأول مرة الخيال العلمي، وهذا جهد يستحق التهنئة لك ولكل فريق العمل ممن سهروا وتعبوا رغم ظروف الفيروس اللعين وكل الاحترازات الصحية فهذا عمل بطولي من أجل سطوع نجوم الفن المصري على الشاشات العربية وتستحقون كل التقدير، ولعل بعض الملاحظات تفيد من مشاهدة متخصصة من أجل موسم قادم أكثر نجاحا.
الحقيقة لا أحد لم يعجب بالمسلسل الرائع “الاختيار”، ولذا وجب تقديم تهنئة لك ولكل فريق العمل بدأ من الإدارة الفنية التي أعدت كل التحضيرات لإنجاز المسلسل، ثم التمثيل والإخراج والتصوير والموسيقى الكل يستحقون التهنئة الحارة، حتى بعض الملاحظات عن الكتابة مثل المباشرة في الحوار، زيادة الحوار حول أفكار الإرهابيين ومناقشتها حتى خشينا أن يتحول إلى مسلسل ديني لاتقلل من جهد “باهر دويدار” الكبير في ضغط أحداث سنوات في حلقات ثلاثين، مع الإضافة الذكية وهى التوثيق لصور أبطالنا البواسل والأفلام الوثائقية للأحداث كما وقعت على أرض المعركة، لقد حقق مسلسل “الاختيار” أول أهدافه حين ربط المشاهدين من المحيط للخليج، بل وكل العرب في العالم حول شاشة التلفاز في كل مرات إذاعته طوال أيام وليالي رمضان حتى أنني وكثيرين كنا نشاهده على كل القنوات.
ثانيا: حالة الفخر والاعتزاز بأبطال القوات المسلحة المصرية الذين يضحون بأرواحهم من أجل كل ذرة من تراب مصر وتذكر كل منا شهيدا من أسرته وأصدقائه وجيرانه وسالت دموعه في الحلقات الأخيرة، ثالثا: قربت أحداث المسلسل أفكار كثيرة نظرية لأنظار وأذهان أبنائنا مثل أفكار الإرهابيين الملتبسة وكيف يخادعون الضعفاء، وعديمي الوعي والطامعين بمجد ومال زائل، وكل تلك أفكارغاية في الأهمية اليوم في ظل أطماع كثيرة في بلادنا الغالية فشكرا لك وللجميع، وكما كتب كل من شاهد المسلسل نريد مزيد من هذا النوع الدرامي الذي ثبتت أهميته، وسوف يتم ذلك بالنظر في تاريخنا القديم والحديث الزاخر بما يدعونا جميعا للفخر، ولأن تلك القواعد الدرامية والفنية التي برزت في مسلسل “الاختيار” بحثنا عنها في كل انتاج شركتك هذا الموسم الرمضاني، فوجدناها في البعض ولم نجدها في البعض الآخر.
ولو توقفنا عند مسلسل أخر نجح ووافق ذائقة الجمهور وهو “البرنس”، حيث البطل الجماهيري الموهوب “محمد رمضان” الذي أصبح اسم ضامن لنجاح أي عمل فني وتلك ميزة لنجم لا تتوافر لكثيرين، لذا وجب عدم حصر هذا النجم في دور واحد مع تنويعات عليه، دور الشاب المكافح الذي يظلم من أقارب أو أصدقاء أو معارف ويستمر الصراع بينه وبينهم بكل السبل التى تصل للقتل والدم ثم ينتصر في النهاية.
فمن قراءة لتاريخ أعمال نجوم انحصرت عنهم النجومية سنجد السبب الأول هو حصرهم في أدوار محددة ، وهذا غير مرغوب به تماما مع موهبة تمثيل كبيرة مثل رمضان، فيجب البحث عن أفكار درامية تناسبه وهي كثيرة ولاشك.
