المصريون والفلسطينيون يذرفون الدمع على “منسي”
كتب : شهريار النجوم
جدد مشهد استشهاد العقيد أحمد منسي قائد الكتيبة 103 في الحلقة 28 من مسلسل “الاختيار” الأحزان في نفوس ملايين المصريين على وظلت مواقع التواصل الاجتماعي المصرية والفلسطينية تنعي بالدموع شهيد الوطن الذي لقي ربه في كمين البرث أثناء تصديه وزملائه مجموعة من التكفيريين الذي خططوا لاغتياله بعد أن حقق انتصارات كبيرة عليهم وأوقع مئات القتلى في صفوفهم بحيث أصبح شوكة في ظهورهم، ما دفعهم للتخطيط في عملية من شأنها الخلص منه في أقرب فرصة ممكنة، وقد بدأت أحداث الحلقة المثيرة بانتشار مكثف من التكفيرين والجماعات المسلحة حول كمين البرث، وذلك للهجوم على أبطالنا ومعهم وحوش كتيبة 103 صاعقة، تحت قيادة المقدم أحمد منسى، حيث دافع وحوش الأرض عن آخر حبة رمل من أرض سيناء الغالية وراح ضحية الهجوم الإرهابي ما يقرب من 26 شهيدًا من جنودنا البواسل في معركة تعد الأشرس في تاريخ المواجهات مع جماعات الشر في سيناء.
هذا وأعادت الحلقة 28 إلى الأذهان ملحمة وطنية وفداء من المنسي ورجاله، وكذلك الدفاع عن بعضهم البعض وعدم الاستسلام، ونجحوا في إسقاط عدد كبير من التكفيريين، حيث كان العهد بين المنسي ورجاله خلال المعركة: “على العهد يا رجالة محدش من التكفيريين يدخل الكمين هنقف لآخر نفس وآخر طلقة.. مياخدوش حد مننا”، كما شهدت أحداث الحلقة استشهاد خالد دبابة، أثار اصطدام مدرعته في عربة مفخخة أثناء ذهابه لمساندة أحمد المنسي، وقام أحمد المنسي بقتل الإرهابي أبو سعد الجنوبي عند اقتحامه للكمين، وهو يقول “هما مبيستسلموش ليه”، ليقوم المنسي بتصفيته قائلا: “اسمهم شهداء مش طواغيت”، وظل يدافع أحمد المنسي عن الكمين حتى آخر نفس، وقام بمفرده بتصفية عدد كبير من التكفيريين ومنعهم من دخول الكمين، ليقوم أحد التكفيريين بقنصه ليستشهد وهو حاملا سلاحه ويدافع على أرضه ووطنه وزملائه.
جدير بالذكر أن ملحمة “البرث” للشهيد أحمد منسى ورفاقه، تظل أحد أهم المعارك ضد الجماعات الإرهابية بشمال سيناء، والتى استشهد فيها الشهيد أحمد صابر منسى، ورفاقه، وهم يدافعون عن كمين البرث “قصر راشد” بمدينة رفح، وحيث تقع منطقة البرث جنوب مدينة رفح، بالقرب من المنطقة الحدودية بين رفح والشيخ زويد، ولذلك يعتبر موقعها ذات أهمية من الناحيتين اللوجيستية والأمنية، لما تتميز به من تمركز فى وسط كافة التحركات بالمدينيتين، وكانت معركة البرث هى بداية لمرحلة أخرى من المواجهات مع العناصر الإرهابية، استطاعت فيها القوات المسلحة والشرطة المدنية، والمواطنين الشرفاء من أهالى سيناء، فى القضاء على عدد كبير من العناصر والبؤر الإرهابية.
بدأ الهجوم على الكمين، فيما كانت الخدمات فى الموقع تقوم بمهامها اليومية فى عمليات الحراسة والتمشيط، ظهرت عن بعد سيارة مفخخة، والتى تم تدريعها مسبقا من العناصر الإرهابية، وتزويدها بمواد تفجير شديدة الانفجار، وبمجرد قربها من الكمين، بدأت الحراسة تنادى “حرس سلاح”، وهى الكلمة التى تعنى الاستعداد للتعامل مع هدف مجهول ومحتمل خطورته، وبدأ إطلاق النيران من القوات على السيارة التى اقتربت من الكمين، ولشدة تدريعها ومع كثرة أطلاق النيران انفجرت قرب الكمين، وفى الوقت الذى كانت عربيات الدفع الرباعى للعناصر الإرهابية تظهر لمحاوطة الكمين.
