المحذوف من رائعة “أنا وليلى” لـ “كاظم الساهر”
المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة ،أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أو حذفها.
كتبت : صبا أحمد
كالورد حين تعصره فيخرج أجمل الروائح هكذا كان قلب “حسن المراوني” صاحب قصيدة “أنا وليلى” الذي جرحته “ليلي” واستعذبت آناته، بعدما أحبها لدرجة العشق فطعنته في قلبه وهجرته وخطبت لشاب آخر أغني منه، فكتب هذا الشاب الفقير في رثاء حبه واحدة من أجمل قصائد رثاءات الحب في العصر الحديث.
الطريف أن بعد ظهور القصيدة للنور بصوت “كاظم الساهر” عام 1998 اهتم بها الشعراء والنقاد والصحافيين، وادعى ثلاثة شعراء عراقيين بأنها من نتاجاتهم وهم “حسن المرواني، خالد الشطري، هادي التميمي”، لكن الثابت رسميا في جمعية المؤلفين والملحنيين والذي يأخذ حق أداء علني عن القصيدة هو “حسن المراوني” الذي لم تحظي له قصيدة أخرى بنفس نجاح “أنا وليلى”، والتي فازت بالمرتبة السادسة عالميا في استفتاء إذاعة” BBC “.
هذه القصيدة أو الرثاء العاطفي انتقي منه “كاظم الساهر” ما يناسبه وغناه بصوته، مع قيامه ببعض التعديلات فى بعض المفردات، واليوم ننشر القصيدة كاملة مع تلوين الأبيات التى لم تغن باللون الأحمر، وفي حالة تبديل كلمة بأخرى ستجدون الكلمة المحذوفة باللون الأحمر مع وجود الكلمة الجديدة التى اختارها كاظم.
تقول كلمات القصيدة التي تنشر كاملة :
أنا وليلى واشطبوا أسماءكم
يسألونني ما دامت قد رحلت من حياتك
لمَ لا تبحث عن أخرى غيرها؟
أتدرين ماذا كنت أقول لهم؟
لا بأس أن أشنق مرتين ..
لا بأس أن أموت مرتين ..
لكنني بكل ما يجيده الأطفال من إصرار
أرفضُ أن أحب مرتين ..
ماتت .. بمحراب عينيك ابتهالاتي
واستسلمت لرياح اليأس راياتي
جَفّت على بابك الموصود أزمنتي ليلى
و ما أثمرت شيئاً عباداتي
معذورةٌ أنت إن أجهضت لي أملي
لا الذنب ذنبك بل كانت حماقاتي
أنا الذي ضاع لي عامان من عمري
باركتُ وهمي وصدّقتُ افتراضاتي
عامان ما رفَّ لي لحن على وترٍ
و لا استفاقت على نورٍ سماواتي
أُعَتّقُ الحبَّ في قلبي وأعصرهُ
فأرشف الهَمَّ في مُغبَّرِ كاساتي
وأُودِعُ الوردَ أتعابي وأزرعهُ
فيورق الشوك ينمو في حشاشاتي
ما ضَرَّ لو عانق النوروز غاباتي
أو صافح الطلُّ أزهاري الحزينات
ما ضرَّ لو أنَّ كفاً منك حانيةً
تمتد تنفض آلامي المريرات
ممزق أنا لا جاه ولاترفٌ
يغريك فيَّ فخليني لآهاتي
لو تعصرين سني عمري بأكملها
لسالَ منها نزيفٌ من جراحاتي
كلُّ القناديل عذبُ نورها
وأنا تظلُّ تشكو نضوب الزيت مشكاتي
لو كنت ذا ترف “من مازن” ما كنت رافضةً حبّي
ولكنَّ عسر فقر الحال مأساتي
فليمضغ اليأسُ آمالي التي يبسَت
و ليغرِق الموجُ يا ليلى بضاعاتي
عانيت ..عانيت .. لا حزني أبوحُ به
ولستِ تدرين شيئاً عن معاناتي
أمشي وأضحك يا ليلى مكابرةً
علّي أخبي عن الناس احتضاراتي
لا الناس تعرف ما خطبي فتعذرني
ولا سبيل لديهم في مواساتي
يرسو بجفنَيَّ حرمانٌ يمص دمي
ويستبيحُ إذا شاء ابتساماتي
ينزُّ من حدقتيّ الشوق أسأله
لمن أبث تباريحي الممضات
أضعت في عرض الصحراء قافلتي
وجئت أبحث في عينيك عن ذاتي
أتيت أحمل في كفيَّ أغنيةً ..
عنوانها أنت يا أحلى حكاياتي
حتى إذا انبجست عيناك في أفقي
وطرّزَ الفجَرُ أيامي الكئيبات
وجئت أحضانك الخضراء منتشياً ..
كالطفل أحمل أحلامي البريئات
غرستِ كفكِ تجتثين أوردتي ..
وتسحقين بلا رفق مسراتي
واغربتاه.. مُضاعٌ هاجرتْ مدني عنّي
وما أبحرت منها شراعاتي
نفيتُ واستوطن الأغراب في بلدي
و دمروا كل أشيائي الحبيباتِ
خانتك عيناك ــ فاستسمنت ذا وَرَمٍ ــ في زيف وفي كذب
أم غرَّك البهرج الخداع مولاتي
فراشةٌ .. جئت أُلقي كُحلَ أجنحتي
لديك فاحترقت ظلماً جناحاتي
أصيحُ والسيف مزروعٌ بخاصرتي
و الغدرُ ــ ينهش ــ حطم آمالي العريضاتِ
وأنتِ أيضاً ألا تبّت يداك ..
إذا آثَرتِ قتليَ واستعذبتِ أناتي
هل يمّحي طيفك السحري من خلَدِي
وهل ستنشق عن صُبحٍ دُجُنّاتي
مَن لي بحذف اسمك الشفاف من لغتي
إذن ستمسي بلا ليلى ــ قصيداتي ــ حكاياتي