محمد عادل .. نموذج يحتذى للممثل العصامي
كتب : مروان محمد
العِصامي هو من ساد بشرف نفسه، ويقابله العظاميّ، وهو من ساد بشرف آبائه، لذا “كُنْ عصاميًّا ولا تكن عِظاميًّا واشْرُفْ بنفسك لا بآبائك الذين صاروا عظامًا”، تلك هى الحكمة التي آمن بها ضيفنا هذا الأسبوع في باب “نجوم على الطريق، والذي اعتمد في مسيرته الفنية العصامية على الجسم والصوت كأداتين رئيسيتين في حياته المهنية، حين قرر الدخول عالم التمثيل الرحب منذ أن كان طفلا صغيرا، وهذا ربما جعل إدراكه للشخصية التي يمثلها على المسرح أو السينما أو في التليفزيون شيئا مرئيا ومسموعا من قبل المشاهدين، وهذا يحتم على الممثل لكي يصبح فنانا ناجحا أن يتعلم أفضل السبل التي يمكنه بها استعمال وسائله وأدواته الذاتية بشكل مؤثر، فكما يتطلب من الرسام معرفة الوسيلة التي يستخدمها لمزج ألوانه رغبة في الحصول على اللون الصحيح والتأثير من خلاله على المتلقي.
كذلك كان الفنان الشاب “محمد عادل” الممثل الذي يتوجب عليه أن يعرف كيف يستخدم صوته وجسمه للحصول على التأثيرات المطلوبة لأشكال من الانفعالات الداخلية والخارجية، مثل الكراهية، الغضب، والتعجب، والرعب، والبهجة، والحنان، وعذاب الضمير، وتوقع الشر، والأسلوب الذي يستخدمه الممثل بواسطة وسائل التعبير يشكل بحد ذاته حرفية الممثل البراعة والخيال، تماما كما فعل “عادل في مراحل مختلفة من حياته الفنية، وكانت بداياته من خلال المسرح الذي ورث حبه وعشقه له من والده “عادل ماضي” ووالدته “سمر عبدالوهاب” الممثلين المسرحيين، إذ شارك في العديد من المسرحيات ثم الأفلام القصيرة، قبل أن يقتحم مجال الدراما التليفزيونية من خلال مسلسل “الجامعة” للمخرج هاني خليفة، الذي حقق نجاحا كبيرا، وكانت تجربة شبابية معتمدة على الوجوه الجديدة.
ولد “محمد عادل” في 14 أبريل 1986، وبحكم انتمائه لعائلة فنية فقد دخل الوسط الفني وعمره ثلاث سنوات، ووقف على خشبة المسرح وهو صغير، لذلك اختار طريق الفن وأصرّ على المضي فيه بطريقة عصامية، وقد بدأ حياته العملية بعد أن حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج عام 2011، وكان رئيسًا لأتحاد الطلاب، و بدأ مشواره الفني من المسرح، فشارك في عدة من المسرحيات ثم شارك في بعض الأفلام ثم انتقل إلى الدراما التلفزيونية.
كانت بدايته الحقيقية من خلال برنامج “خطوات الشيطان”، مع معز مسعود، وشاركته البرنامج الفنانة ياسمين صبري، والذي كانت فاتحة خير عليه من خلال تجسيد بعض الشخصيات في الحكايات التي كان يقدمها البرنامج، لكن يبقى أقرب الأعمال إلى قلبه – بحسب قوله – دور “محمود” في مسلسل طريقي مع الفنانة شيرين عبد الوهاب، وربما كان سبب شهرته وبداية الالتفات إلى موهبته كممثل شاب في هذا المسلسل أن غنت شيرين له بعد موته أغنية “كده يا قلبي”، ومن أوائل الأعمال التي شارك بها مسلسل حكايات وبنعيشها: (كابتن عفت) مع الفنانة ليلى علوي عام 2010.
توالت أعماله بعدها، ومن أبرزها في السينما أفلام (لا مؤاخذة، الجزيرة 2″، ثم قدم للتليفزيون عددا من الأعمال منها: “سجن النسا، دهشة، من الجاني، بعد البداية، الكابوس، الطوفان”، وشارك بدور “العسكري بشير” في مسلسل “أستاذ ورئيس قسم”، والذي حقق له شهرة واسعة، حيث يستشهد “بشير” في الحلقات الأخيرة من المسلسل في أثناء عملية إرهابية على كمين للجيش المصري.
وبالرغم من مشواره الفنى القصير، إلا أن الفنان الشاب “محمد عادل” قدم عددا من الأدوار التى وضعته فى مكانة خاصة، وترك من خلالها بصمة واضحة فى التلفزيون والسينما تحديدا، وأشاد بها الجمهور والنقاد، فقد جسد شخصية “دودة” فى فيلم “الكهف”، وهو الشاب الذى يعيش فى إحدى الحارات الشعبية، ويقوم ببيع مخدرات، والفيلم بطولة روجينا، محمود عبد المغنى، ماجد المصرى وآخرين.
