“حبي الوحيد”.. الغيرة التي تؤدي إلى القتل
كتب : أحمد السماحي
يعتبر فيلم “حبي الوحيد” من الأفلام الاجتماعية التشويقية الذي ينال إعجاب الجمهور في كل مرة يعرض على شاشات الفضائيات، بما فيه من سحر خاص، وجمال دافئ يسيطر على أبطاله، حيث كانوا فى عز توهجهم وتألقهم الشخصي والفني، ويعتبر الفيلم ثالث أفلام النجمة “نادية لطفي”، والفيلم رقم “16” لمخرجه “كمال الشيخ” الذي قدم فى نفس العام فيلمه الرائع “ملاك وشيطان”.
تدور أحداث “حبي الوحيد” فى إطار من التشويق الذي اعتمدت عليه معظم أفلام “الشيخ” حول قصة حب بين “الكابتن طيار عادل ومنى” أو “عمر الشريف – نادية لطفي”، ويتم الاتفاق بينهما على الزواج بعد عودته من رحلته، وبعد عودته تذهب إليه زميلته المضيفة “عايدة” وتصارحه بحبها له ويصدها “عادل”، وفي الطريق يقع حادث لهما ويدخلا المستشفى، وعند تأخر عادل يتقدم “شكري” لـ “منى” ويتزوجها، ويسئ معاملتها، وفى نفس الوقت تكتشف “منى” أنها ظلمت ” عادل”.
وتطلب الطلاق من “رشدي” بعد أن أصبحت الحياة بينهما مستحيلة، ويوافقها على ذلك، بينما يدبر لقتلها، وينجح فى إلصاق التهمة بـ “عادل”، لكن براعة رجل المباحث تكشف أسرار الحادثة، ويتم علاج ” منى”، وتعود لحبيبها ” عادل”.
ذكريات مع نادية لطفي
صارحتني النجمة “نادية لطفي” فى أحد الحوارات بيننا بأنها كانت تعتز جدا بهذا الفيلم، لعدة أسباب أولها موضوع الفيلم الذي يحذر من أن الغيرة يمكن أن تتحول إلى مرض نفسي، وتؤدي إلى القتل، ثانيا العمل مع المخرج “كمال الشيخ” صاحب الأسلوب السينمائي التشويقي الذي يحقق نجاحا كبيرا عند جمهور السينما، وبالتالي جمهور المنازل، ثالثا لوقوفها أمام نجمين كبيرين كانا حلم بنات مصر فى هذه الفترة، النجم “كمال الشناوي” الذي كانت تعتبره هي شخصيا فارس أحلامها في فترة المراهقة، والنجم “عمر الشريف” الذي كان يخطو أثناء التمثيل فى هذا الفيلم أول خطواته العالمية، فضلا عن وجود مجموعة كبيرة من النجوم مثل “فاخر فاخر” الذي كانت تناديه بـ “بابا” لأنه كان من الذين وقفوا بجوارها وساندوها فى بدايتها، وأيضا وجود الفنان الكبير والرائد المسرحي “فتوح نشاطي”.
نقد.. تنويعات على لحن البراءة
يقول الناقد “أحمد يوسف” عن بطلة فيلمنا اليوم “حبي الوحيد” : كان طبيعيا أن تولد “نادية لطفي” البطلة السينمائية الجديدة وهى تحمل الكثير من سمات فتاة الشاشة فى عصرها، وأن يكون ذلك الجمال الهادئ الرائق والراقي الذي تتمتع به هو الباب الذي تدلف منه إلى عالم السينما، لقد كان هذا الجمال هو النموذج للبراءة النقية الخالصة، فى عالم لا يخلو من وحشية وعدوانية، وقد كان من الممكن أن تنتهي مثل هذه البطلة إلى أن تصير نسخة باهتة من فتاة الشاشة التقليدية التى تجسد الخير، لولا أن الجمال الحقيقي لـ “نادية لطفي” وبطلاتها لم يتوقف عند الملامح الخارجية، لكنه كان يحمل أيضا جمال العقل ورجاحته.
إن البطلة لا تقف مستكينة تنتظر أن تهدأ العواصف التى تجتاح حياتها، وتهدد باقتلاع براءتها ونقائها، لكنها تقاومها كما هو جدير بفتاة الطبقة المتوسطة فيما بين عقدي الخمسينات والستينات، وربما تجد فى بعض أفلام “نادية لطفي” فى تلك الفترة الكثير من الخيوط الميلودرامية التى اعتادت عليها السينما المصرية، لكن النجمة الجديدة استطاعت بموهبتها الحقيقية أن تبعث الدماء الحارة فى الشخصية التى تمثلها.
