توجو مزراحي رائد الإخراج والسينما الغنائية
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو ” سيلفي” بلغتنا الآن.
كتبت : سما أحمد
الصورة التى نعرضها اليوم في باب “سيلفي نجوم زمان” لرائد الإخراج والسينما الغنائية المخرج “توجو مزراحي” الذى نحتفل هذه الأيام بذكرى رحيله – حيث يعتبر شهر يونيو هو شهر ميلاده ووفاته “2 يونيو 1901 / 5 يونيو 1986” -والصورة تجمعه مع النجم الكبير “علي الكسار” والفنان “فوزي الجزايرلي” والفنان “مراد شكري”.
من المعروف أن “مزراحي والكسار” اجتمعا كمخرج وممثل فى أكثر من فيلم سينمائي مثل “خفير الدرك، الساعة 7، عثمان وعلي، وسلفني تلات جنية، على بابا والاربعين حرامى، نور الدين والبحارة الثلاثة” وغيرها.
ويعد “توجو مزراحي” ثاني أهم الشخصيات اليهودية في تاريخ السينما المصرية بعد “وداد عرفي” وأكثرها أهمية في تأثيرها، قدم نفسه فى البداية للفن باسم مستعار هو “أحمد المشرقي” حيث عمل ممثلا فى بعض الأفلام الصامتة، وهو المؤسس الحقيقي لفن الإخراج السينمائى فى مصر، ورائد السينما الغنائية، وقدم من خلال السينما المصرية حوالي 35 فيلما سينمائيا مازالت محفورة فى وجداننا وذاكراتنا رغم أنها كانت فى بدايات السينما وقدمت في فترتي الثلاثينات والأربعينات.
ولد “توجو مزراحي” في الإسكندرية لأسرة يهودية من أصل إيطالى ميسورة الحال وتعمل فى صناعة وتجارة المنسوجات وصناعات أخرى، وكانوا يحلمون أن يعمل إبنهم فى نفس مهنتهم، إلا أنه ضرب بنصيحة الأسرة وحلمهم عرض الحائط، وسافر فى سن صغيرة حوالي 18 عاما إلى فرنسا لاستكمال دراسته هناك، لكنه وقع في عشق السينما والفن الوليد، فقرر أن يهب حياته لهذا الفن، وسافر إلى “إيطاليا وألمانيا” للتعرف على فن السينما الساحر الذي خطفه وشغل باله، وبعد عودته فى نهاية العشرينات سعى إلى إنشاء ستديو سينمائي بمدينة الإسكندرية، وانضم معه منذ البدايات المصوران الرائدان “عبده نصر وشقيقه محمود نصر”.
سلامه وليلى
ولا يمكن أن ينسى أحد لهذا الرائد اشتراكه مع المخرج “أحمد بدرخان” في إنشاء “نقابة السينمائيين المصريين”، وعلى مدى مشواره أنتج وأخرج العديد من الأفلام الغنائية الشهيرة، فهو مثلا منتج ومخرج فيلم “سلامه” لكوكب الشرق أم كلثوم، الذي حقق نجاحا خياليا، كما قدم سيندريلا السينما الغنائية “ليلى مراد” فى العديد من أفلامها الغنائية التى حققت نجاحا ورسخت وجودها كنجمة غنائية من طراز رفيع، وبعد نجاح فيلمهما “ليلى” سن تقليد جديد بأن جعل كثير من الأفلام تحمل اسمها مثل “ليلى بنت الريف، ليلى بنت مدارس، ليلى فى الظلام” فضلا عن فيلمهما الجميل ” ليلة ممطرة”.
الرحيل
رغم أنه كان يهوديا لكنه كان عاشقا لمصر، وبعد حرب فلسطين عام 1948 كان الجو العام وقتها ضد كل ما هو يهودي، فاقترح أهله وأصدقائه عليه الهجرة لإسرائيل، وعرضت عليه إسرائيل السفر إليها على أن توفر له المنزل اللائق والعمل الفني الذي يليق بمشواره، وغيرها من الإغراءات المادية والمعنوية، لكنه رفض رفضا قاطعا، وسافر إلى موطن أسرته فى إيطاليا، وظل هناك حتى وفاته يوم 5 يونيو عام 1986 .