دروس “رشيد” الرشيدة حول قضية فلسطين
كتب : أحمد السماحي
يبدو أن المخرج “باسل الخطيب” من عشاق غناء كوكب الشرق “أم كلثوم” وحريص على الاستماع إليها، خاصة في ” قفلاتها” الحارة التى تجعل الجمهور يصيح، يهتز، يصفق، ويطلب التكرار، هذا “التماهي”، وهذه الحالة حدثت معنا جميعا ونحن نشاهد حلقات محاكمة المطران “كبوجي” في مسلسل “حارس القدس” تأليف المبدع “حسن .م. يوسف”، ففى هذه الحلقات بداية من الحلقة التاسعة عشر وحتى الحلقة الـ 26، وصل النجم السوري الكبير “رشيد عساف” بموهبتة الفنية الخصبة، وتمكنه الشديد من اللغة العربية إلى ذروة الإبداع والإجادة والتقمص، ما كل هذه الطلاقة؟! وما كل هذا الإبداع؟!، عفوا هذا ليس تمثيلا! هذه روح “المطران “كبوجي” أعيدت للحياة وتسللت إلى روح “رشيد عساف” ليبدع فى تمثيل جلسات المحاكمة ووجوده بالسجن بهذا الإبداع.
أنا كواحد من الجمهور كنت أستعيد جلسات المحاكمات تحديدا بعد إنتهاء كل حلقة، حتى أطرب بإلقاء وجمال وحسن مخارج ألفاظ “رشيد” وأنتشي بها، حيث وجهه يعبر بانفعال ويداه تترجم ما يختلج في صدره وعيناه تؤكدان المعنى، استطاع أن يطير بهذه الجلسات إلى السحاب ويعطي دروس لنا ولزملائه الفنانيين فى كيفية إلقاء الكلمات، كأنه مطرب يسحر جمهوره بعذوبة صوته، كأنه عازف ماهر يعلم تأثير عزفه على الجمهور، واستطاع فى هذه الجلسات أن يقهر المحاكمات الإسرائيلية المرة بعد الأخرى، لأنه مسلح بإيمان بعدالة قضيته، فى إحدى المحاكمات الأولى يقول :
هذه فلسطين بلدنا وانتوا كصهاينة مغتصبين ومحتلين وطاققين وبدكم ترجعوا على بلادكم اللي جيتونا منها إن عاجلا أو آجلا.
المحقق : أنت مجرم ومتهم بنقل الأسلحة إلى إسرائيل؟
كبوجي : أنا لست مجرما ولا قاتلا أنا صاحب حق، حق أنتم اغتصبتوه، ونثور كي نستعيده.
المحققة : إسكت يا قاتل!
كبوجي : أنا لم أقتل أحدا، أنتم الذين قتلتوا أهالينا واغتصبتوا أرضنا، ودنستوا حرمة معابدنا.
استخرج “كبوجي” من هذه المحاكمات دروسا تاريخية حاسمة تجزم بحتمية الانتصار، وإن طالت سنوات الكفاح، وإن علينا نحن العرب ألا نيأس، وألا نسلم أو نستسلم، فعشرات الأعوام لا تعني شيئا في عمر الشعوب “عشرون عاما، أربعون، ستون” وستعود الأرض إلى أصحابها، ومن خلالها أعلن للعالم عمق الماضي، وأنه مهما أصاب الحاضر العربي من تشرذم وتفتت فإن درس التاريخ والمسلسل يعلمنا ألا نتوقف عن الكفاح.
مسلسل “حارس القدس” عمل عربي وأعنى بكلمة عربي أنه عربي القضية والتوجه ويحمل كل ملامح الدراما العربية التى ننشدها، دراما تتصدى للتعبير عن الإنسان العربي، ويجد فيها انعكاسا لواقعه فى جانبيه التراثي والمعاصر.
شكرا جزيلا لـ “باسل الخطيب، حسن . م . يوسف، رشيد عساف، سامية وصباح جزائري، أمل عرفه، إيهاب شعبان، يحيي بيازي، نادين قدور، آمال سعد الدين” وكل العاملين فى هذا العمل الخالد الذي يجب أن يدرس لطلاب التعليم في المراحل الإعدادية والثانوية، وللحديث بقية..