“للرجال فقط” .. نظرة تقدمية للمرأة المصرية
كتب : أحمد السماحي
نحتفل هذه الأيام وبالتحديد يوم 22 مايو الجاري بالذكرى الـ 50 لرحيل الفنان والمخرج الكبير “محمود ذوالفقار” واليوم فى باب “فيلم لا ينسى” دعونا نتوقف مع فيلم من أفلامه التى قدمها كمخرج وهو الفيلم الكوميدي “للرجال فقط” الذى قدم عام 1964، والذي يبدو فى نظرته لدور المرأة فى المجتمع منذ خمسين عاما أكثر جرأة وتقدما من نظرة المجتمع للمرأة حاليا، حيث تراجعت القيم والمفاهيم أكثر وإلى حد دعوة البعض إلى عودتها للبيت لأن وظيفتها الوحيدة هى تربية الأولاد، وغسيل الأطباق والجلوس فى انتظار “سي السيد”، من هنا فإن فكرة الفيلم التى تبدو متقدمة جدا ومستنيرة فى أيامنا هذه بالنسبة لتخلف النظرة السائدة إلى المرأة الآن.
وفى فيلم “للرجال فقط” بلغت الجرأة إلى حد المطالبة باقتحام المرأة حتى المجالات التى يتصور البعض أنها شاقة أو لاتتفق مع طبيعتها كأنثى، والمجال فى الفيلم هو البحث عن البترول، حيث تعمل كلا من المهندسة “سلوى” والمهندسة “إلهام” في شركة بترول يصر مديرها على أن تكتفيا بالعمل فى مكاتب القاهرة، وضد طموحهما فى أن تذهبا لمشاركة زملائهما من الرجال للبحث العملي فى حقول الصحراء، لأنهما لا تقلان عنهم في شيئ كنموذجين للفتاة المصرية المتعلمة الجديدة فى فترة الستينات.
يرفض مدير شركة البترول طلب المهندستين الشابتين الذهاب للبحث عن البترول أو استخراجه من الصحراء، وتقترح “سلوى” على زميلتها وضع خطة تمسح شنب الرجالة، بمعنى أن تثبت لهم أن المرأة ليست أقل قدرة منهم على العمل الشاق، بدليل صعود “فالنتينا” إلى الفضاء.
وفى مقابل هذه الروح المتوثبة عند الفتاتين يتهرب مهندسان من مسؤولية العمل في الصحراء، فتسافران بدلا منهما على أنهما رجلان، وبعد التنكر فى ملابس الرجال وشواربهم، وبإفتعال الصوت الخشن، وتنشأ من ذهابهم إلى الصحراء الكثير من المفارقات الكوميدية.
………………………………………………………………..
نقد الفيلم
كتب الناقد السينمائي الكبير ” سامي السلاموني” نقدا جميلا ومطولا في مجلة “فن” عام 1990 ننشر منه بعض الفقرات حيث كتب يقول: “لعب الفيلم على عنصر سوء التفاهم وهو من أهم عناصر تفجير الكوميديا القائم على عدم معرفة الشبان بأن الضيفين الجديدين هما فتاتان، ولعب سيناريو الفيلم على هذا، فعلى الرغم من أن “حسن يوسف” و”إيهاب نافع” يشتركان فى حجرة نوم واحدة، فالمنطقي أن يشترك الشابان الجديدان في حجرة واحدة، إلا أن الفيلم يجعل “إيهاب نافع” يطرد “حسن يوسف” من حجرته لتشاركه فيها ” نادية لطفي” بينما ينتقل “حسن يوسف” إلى الحجرة الآخرى التى أقامت فيها “سعاد حسني”، طب ليه؟! لمجرد أن تكون هناك بالطبع المفارقات التى لابد من أن نتخيلها، حين تنام فتاة متنكرة فى ثياب رجل، في الحجرة نفسها التى يشاركها فيها رجل، يفترض أنه لا يعرف هذه الحقيقة، ثم لأن المطلوب من ناحية آخرى أن يقع هذا فى حب تلك، وهذا ما حدث.
