سراج منير.. هجر الطب وعشق التمثيل
بقلم : سامي فريد
سراج منير عبد الوهاب حسن .. ابن الأكابر، كان أبوه مدير التعليم في وزارة المعارف (عبد الوهاب بك حسن) وشقيقيه المخرجين (فطين عبد الوهاب، وحسن عبد الوهاب)، من المدرسة الخديوية إلى دعوة لحفل يشترك فيه كل أصحابه بالتمثيل الذي عشقه فانظم لفريق التمثيل بالمدرسة ، لكن ولأنه ابن أكابر فلم يكن يقبل إلا الأدوار المحترمة.
وبالفعل درس الطب وهجره لممارسة الفن واتجه للتمثيل، ثم جاءت الصدفة لتنقذه من الموت في الحرب العالمية الثانية عندما استدعته إحدى الفرق المسرحية في مصر للعمل بها فسافر عائدا إلى بلاده لتقوم الحرب في أوروبا بعد أيام.
وفي القاهرة عمل مترجما بمصلحة التجارة ثم انضم لفرقة رمسيس مع يوسف وهبي ، ثم من المسرح بدأ عمله في السينما عندما اختاره المخرج محمد كريم زميله في دراسة الإخراج في ألمانيا لبطولة الفيلم الصامت (زينب) مع الفنانة بهيجة حافظ، بعدها بدأ نشاط سراج منير يمتد إلى الأفلام فاشترك في عدد من الأفلام الجادة، ولن ينسى له المشاهدون أدواره في أفلام مثل (رابحة، عنتر وعبلة، البؤساء، رصاصة في القلب، بنت الريف، أسير الظلام، عنتر بن شداد أو أمير الانتقام، ومعلش يازهر، عنتر ولبلب أمام النجم محمود شكوكو)، أو أفلام (دهب، جعلوني مجرما، نهارك سعيد أمام منير مراد، ثم بنات اليوم، لحن الخلود) وغيرها.
حتى كانت نقطة التحول في حياته مع زكي طليمات الذي اختاره في أوبريت “شهرازاد” ليلعب دور “مخمخ” فاعتبرها سراج منير إهانة، لكن زكي طليمات أصر إلى أن أقنع “سراج” بأن يلعب الدور، والذي من خلاله اكتشف سراج منير موهبته كممثل كموميدي أيضا حتى جاء دوره ليلعب بطولة مسرحية “سلك مقطوع” الهزلية مكان فؤاد شفيق الذي اعتذر لمرضه، وكانت المسرحية أيضا من إخراج زكي طليمات.
ثم جاء نجاحه المذهل في فيلم (عنتر ولبلب) حيث كان نجاحه في هذا الفيلم بمثابة التوازن في حياته بين الأدوار الجادة والأدوار الهزلية.
لكن سراج منير لم ينسى المسرح فقد انضم لفرقة نجيب الريحاني، وأصبح من نجومها، بل وأصبح ندا للعملاق نجيب الريحاني الذي استطاع سراج منير أن يسد غيابه بعد وفاته فراح يضم العديد من شباب الممثلين إلى الفرقة كي تستمر.
لكن ومع الأيام تحدث الكارثة عندما تدهورت صناعة السينما بعد دخول أغنياء الحرب في الإنتاج فقرر سراج منير أن يدخل ميدان الإنتاج ليكون منتجا مثاليا وراقيا يعيد إلى السينما مجدها.
ويختار سراج منير قصة وطنية تصور مرحلة من تاريخ مصر وتعالج الفساد والرشوة التي كانت قد سادت البلاد في ذلك الوقت، فيختار قصة عن “حكم قراقوش” ويعرض الفيلم عام 1953، وقد كلف إنتاجه 40 ألف جنيه أما إيرادته فلم تتجاوز العشرة آلاف جنيه، بعد أن جمع سراج منير كل مايملكه ويرهن الفيلا التي يسكنها هو وزوجته (أمنية شكيب) أو (ميمي شكيب) التي عاش معها حياة زوجية سعيدة دامت 15 عاما، ثم تأتي الخسارة بصدمة عصبية شديدة فتصيبه بالذبحة الصدرية بعد أن كان في تمام صحته وعافيته.
والمثير للدهشة أن أول أجر تقضاه سراج منير في السينما كان 150 جنيه عن دوره في فيلم (زينب)، أما آخر أجر فكان رغم رسوخه في التمثيل هو ثلاثة آلاف جنيه !!، وبالطبع لن نقارن ماكان يتقاضاه سراج منير في الخمسينات بما يتقضاه أبناؤه اليوم بالملايين من عملهم في السينما.
ثم يعود سراج منير المخرج أيضا فقد أخرج للمسرح عشقه القديم 5 مسرحيات كان آخرها “اللي يعيش ياما يشوف” عام 1956.
ولزواج سراج منير من ميمي شكيب حكاية كبيرة، فهي وشقيقتها (زينب شكيب) أو (زوز شكيب) ينتميان إلى عائلة أرستقراطية، ولعل هذا كان هو السبب في رفض زواج ميمي شكيب من سراج منير، لكن داوم على حبه لها وإصراه على الزواج منها حتى تم ما أراد، وكانت ميمي هى زوجته الوحيدة، وكان هو أيضا زوجها الوحيد رغم وفاتها بعده بعشرين عاما.
وكان من أشهر الأفلام التي جمعت بين الزوجين أفلام مثل ( الحل الأخير، بيومي أفندي، نشالة هانم، ابن الذوات، كلمة الحق).
وكانت مكالمته الأخيرة لها بعد رحلة طويلة له مع فرقة الريحاني في الإسكندرية عندما اتصل بها تليفونيا لتطمئن عليه، ثم يقول لها: مساء الخير ياحبيبتي ويضع السماعة لينام وقد مات بعدها مباشرة، وهكذا كانت نهايته عام 1957 في شهر سبتمبر، أما ميلاده فكام عام 1904 في يوليو.
وقد عرف عن سراج منير ثقافته العالية وإدمانه على القراءة، وكان واحدا من أكثر الفنانين اتقانا للغة العربية ونحوها وصرفها، حيث كان يلجأ إليه زملائه من الممثلين ليراجعوا أدوارهم معه ليضبط لهم كل كلامها يرحمه الله.