ومن جانبها بدأت العناصر الإرهابية المختبأة فى محيط الكمين فى الظهور، بأسلحة متعددة تنوعت بين “النص بوصة” و “الأربى جى” و كافة أنواع المقذوفات، التى يمكنهم من خلالها تحقيق الهدف بتدمير الكمين، والقضاء على منسى ورفاقه، فى الوقت الذى تتحرك فى سيارتى دفع رباعى مفخختين جهة الكمين، أحدهما انفجرت فأحدثت هزة مدوية ترج أنحاء المنطقة، واستشهد فى ذلك الانفجار عدد من أبطال الكمين، وبدوره بدأ المقدم أركان حرب وقتها، الشهيد أحمد صابر منسى، يبلغ قيادة الجيش، بما يحدث فى “اللاسلكى”، وحتى يتم المتابعة بين الكمين والقيادة، وخروج الطيران، فيما قام بتوجيه أبطاله بالقيام بما تعلموه خلال التدريبات فى الفترة الماضية، فكان الضابط ” محمد صلاح” يبلغ المدفعية بأحداثيات الموقع الذى يتواجد فيه الإرهابيين لاستهدافهم، بينما كان الشهيد فراج يتعامل مع الأهداف، من فوق سيارته المدرعة، ولكن رصاصات الغدر أصابته فى بداية المعركة واستشهد، ومعه الظابط حسنين وعدد من الجنود.
في هذا اليوم المشهود كان كافة الأبطال فى كمين البرث يدافعون بكل شراسة، ضد كافة أشكال التعامل من العناصر الإرهابية، ومنهم الرائد الشهيد أحمد عمر شبراوى، من مواليد محافظة الشرقية، ومتخرج فى الكلية الحربية الدفعة 101، وأحد الحاصلين على فرقة مكافحة الإرهاب من إيطاليا، وعمل فى سيناء منذ 2013 حتى استشهاده، دفاع وبسالة الرائد أحمد شبراوى، جعلت الإرهابى الذى يهاجم الكمين يهتف من الرعب “إيش هذا”، مستغربا من قوة الإطلاق النيرانى من شبراوى، رغم ما يملكونه من سلاح، وما قاموا به من عملية التفجير للسيارة المفخخة، فقد كان يتوقع أن يكون أبطال كمين البرث قد انتهوا، لكن المفاجأة صدمته، فظل البطل شبراوى يطلق النيران من جانب الكمين، فيما احتمى الإرهابيون بمبنى مهجور، ويقومون باطلاق النيران بكثافة جهة الكمين.
ومن المفارقات المذهلة في قلب هذا الهجوم الغادر أن كان الشهيد على على، أحد أبطال الكتيبة 103 صاعقة، وأحد الأبطال الذين اشتبكوا مع العناصر الإرهابية فى بداية المعركة، مخلدا اسمه كأحد الجنود الأبطال الذين ضحوا بدمائهم بكل بسالة وقوة، حتى أنه استشهد بـ 60 طلقة وهو يدافع ضد العناصر الإرهابية فى بداية الهجوم على كمين البرث، فقد واجه على على الإرهابيين وأصيب فى البداية فى قدمه، قبل أن يتلقى رصاصات أخرى فى صدره، يسقط على أثرها شهيدا، كما كان الشهيد محمد محمود محسن والملقب بالهرم ابن محافظة الدقهلية، قد اقترن اسمه بمنسي حتى صار يطلق عليه “ظل المنسى”، وبالفعل فى يوم معركة البرث كان أحد الأبطال الذين يحمون الدور الثانى، حيث وقف الهرم فى الدور الثانى حتى أنه من قوته وزملاءه ظن الإرهابيون أن هناك كتيبة بأكملها تحمى الدور الثانى فى الكمين، فزادوا فى هجومهم عليهم حتى استشهد وزملاءه، فظل يقاتل لآخر نفس.
ووسط عمليات الهجوم على الكمين، كان الشهيد أحمد صابر منسى، ومعه أحمد على النمر، ومحمد صلاح عرفات، اللذين استشهدوا من قوة التفجير للسيارة المفخخة، فظل المنسى يقوم باصطياد عدد من العناصر الإرهابية، حتى أصيب بطلقة أودت بحياته ظل التعامل مع العناصر الإرهابية، فيما ظهرت القوات الجوية المصرية، فى سماء المعركة، لتستهدف عدد منهم، قبل أن يلوذ بعضهم بالفرار، تاركين ورائهم جثث زملائهم، ولم يستطيعوا حمل جثة واحدة لأبطال الكمين، حيث كانت أوامر منسى قبل استشهاده، أن يحافظ كلا منهم على زميله، ولا يترك جثته للتمثيل بها من العناصر التكفيرية، حتى أن معظم من استشهدوا، كانوا قابضين على أسلحتهم أو داخل معدتهم العسكرية.
