خائنة ومدمنة وقاتلة.. تشويه المرأة في دراما رمضان
كتبت : أحمد السماحي
ما بين “فدوى” تاجرة المخدرات التى تخون زوجها مع شقيقه، فى مسلسل “البرنس”، و” نادية” عاشقة الخيانة فى “خيانة عهد”، والطماعة والمتطلعة في “ليالينا 80″، وقاتلة أبيها وصديقتها في “لما كنا صغيريين”، والشر الناعم في “فرصة تانية”، جاءت صورة المرأة فى دراما شهر رمضان، نماذج مختلفة للمرأة المصرية ظهرت على الشاشة الصغيرة، منها ما هو موجود بالفعل في المجتمع، ومنها ما خرج من وحي خيال كتاب السيناريو، لكن الشيئ المشترك فى كل هذه النماذج، الصورة السلبية التى ظهرت عليها المرأة، التى رأتها الأعمال الدرامية كعنصر للإثارة، أو لجذب المشاهدين سواء عن طريق الجسد أو الأزياء أو طبيعة الشخصية، أو غيرها من العناصر التي لعب عليها البعض للفت الأنظار والترويج للعمل الفني على حساب المرأة، فلأول مرة يتفق كتاب السيناريو على إهانة المرأة وابتذالها، وظهورها كسلعة وبشكل لا يتفق مع ما وصلت إليه من حرية ومناصب قيادية في البلد، فالخيانات الزوجية والأخلاقية كانت الأبرز فى معظم المسلسلات.
تاجرة المخدرات والمدمنة
يعتبر مسلسل “البرنس” تأليف وإخراج “محمد سامي” هو أكثر المسلسلات التى أهانت المرأة المصرية، فقدمها تاجرة مخدرات، ومدمنة، وضعيفة الشخصية، حيث شاهدنا نماذج كثيرة مشوهه من مختلف الأجيال فى هذا العمل، أولهم ” فدوي” أو الجميلة “روجينا” تاجرة المخدرات التى تخطط لكل شيئ “يا عمري” لزوجها “فتحي” الشرير، العاشق للانتقام، وفى نفس المسلسل شاهدنا “عبير” التى جسدتها “رحاب الجمل” المليئة بالحقد والطمع والانتقام التى تعتبر القتل أسهل شيئ للتخلص من شقيقها “رضوان البرنس”، كما قدم لنا ” البرنس” الفتاة المدمنة “ليلى” أو” للا فضة” التى تحب عادل، وتموت بسبب الإدمان، وأيضا “عظيمة” الراقصة المتسلطة على زوجها والتي لعبت “بدرية طلبة” كامرأة متسلطة.
ولم تكن الأجيال الشابة أو المتوسطة فى العمر هن فقط السيئات، فقدم لنا أيضا صورة سيئة للأمهات “سلوى عثمان وأحلام الجريتلي” اللتين كانتا تشاهدان الخطأ بأعينهن ويتغاضين عن الإبلاغ عنه، وهذا الخطأ دفعهن لارتكاب المزيد من الأخطاء.
الخائنة والمريضة نفسيا
قدم مسلسل ” خيانة عهد” نماذج أخرى للمرأة السيئة حيث شاهدنا الدكتورة “فرح” المريضة نفسيا والتى جسدتها “حلا شيحه”، والتى تساعد فى إدمان ابن شقيقتها “عهد” للهيروين، وليس هذا فحسب فتقوم بحقنه بالمخدرات، و تسارع بقتله عندما يكتشف حقيقتها، وتقوم بإلقائه فى الشارع مع “شيرين” التى تمثل نوع آخر للمرأة الجشعة للمال، والتى تعيش عالة على مصائب الناس!.
كما قدم المسلسل أيضا نموذج سيئا لمرأة آخرى خائنة وهى “نادية” التى جسدتها “عبير صبري” هذه المرأة الشرهه للمال والجنس، والتى تخون زوجها مقابل المال مع رجال الأعمال “مجدي” أحد المتعاونيين مع زوجها المحامي” مروان دهب”.
الجميلة القاتلة
فاجئنا مسلسل “لما كنا صغيرين” بنموذج آخر للمرأة الشريرة، أو ما يطلق عليه الشر الجميل، حيث اكتشفنا مع نهاية الحلقات أن “دنيا” التى لعبتها بجمال الفنانة الشابة “ريهام حجاج” إنها قاتلة محترفة، وإنها كانت وراء كل جرائم القتل التى حدثت في المسلسل بشكل أبهرنا كما أبهر سيادة اللواء “ماجد المصري”!، فضلا عن تقديمه لنموذج المرأة المبتزة المفرطة في شرفها “نهى” والتي قدمتها “نسرين إمام” معبرة عن أخلاقيات الطبقة الفقيرة في المجتمع في تنبرير غير منطقي.
كما قدم المسلسل نموذج آخر للمرأة المريضة نفسيا من خلال “هالة” التى تعيش وتتعامل مع كل من حولها على إنها ما زالت زوجة “ياسين الجمال”، رغم طلاقه منها، وعندما تعلم بحبه لـ” دنيا” تحرض على قتلها!.
