عادل إمام ذخيرة البهجة وراعي الكوميديا
بقلم : محمود حسونة
في آخر مشاهد مسلسل ” فلانتينو” لنجم النجوم عادل إمام، وخلال نظر المحكمة قبول أو رفض دعوى زوجته (دلال عبد العزيز) للحجر عليه بعد اكتشافها زواجه من (داليا البحيري)، ظهر له ثلاثة أولاد من زيجات أخرى، وهو ما أثار حفيظة بعضهم واعتبروا أن نهاية المسلسل غير منطقية، وخصوصاً أن أولاده “الجدد” أكبر سنًا من أولاد زوجته المعلنة والمفترض أنها الأولى.
لا أعتقد أن هذا المشهد كان مكتوباً في سيناريو أيمن بهجت قمر، ولا أعتقد أنه جاء بناء على طلب رامي عادل إمام تطبيقاً لرؤية إخراجية معينة، ولكنني أجزم أنه أضيف بناءً على طلب من الأستاذ والمعلم عادل إمام، ليمنح إطلالة عبر مسلسله للثلاثي الكوميدي الشاب علي ربيع ومصطفى خاطر ومحمد عبد الرحمن، فيبارك حضورهم ويؤكد أنهم من المواهب التي ستتحمل مسؤولية الكوميديا مستقبلً.
المشهد رمزي، وينبغي أن يتعامل معه المشاهد والناقد من هذا المنطلق، ولو كان مشهداً طبيعياً ما استلزم أن يؤديه هؤلاء النجوم الجدد، ولكنهم أرادوا أن يعبروا إلى المستقبل من بوابة زعيم الكوميديا في العالم العربي، وهو أراد في المقابل أن يمنحهم شهادة الاعتماد، مثلما منحها لزملائهم ولنجوم أجيال سابقة في مجال صناعة الضحك، وقد أفرد لزميلهم حمدي الميرغني مساحة جيدة بجانبه طوال هذا العمل.
وجود عادل إمام ذاته في “فلانتينو” رمزي، فهو لم يسع إلى تقديم ذاته أو يجدد قدراته أو ينشط كوميدياه، بقدر ما سعى إلى تقديم مجموعة من المواهب الجديدة إلى جمهوره، أو أن يعيد مع محبيه اكتشاف مواهب معروفة؛ لذا، لم يكن الزعيم مشغولاً بصناعة إفيه بقدر ما كان حريصاً على أن يمهد الطريق أمام حمدي الميرغني ليثبت قدميه كوميديّاً، وهو يجاور “الزعيم” في هذا المسلسل، فمشاهد كل منهما تكاد تكون متساوية، ويكاد حمدي أن يكون ظلاً للنجم الكبير خلال الحلقات الثلاثين، وجاءت مشاهد الزعيم من دونه محدودة.
لم يكن حمدي الميرغني وحده الذي حرص عادل إمام على تقديمه في “فلانتينو”، بل جاء المسلسل زاخراً بالوجوه الشابة، ولعل الأكثر استفادة بعد حمدي هم “أبناء فلانتينو” محمد كيلاني (أرشميدس) وطارق الإبياري (رفاعة) وهدى مفتي (نبوية)، والأخيرة من العناصر التي حققت تميزاً في خلق ملامح شخصية الفتاة المنكبة على التعليم وغير الملتفتة لمفردات الحياة الأخرى.
لا ينكر أحد ضعف النص وضياع القضية التي يناقشها، وهل هي قضية التعليم الخاص ومصاريفه المرهقة وصراع حيتانه، أم هي قضية تسلط الزوجة أم الزواج بأكثر من امرأة، أم عدم أمانة الخدم والسائقين، أم ضياع الأولاد وتفكك الأسر؟!
لا شك أن ضعف النص انعكس ترهلاً في بعض الحلقات، ولكن لا ينبغي مساءلة عادل إمام عن ذلك، فقد أصبح الرجل رمزًا في حياتنا، وكلنا نعرف أن إطلالته تبهج القلوب، وتواجده يضيء على من حوله ويعطي للموسم نكهة مختلفة.
لا أعتقد أن الزعيم شارك في “فلانتينو” لينافس على المركز الأول في استطلاعات الرأي، ولا بهدف الاستحواذ على الكاميرا أو الأضواء، ولا بهدف صناعة إفيه يثير ضحكات الناس، بل بهدف أن يؤكد استمرار عطاءه ويبهج عشاقه ويقدم لهم مواهب آمن بها ووجد واحباً عليه دعمها، وليبقى “الذخيرة” التي تبارك كل المواسم، وتبهج الجمهور لمجرد وجودها على الشاشة.
أعمال عادل إمام نالت المراكز الأولى على مدار تاريخه، واحتكر أعلى الإيرادات سينمائيًا ومسرحياً، وأعلى مشاهدة تليفزيونياً، وحقق من النجاح مالم يحققه السابقون ولا سهلاً أن يحققه اللاحقون بعد أن ملأ الدنيا ضحكاً عبر نصف قرن، وسيظل يضحكنا ويضحك أبناءنا وأحفادنا لأجيال وأجيال، ولا نتمنى سوى أن يديم الله عليه نعمة الصحة وأن يظل بيننا مشعاً، ومصدراً للفرح والبهجة، ومعلماً وموجهاً لمواهب المستقبل في التمثيل والكوميديا.
mahmoudhassouna2020@Gmail.com