الشيخ وسينما الفراغ
يقول الناقد السينمائي”نادر عدلي” فى كتيبه عن المخرج كمال الشيخ : رغم أن كمال الشيخ من المخرجين والأساتذة الكبار في السينما المصرية، إلا أن الاهتمام والتقدير النقدي لأفلامه ومكانته جاء قليلا ومتأخرا، والأسباب تتعلق بسينما “كمال الشيخ” نفسها، ونظرة النقاد لرسالة ودور السينما منذ منتصف الخمسينات وحتى أواخر السبعينات، فقد اختار المخرج الكبير منذ أول أعماله “المنزل رقم 13” أسلوب الحبكة الدرامية التى تقوم على التوتر والتشويق فى بناء الفيلم وحركته وإيقاعه، واستمر يطور هذا الأسلوب حتى كون “عالما سينمائيا” خاصا لا يتغير، رغم تنوع واختلاف موضوعاته.
وقد أعتقد النقاد أن هذا الشكل فى المعالجة الذي وصفوه استسهالا بالبوليسية، أبعد “كمال الشيخ” عن الواقعية والمضمون الاجتماعي للفيلم، ولأن الواقعية والمضمون الإجتماعي كانت الشغل الشاغل للحركة النقدية، فكان من الطبيعي ألا ينظروا لأفلامه بالجدية الكافية.
ومن هنا جاء وصف عدد كبير من المخرجين ومنهم كمال الشيخ بأنهم “السابحون فى الفراغ” على أساس أن أفلامهم غير واقعية، وقد استخدم أكثر من ناقد تعبير “سينما الفراغ” فى توصيف أعمال “كمال الشيخ” فى المرحلة الأولى بالتحديد وهو رأي غير دقيق ومتعسف، لأنه ينظر أولا للسينما على أنها “موضوع” وليس فن الصورة، ولأنه ينظر ثانيا للموضوع الذي يريده الناقد بالتحديد وليس الموضوع الذي يبدعه المخرج، لذلك جاء أدراك قيمة “أسلوب كمال الشيخ” في مرحلة متأخرة.
……………………………………………………………………………………………………………………..
بطاقة الفيلم
إنتاج : جمال الليثي
التوزيع : شركة دولار فيلم
مدير التصوير : كمال كريم
قصة : صبري عزت
سيناريو وحوار : علي الزرقاني، صبري عزت
المونتاج : أميرة فايد
مهندس الصوت : نصري عبدالنور
مدير الإنتاج : محمود فريد
مهندس المناظر : أنطون بوليزويس
المكياج : ميتشو
مساعد المخرج : مصطفى جمال الدين
مساعد المونتاج : فتحي داوود
تصوير المناظر الداخلية : استديو جلال
الطبع والتحميض : استديو مصر
البطولة : عمر الشريف، نادية لطفي، كمال الشناوي، شويكار، عبدالمنعم إبراهيم، فاخر فاخر، فتوح نشاطي، نظيم شعراوي، ثريا فخري، سامية رشدي، محمد أباظة.
……………………………………………………………………………………………………………………..
أحداث عام 1960 السينمائية
* تم إنشاء معمل ” خورشيد” فى طريق الأهرام، لطبع وتحميض الأفلام 35 م،16 م، وأطلق عليه بعد ذلك إسم معامل “اعتماد”.
* تم إقامة أول مهرجان سينمائي دولي بمصر، وهو المهرجان الأفريقي الآسيوي الثاني، وكان المهرجان الأول قد أقيم فى طشقند “الإتحاد السوفيتي”، وشاركت مصر في المهرجان بفيلم “قيس وليلى” إخراج “أحمد ضياء الدين”.
* شاركت مصر في مهرجان “برلين” بفيلم “دعاء الكروان” إخراج “بركات”، كما رشح الفيلم لجائزة ” الأوسكار” لأحسن فيلم أجنبي لعام 1960 .
* ظهر أربعة مخرجين جدد هم “سعد عرفه الذي قدم فيلم ” لقاء في الغروب”، طلبة رضوان “غراميات إمرأة”، شريف زكي “شجرة العائلة”، عدلي خليل “قلب في الظلام”.
* تم افتتاح التليفزيون العربي في 21 يوليو، وشاهدت مصر التليفزيون لأول مرة.
* فاز فيلم “قيس وليلى” إخراج ” أحمد ضياء الدين” بجائزة المركز الكاثوليكي.
* تغير اسم جريدة مصر الناطقة إلى الجريدة العربية.
……………………………………………………………………………………………………………………..
أفلام 1960
عرض خلال عام 1960 مجموعة كبيرة من الأفلام وصل عددها إلى 59 فيلم سينمائي كان أبرزها هذه الأفلام ” نهر الحب، بداية ونهاية، إشاعة حب، المراهقات، ملاك وشيطان، لوعة الحب، بهية، سكر هانم، غراميات إمرأة، العملاق، جسر الخالدين، حب وحرمان، النغم الحزين، بين إيديك، حلاق السيدات، البنات والصيف، عمالقة البحار، بنات بحري، وطني وحبي، غرام في السيرك، سوق السلاح، أنا وأمي، الفانوس السحري، زوجة من الشارع، صائدة الرجال، نهاية الطريق، الرباط المقدس، العاشقة، نداء العشاق، سر إمرأة، مال ونساء، نساء وذئاب، إسماعيل ياسين في السجن” وغيرها من الأفلام.