و من خلال مشاركته فى مسلسل “الطوفان”، قدم محمد عادل شخصية “يوسف” الابن الأصغر الطيب الشقى المتعلق بوالدته بشكل كبير، وقد حقق عادل من خلال هذا المسلسل نجاحا كبيرا، وشاركه العمل كل من روجينا، آيتن عامر، فتحى عبد الوهاب، ماجد المصرى، أما فى فيلم “جواب اعتقال” فتألق “عادل” فى شخصية “أحمد” الأخ الأصغر للفنان محمد رمضان، الذى يرغب فى الانضمام إلى الجماعات الإرهابية، ويحاول شقيقه منعه بشتى الطرق، إلا أنه ينضم إلى أن يتعرض فى العمل إلى خلاف بين أحد أفراد هذه الجماعة، يسفر عن قتله فيسعى شقيقه للانتقام من الجماعة.
وجسد محمد عادل شخصية “أكرم” ابن الفنان سيد رجب “عبد الحميد” و”عايدة” التى تجسد دورها الفنانة سوسن بدر، فى مسلسل “أبو العروسة – بجزئيه الأول والثاني”، وهو الدور الذي لفت الأنظار إليه أكثر، حيث لعب دور خريج جامعة لكنه لا يعمل فلا يزال يحصل على مصروفه من والده، ورغم أنه الابن الأكبر لأسرته، إلا أنه المدلل والأقرب إلى قلب والدته، ولكن بعد فترة وتجربة حب فاشلة تتغير شخصية ويسلك الطريق الأفضل في الحياة من خلال الانخراط في الأعمال الخاصة تارة على سيارة عمه عن طريق “أوبر” وتارة أخرى من خلال شركة صغيرة تكبر شيئا فشيئا، لكن سرعان ما يواجه الانهيار من جديد.
ولقد حقق “محمد عادل المعادلة الصعبة في مسلسل “الطوفان”: حيث كان لديه تجارب غنائية ونجح “ميدو” في لفت الأنظار إليه من خلال هذا الدور، حيث إنها المرة الأولى التي يغني ويمثل بالدراما، لكن بفضل ما يتمتع به من موهبة فنية، أصبح واحدًا من أفضل الوجوه الفنية الشابة الصاعدة، حيث يعيش حاليًا حالة من النشاط الفني سواء على الصعيد الدرامي أو السينمائي.
وقد أثبت “محمد عادل نفسه كممثل له أسلوب خاص في الأعمال الاجتماعية والأسرية من خلال مسلسلي “الحصان الأسود” و”رمضان كريم”، والعملان لقيا نجاحا كبيرا جدا، وكان دوره في كل منهما مختلفا تماما عن الآخر، وهو ما يحاول جاهدا أن يحرص دوما في أعماله لأحداث التنوع المطلوب، خاصة في تلك الأعمال التي يدرك أن موعد عرضها في نفس التوقيت، ففي “رمضان كريم” لعب دور شخص شيك جدا يرتدي أثمن الملابس، وفي النهاية نكتشف أنه نصاب وانتهازي، وفي “الحصان الأسود” جسد شخصية مخرج “دماغة مطرقعة” وله ستايل غريب تماما، وهما شخصيتان أبعد ما يكونان عنه، لكنه نجح في التعبير عن مشاعر الشخصيتين في آن واحد.
وعن دوره في مسلسل “المغني” يقول “محمد عادل” أنه من أفضل أدواره، وعلى العكس من منتقدي المسلسل – على الرغم من إقراره أن العمل لم يكن رائعا – بل كان ممكناً أن يكون من أفضل مسلسلات رمضان لو تولّاه مخرج آخر، ورغم ذلك فيرى إن دوره فيه كان من أفضل الأدوار التي قدمها في مشواره الفني مؤكدا وبصراحة، أن نجم العمل “محمد منير” أكثر من تعرض لأذى، لأنه خاض أكثر من تجربة ناجحة من خلال أعمال سابقة، مثل: “المصير، وحكايات الغريب، وجمهورية زفتى”، لذا دائما ما كان يوضع في مقارنة ظالمة جراء تلك الأعمال القيمة في مسيرته الفنية الطويلة، فضلا عن أفلام مهمة قام بالتمثيل فيها وهى تعد علامات بارزة في تاريخ السينما المصرية.
في رحلة “محمد عادل” الفنية كثير من الأدوار المهمة والصعبة في حياته، ومنها دوره في مسلسلات “رأس الغول، وسجن النساء، و”مريض التوحد” فى مسلسل “أمر واقع”، و”حسن العطار” فى ملحمة “الأب الروحى”، والذين كانوا في بدايات صعوده سلم النجومية، لكن يبقى دوره لشاب صعيدى تماماً وشرير بمسلسل “أفراح إبليس”، واحدا من أدواره المهمة وصولا إلى مسلسل “ليالينا 80” في موسم رمضان 2020، الذي يعتتبر أهم العلامات الناضجة التي تؤكد موهبته في تجسيد الأعمال التراجيدية بحس إنساني يضفي نوعا من المصداقية والأحساس العالي بمشاكل البسطاء من أبناء الشعب المصري الذين يشبهوننا في الشوارع والحارات الشعبية، في الأزقة والحواري، فكثيرا ما نواجههم في مسيرة حياتنا في الريف والحضر، ولأنه واحد من هؤلاء فقد عبر عنهم “عادل” بكثير من الشفافية والصدق الفني بمشاعر متدفقة تدل على إلمامه بقضايا مجتمعه المصري.. تحية لهذا الفنان الشاب “محمد عادل” الذي يعد مثالا يحتذى للفنان العصامي بصبره وجلده ومواجته لكافة التحديات في حياته المهنية.