وشاهدنا هذا الموسم مسلسلين بطلتهما سيدات أو جميلات وهما (ونحب تاني ليه – وفرصة تانية)، والحقيقة إن الفكرة الدرامية في المسلسل الأول وهى مشكلات المرأة المطلقة وموقف المجتمع منها، يعد موضوعا حيويا في مجتمعنا ويمس قطاع ليس قليل قياسا بما نقرأه عن ارتفاع معدلات الطلاق ومشكلات حضانة الأطفال بين الأمهات والأباء وغيرها، مما غاب عن السيناريو ونحى بالأحداث منحى سطحي بقصة حب جديدة للأم المطلقة، فافتقد المسلسل حرارة المشكلة التي كانت كفيلة بأن تسير الحدث الدرامي سيرا حارا يرتبط بالمشاهدات ممن يعشن نفس الموقف، لكن الأحداث سارت بصورة فاترة بين مطلقة جميلة هى “غالية” وبين زوج أناني يريد ربطها إليه وبين حبيب ضعيف لايستطيع حمايتها حتى من والده، وبدت البطلة من عالم تاني غير مانراه على الأرض، فلماذا نظهر المرأة المصرية القوية والتي تسطر يوميا أسطر من الكفاح من أجل عيش حر لها ولأولادها رغم غياب الزوج والأب وكيف تقبل غالية كإمراءة عاملة مثقفة إهانة والد حبيبها وصمت الأخير على هذا ؟، لماذا تطرح صورة البطلة كنمط انتهى من زمان منذ عهد الحريم لاحول لها ولا قوة والجميع يسير لها حياتها؟
لعبت الدور النجمة الجميلة “ياسمين عبد العزيز” صاحبة الموهبة التي تنضج مع الوقت لكنها للأسف لاتدري كيف تديرها، فهي فنانة تتألق في كل شخصية وتعطي من روحها الإبداعية للشخصية، وأظنها تحتاج وقفة مع نفسها لتقرر أن التمثيل ليس دوربطولة لكنه تعب في البحث وفي التنفيذ على الشاشة من أجل الجمهور الذي يحبها، ولابد من الإشارة أن من مكتسبات هذا المسلسل عودة الفنان “شريف منير” بقوة لدور مركب، أيضا الأداء المتميز للممثل “محسن صبري” في دور والد البطل حيث جمع ببساطة بين شياكة الرجل الثري وندالة الرجل صاحب النظرة الدونية للمرأة المطلقة، فكانت مشاهده تبث الحرارة في الحلقات وتتماس مع مواقف حقيقية لرجال مثله في حياة سيدات كثيرات.
ومسلسل “فرصة تانية ” لياسمين صبري ولكن طول الأحداث المفككة دراميا يجعل المتفرج يلهث ليتواصل مع فكرة درامية واحدة يؤكد على ضرورة كتابة سيناريو يناسب إمكانات الجميع، ومن دواعي العمل الناجح أن تربط الأحداث المتفرج إلى الشاشة، وقد حمل هذا المسلسل جماليات في الصورة والموسيقى وتمثيل أساتذة مثل “أشرف ذكي” و “محمود البزاوي” والنجمة “آيتن عامر”.
ولعل فكرة تنظيم ورش فنية من الشركة أو نصح الأبطال بالانضمام إليها وهم في أشد الحاجة لها خاصة “ياسمين صبري وكريم فهمي وأحمد مجدي”، وهذه ليست بالنصيحة بقدر ماهى من ضرورات المهنة، فكما هو معروف أن كل الممثلين في العالم ينضمون كل فترة لمثل تلك الورش في التمثيل والأداء الحركي والرقص . فكلما وجد الممثل فرصة لتطوير مهاراته وعمل عليها كان هذا في صالحه، فالقبول عند الجمهور مسئولية توجب كثير من الجهد لتطوير الذات.
وهناك حديث يطول حول المسلسلات الكوميديا هذا الموسم وخاصة “رجالة البيت – عمرودياب “، حيث لم يحققا المستوى المطلوب من إمتاع الجمهور وهذا يعود لو حكمنا القواعد الفنية لأكثر من سبب، بدايتها ضعف النص أو السيناريو، فالكتابة لفن الكوميديا لها قواعد غابت ربما كان النص المكتوب الذي لم نراه على الشاشة أجمل ولكننا نتحدث عن ماشاهدناه، هل يعود هذا لتضخم ذات أبطال المسلسلين وعقيدتهم أن كل مايقولونه سوف يضحك المشاهدين، هل يعود هذا لافساحهم مساحات كبيرة للارتجال وهو فن صعب وإن بدا للبعض سهل، وأن النص المكتوب مشروع يمكن الخروج عليه من “النجم “، إن مثل تلك المواقف لابد وأن تخضع لقرارات الإدارة الفنية لأي جهة منتجة، فالممثل جزء من المنظومة الفنية وليس من حقه الجور على باقي أعضاء المنظومة ثم الاعتذار عن ذلك.
في هذا الموسم شهدنا للمرة الأولى مسلسل يتخذ من الخيال العلمي فكرة درامية له “النهاية”، لكن شابه الكثير من السطحية، بالطبع لو هناك نية لإنتاج هذا النوع فهناك أفكار وكتاب كثر.