كتب : أحمد السماحي
“ما دامت مصر ولادة، وفيها الطلق والعاده، حتفضل شمسها طالعه” .. لم أجد أفضل من كلمات شاعرنا الكبير “أحمد فؤاد نجم”، فى نهاية قصيدته “صباح الخير على الورد اللي فتح فى جناين مصر” لأبدأ بها موضوعي عن حفل المطربة الرائعة “آمال ماهر” أمس الذى قدمته أمام سفح الأهرامات، والذى تصدر قائمة الأكثر انتشارا على صفحات التواصل الاجتماعى بعد الدقائق الأولى من انطلاقه.
الحقيقة أننى استحضرت مطلع قصيدة “نجم” بعد أن استمعت وشاهدت خلال الفترة الماضية حفلات مطربينا المصريين الذين يملأون حياتنا بهجة وأمل وتفاؤل، والذين يؤكدون كل يوم أنه فى ظل حالات الإحباط “لسه الأغاني ممكنه”.
فبعد حفل النجمة الكبيرة “أنغام” والكينج “محمد منير”، وقبلهما صوت الإنسانية “محمد ثروت”، قدمت مطربة “الليل والقمر والنيل” آمال ماهر” حفلا رائعا من حيث التنظيم والإضاءة والديكور، كل شيئ في الحفل كان راقيا ويشع بالجمال، حتى طلة المطربة الشابة كانت شبابية بسيطة راقية، أرتدت فيها الملابس السوداء الكجوال، وتجاوبت مع تعليقات جمهور “السوشيال ميديا” الذى تابع الحفل “أون لاين” على موقع الفيديوهات الشهير الـ “يوتيوب”.
إرتباك وخوف
فى بداية الحفل كانت “آمال” خائفة ومرتبكة لهذا لزمت الكرسي الذي طلت به على الجمهور، حتى تمالكت نفسها، وكالفراشة الجميلة زاهية الألوان التى تختال بجمالها ورشاقتها وتتنقل بين الزهور ليشتم جمهور المنازل من كل زهرة أجمل ما فيها، تنقلت بنا المطربة ” أمال ماهر” فى حفلها أمس بين أحدث أغنياتها “اللي قادرة” وقديمها “يا عيني عليكي يا طيبة” الذي يزداد توهجا ولمعانا ويؤكد حسن اختياراتها، ومن شدة حماسي للحفل، جلست على اللاب توب “وشاهدته مرتين لأستعيد ذلك الإحساس الطاغي المليئ بالشجن والمتعة الذي أحسسته وأنا أشاهد وأسمع لأول مرة هذا “الكوكتيل” الرائع الذى قدمته “المطربة الشابة” بتمكن وإبداع على مدى ساعتين إلا ثلث، خاصة إنها قدمت الأغنيات الـ 16 بنفس الإحساس والإتقان الذي قدمتهم بهم وهى تغني في الاستديو، فقد نضجت المطربة الشابة نضوجا جعلها تلامس قلبي بإحساسها الصادق.
أيقونات من المشوار
كان الجمهور على موعد في هذا الحفل مع أيقونات من مشوار المطربة الشابة، التي جعلت حضورها يتزايد لدى عشاق الجملة الطربية المعاصرة من خلال مزجها بين التراثي والمعاصر بقالب جذاب حقق تجاوبا كبيرا لدى جمهور المنازل الذي شاهد الحفل ” أون لاين”، ولا سيما أغنيتي “صافيني مرة والعيون السود” إذ نقلت هاتان الأغنيتان أفئدة الحضور إلى مناخات انسجم فيها الجمهور مع صوت “آمال” وحلقا معا فى سماء المتعة، وكان لفرقة المايسترو “هانى فرحات” أثرا في هذا التلقي من حيث المساندة من عازفي الفرقة ليكون عشاق صوت مطربة “الليل والنيل والقمر” مع ذروة من ذروات التماهي مع كلمات وألحان أعادت روعة الأغنية المصرية ذات القالب اللحني الرشيق والمتدفق من حنجرة “آمال” وقدرتها على تحقيق أعلى نوعية من الأداء الصادق والملتزم بعرب الصوت وتلويناته ضمن الجملة اللحنية الواحدة.
اللي قادرة
بدأت”آمال” الحفل بأداء أشهر أغنياتها حيث قدمت على التوالي أغنيات “يما عز عليا بعادك، أعرف منين، من السنة للسنة، ضميري بيأنبني، قالوا بالكتير، بداية بدايتك، لو كان بخاطري، ما تسبنيش، اتقى ربنا فيا، أديني فرصة، أنت وحدك، طوبة فوق طوبة”، لتكون قلوب محبي الطرب على موعد مع تتر مسلسل “ليه لأ” كلمات الشاعر المتفرد بكلماته “نادر عبدالله”، وتلحين وتوزيع “خالد عز”، وتجلى في هذه المقطوعة هى و” أديني فرصة” عظمة المايسترو “هاني فرحات” في إدارة ذكية لقدرات عازفيه الذين برزوا في أدائهم الجماعي المتآلف، والمنفرد، وخبرتهم الطويلة في تكوين مستويات من الميلودي الإيقاعي الموسيقي، خالصين إلى مستويات لحنية مزجت بين قالب الموسيقى الشرقية، وقالب الموسيقى الغربية.
يا عيني عليكي يا طيبة
بناء على طلب جمهور المنازل الذى كتب يطلبها غنت “آمال”، رائعتها “يا عيني عليكي يا طيبة” كلمات “كوثر مصطفى”، ألحان الموسيقار الكبير “ياسر عبدالرحمن”، وفيها برزت الكلمات والمفردات الأكثر قربا من لغة الناس، حيث يتميز هذا النوع من الكلام بقدرته على الوصول إلى كل الشرائح دون الإسفاف أو امتهان الصورة الشعرية وقدرة الأغنية على مواكبة الظروف اليومية والتعبير عن لسان حال الجمهور.
الكورال والإخراج
لابد ونحن نتحدث عن الحفل أن نشيد بدور “الكورال” الذي تألق بدوره بمصاحبة الآلات الإيقاعية والنحاسية حيث شكلت هذه الآلات خلفية لحنية هارمونية لصوت “آمال” عبر أداء صوتي عالي المستوى أعاد ذكريات حفلاتنا الكبرى، كما لابد أن نشيد بإخراج الحفل الذى قدم لوحات تشكيلية لمنطفة سفح الأهرام وأظهر جمال هذه المنطقة ليلا.
الشيئ الذي أخذه المتابعين للحفل الحركات العصبية الكثيرة التى قام بها المايسترو “هاني فرحات”، والتى أفسدت بعض الشيئ إدراته الناجحة للفرقة الموسيقية، وعدم كتابة أسماء الشعراء والملحنين أصحاب الأغنيات التي تغنت بها “آمال” في الحفل، وإن كانت المطربة شكرتهم جميعا،لكن كان الأجمل أن يكتب على كل أغنية اسم شاعرها وملحنها، كما حدث في حفل المطربة الكبيرة “أنغام”.
وبعد هذا النجاح الكبير للحفل لا أجد أفضل من كلمات “أحمد فؤاد نجم” التى بدأنا بها الموضوع والتى يقول في بدايتها :
صباح الخير علي الورد اللى فتح فى جناين مصر
صباح العندليب يشدي بألحان السبوع يا مصر
صباح الداية واللفة ورش الملح فى الزفة
صباح يطلع بأعلامنا من القلعة لباب النصر
سلامتك يامة يا مهرة
يا حبالة يا ولادة يا ست الكل يا طاهرة.