ووقتها أعلن المتحدث العسكرى استشهاد 26 بطلا من أبطال القوات المسلحة ،فى 7 يوليو 2017، حيث أعلن العقيد أركان حرب تامر الرفاعى، المتحدث العسكرى، للقوات المسلحة، إن قوات إنفاذ القانون بشمال سيناء، نجحت فى إحباط هجوم إرهابى للعناصر التكفيرية، على بعض نقاط التمركز جنوب رفح، وأسفر عن مقتل أكثر من (40) تكفيريا، وتدمير (6) عربات، حيث تعرض قوات إحدى النقاط لإنفجار عربات مفخخة نتج عنها استشهاد وإصابة عدد (26) فرد من أبطال القوات المسلحة، وجارى تمشيط المنطقة ومطاردة العناصر الإرهابية.
وتقدمت القوات المسلحة بالنعى لشهداء الوطن الأبرار داعين الله عز وجل أن يتغمدهم برحمته وأن يلهم أهلهم الصبر والسلوان، وفور هذا البيان تم بث قصيدة من تأليف البطل أحمد المنسى تقول كلماتها:
يا قبورا تنادى أسامينا
ويا موتا يعرف كيف يصطفينا
سطوة الموت لن تغير لقبنا
فنحن أحياء للشهادة سائلينا
(ميت) لقب لمن هو دوننا
والشهيد اسم من بالروح يفدينا
مهنتى الشرف والمجد أجنيه
وحب القلب للقلب يرضينا
فديناك يا مصر بالدم والروح
نعطى ولا نسأل من يعطينا
قد قضيت فى الأمان عدد سنين
وكم قضينا عن الأرض مدافعينا
وكم قضيت هروبا من الموت
وكم قضينا عن الموت باحثينا
وكتبت أسماء شهداء الكتيبة 103 صاعقة في لوحة شرف الأبطال وهم:
البطل عقيد أركان حرب “أحمد صابر محمد على المنسى”، والبطل نقيب “أحمد عمر الشبراوى”، والبطل ملازم أول “أحمد محمد محمود حسنين”، والبطل عريف “محمد السيد إسماعيل رمضان”، والبطل جندي “محمود رجب السيد فتاح”، البطل جندي “محمد صلاح الدين جاد عرفات”، والبطل جندي “على على على السيد إبراهيم”، والبطل جندى “محمد عزت إبراهيم إبراهيم”، والبطل جندى “مؤمن رزق أبو اليزيد”، والبطل جندى “فراج محمد محمود أحمد”، والبطل سائق “عماد أمير رشدي يعقوب”، والبطل جندي “محمد محمود محسن”، البطل جندي “أحمد محمد علي نجم”، البطل جندى “على حسن محمد الطوخى”، والبطل جندى “محمود صبرى محمد”، ومن قوات المدفعية البطل النقيب “محمد صلاح محمد”، بالإضافة للشهيد البطل ملازم أول “خالد محمد كمال المغربي”، والبطل جندي “محمد محمود فرج”، و”أحمد العربي مصطفى”، والبطل مندوب مدني “صبرى”.
مسلسل “الاختيار” بطولة أمير كرارة وأحمد العوضى ودينا فؤاد وسارة عادل وضياء عبد الخالق وعدد كبير من ضيوف الشرف ومنهم الفنانين “محمد رجب، محمد إمام، آسر ياسين، وإياد نصار، وكريم محمود عبد العزيز، وماجد المصرى، وصلاح عبد الله، وكريم عبد الخالق، ومحمد عز، ومها نصار، وآخرين وهو تأليف باهر دويدار وإخراج بيتر ميمى، وإنتاج شركة سينرجى، ويتناول المسلسل حياة أحمد صابر المنسى – قائد الكتيبة 103 صاعقة – الذى استشهد فى كمين “مربع البرث”، بمدينة رفح المصرية عام 2017، أثناء التصدى لهجوم إرهابى فى سيناء، على أن يُظهر العمل العديد من الجوانب الاجتماعية والإنسانية فى حياة البطل الراحل.