وبعد نهاية الفيلم لنتأمل بعض دلائله وهى أن السينما المصرية كانت أكثر تقدما مما هى عليه الآن سواء من حيث الأفكار والقيم التى تتناولها، أو من حيث قدرة الإنتاج على اقتحام مجالات كهذه، وتجرؤ الكاميرا على الخروج إلى أجواء جديدة وشاقة بعيدا عن الديكورات الخانقة والشقق المفروشة التى يجري فيها التصوير الآن، فأغلب مشاهد الفيلم تم تصويرها خارجيا فى مكانها الطبيعي، وهى بئر بترول حقيقية فى الصحراء وهو ما يجبن عنه الآن أي فيلم.
من ربع قرن أيضا كان بوسعك أن تجمع بين “نادية لطفي” و”سعاد حسني” فى فيلم واحد، وكل منهما نجمة على القمة، ولم تقل احدهما “وحدي وبعدي الطوفان”، فقبل ظاهرة النجم الأوحد كانت البطولة جماعية تحشد أكثر من اسم كبير فى عمل واحد، لم تكن هناك مشكلة كان الناس أكثر بساطة والعباقرة أكثر تواضعا ولذلك كانت الأفلام أجمل.
………………………………………………………………..
أهم أحداث العام كما ذكرها الناقد ” علي أبوشادي” في كتابه وقائع السينما المصرية.
* تم وضع حجر الأساس لمدينة السينما فى طريق الأهرام فى شهر مارس 1964 .
* قدم الفنان “نور الدمرداش” أول أفلامه كمخرج تحت عنوان “ثمن الحرية” إنتاج القطاع العام، وقدم القطاع الخاص مخرجا جديدا واحدا هذا العام هو ” يوسف عيسى”.
* عرض فيلم ” الليلة الأخيرة” لكمال الشيخ فى مهرجان “كان”، وعرض فيلم “الأيدي الناعمة” لمحمود ذوالفقار فى مهرجان برلين.
* فاز فيلم “أم العروسة” لعاطف سالم بجائزة المركز الكاثوليكي للسينما.
* أعاد المخرج بركات إخراج فيلمه القديم ” أمير الأنتقام” تحت إسم جديد بعنوان “أمير الدهاء” بالألوان، والفيلمان مقتبسان عن “الكونت ديمونت كريستو”.
* قدم القطاع العام أسوأ فيلم فى تاريخه بعنوان “من أجل حنفي” إخراج حسن الصيفي.
* تم وضع حجر الأساس لمدينة السينما في طريق الأهرام في مارس 1964 .
………………………………………………………………..
“للرجال فقط” ينافس “أدهم الشرقاوي”
كان عام 1964 هو عام انتكاسة في السينما المصرية حيث لم يعرض سوى 44 فيلما معظمها متوسط الأنتاج، قدم المخرج “حسن الصيفي” منها خمسة أفلام هى ” حكاية جواز، الحقيبة السوداء، بنت الحتة، من أجل حنفي، هارب من الزواج”، و كان من أبرز الأفلام الـ44 “بين القصرين، الطريق، أدهم الشرقاوي، ثمن الحرية، هجرة الرسول، حدبث المدينة، لو كنت رجلا، زوج فى إجازة، ألف ليلة وليلة، ، دعنى ودموعي، أنا وهو وهي، المراهقان، آخر شقاوة، ثورة البنات، اعترافات زوج، حب ومرح وشباب”.
………………………………………………………………..
بطاقة الفيلم
قصة وإخراج : محمود ذوالفقار
سيناريو وحوار : محمد أبو يوسف
مدير التصوير : وديد سري
إنتاج : جمال الليثي
توزيع : دولار فيلم
مكياج : ميتشو
اكسسوار : نجيب خوري
المصور : علي خيرالله
مصور فوتوغرافي : فتحي عزت
مونتاج : حسين أحمد
مركب الفيلم : محمد الزرقا
نيجاتيف : إنجا وميلا
مهندس الديكور : ماهر عبدالنور
مهندس الصوت : نصري عبدالنور
الموسيقى التصويرية : ميشيل يوسف.
بطولة ” نادية لطفي، سعاد حسني، إيهاب نافع، حسن يوسف، يوسف شعبان، محمد صبيح، ليلى يسري، أمال رمزي، أنور مدكور، كامل أنور، والراقصة سهير مجدي.