الست البلطجية
رغم بعد أحداثه عن العصر الحالي، لكن الشر خلق منذ بداية الكون، لهذا كان طبيعيا أن تحرض “حسيبة” أو ” عايدة رياض” على قتل “ضرتها أحباب”، في مسلسل “الفتوة”، وليس هذا فقط بل تستعين بنساء يضربن “ليل” بعد أن علمت بما فعلته، والتى هددت بقتلها، كما قدم نفس المسلسل نماذج أخرى لسيدات يقمن بالانتقام من أي فريسة بالأجر، وكذلك نموذج العالمة الساقطة “جميلة” التي لعبتها “نجلاء بدر” وهى تحاول طوال الوقت إثبات أنها إمرأة شريفة حتى تتزوج من “عزمي” أو “أحمد صلاح حسني” الذي انتزع الفتونة بمحاولة قتل الفتوة “حسن الجبالي” أو ياسر جلال.
سكر النصابة
رغم أن “سكر” دمها شربات فى مسلسل “100 وش”، لكنها في النهاية نصابة محترفة، ولن تمنعنا “خفة ظلها” وظل البنات النصابات التى معها وهن “علا رشدي ” ماجي”، دنيا ماهر “نجلاء”، زينب غريب “رضوى لوز العنب” من توجيه تهمة النصب عن عمد إليهن، رغم أن المواقف التي تعرضن لهن جميعا جاءت في إطار كوميدي، لكنه في النهاية ينال من صورة المرأة المصرية التي تتحول بفعل درامي رجيم إلى نصابة على خفة دمها.
الطماعة والمتطلعة
الشر الموجود فى المجتمع تمثل في مسلسل “ليالينا 80 ” الذي يجنح في أحداثه نحو “النوستالجيا”، حيث شاهدنا الشر الواقعي الذى نراه فعلا حولنا فى كل مكان وهو شر يؤذي دائما صاحبه، فشاهدنا “بدرية” أو “نهى عابدين” الفتاة الطماعة المتطلعة التى تنصب شباكها حول “مرتضى” صاحب المصنع الذى يتزوجها أملا فى أن تنجب منه ولدا، بعد أن قام بتطليق زوجته لأنها تنجب له البنات فقط، كما شاهدنا الفتاة “نجوى” أو “منه عرفه” الطموحة طموحا غير شرعيا التى تريد الخروج من الحارة التى تسكنها وتلبس الملابس الفاخرة، وبسبب طموحها غير الشرعي تترك خطيبها الأول وتقترن بتاجر عملة.
المريضة نفسيا
الشر الناعم قدمته “أيتن عامر” فى مسلسل “فرصة تانية”، حيث جسدت شخصية “ريهام” المريضة نفسيا، والمسكونة بحب “زياد” الذى اقترب منها لينسى حب “ملك” قبل أن تمنحه فرصة ثانية وثالثة حتى يقترن بها في النهاية وينخرطا في حياة لاتخلو من المنغصات جراء ترأسها له في الشركة التي يعملان بها.
المطلقة المظلومة
رغم أن “غالية” التي لعبت دورها “ياسمين عبد العزيز”، تحب “مراد” الذي جسده “كريم فهمي” إلا أنها تتعرض لنوع من الغبن من جانب والد “مراد” الذي أجرى حصارا شديدا عليها باعتبارها لاتصلح لابنه، حيث لاتنتمي لنفس الطبقة الاجتماعية فتضطر للبعد عن حبيبها قسرا، وليس لها ذنب في كل ذلك غير أنها تحبه حبا صادقا بعد طلاقها من زوجها الأول “عبد الله” الذي لعب دوره “شريف منير”.
والسؤال الملح الآن؟
بعد استعراضنا لبعض النماذج الشريرة والمشوهه للمرأة المصرية التى قدمت فى بعض الأعمال الدرامية، كان لابد أن نطرح سؤال منطقي أو هذه الأسئلة على شركات الإنتاج، أين المرأة المصرية الحقيقية في الأعمال الدرامية؟، وأين النماذج الإيجابية التي يزخر بها المجتمع المصري؟ أين المرأة المناضلة المكافحة؟ وأين المرأة المعيلة التي تتحمل مسؤولية الأسرة بمفردها؟ وأين القيادات النسائية ممن يثبتن الكفاءة في كل منصب يكلفن به؟ وأين المرأة التي فقدت ابناً أو زوجاً أو أخاً أو أباً شهيدا نتاج الحرب التي تخوضها مصر ضد الإرهاب.. أين كل هؤلاء؟!
ومن ثم هل تمثل هذه الأعمال طموحات المرأة وأحلامها وإخفاقاتها وتحدياتها؟ وهل تمثل هذه الدراما المرأة المصرية التي انتصرت للحياة وصناعة الأمل الأمان؟ ألم ينتبه كتاب الدراما إلى محتوى تلك الرسائل السلبية التي يقومون ببثها إلى الجمهور؟!
هل من جواب على هذه الأسئلة؟، قبل أن يذكرني أحد أن هناك نماذج مضيئة لعل أبرزها “الست رقية” زوجة الشهيد والمرأة المعيلة، أقول له هذا نموذج واحد أو اثنين أو ثلاثة لكن الأغلب انتصرت فيه الدراما للمرأة الشريرة !