كتبت : سدرة محمد
الفروسية سمة أساسية من سمات الفتونة في منتصف القرن التاسع عشر، فروسية في الفعل والقول والتصرف بحصافة في كافة المواقف والأزمات، هكذا كان حال (حسن الجبالي) الذي جسده بأداء يتسم بالخشونة والنعومة في آن الفنان المبدع (ياسر جلال) في مسلسل (الفتوة)، تأليف هاني سرحان ، وإخراج حسين المنباوي، وبطولة (ياسر جلال، أحمد صلاح حسني، رياض الخولي، مي عمر، وإنعام سالوسة)، وتظل التراجيديا تلعب دورها طوال الحلقات المكدسة بالأحداث التراجيدة وصولا إلى نهاية الحلقة 24 التي أبت ألا تغادرنا سوى بمشهد (ماستر سين) بين (حسن الجبالي) ياسر جلال، و(عزمي) أحمد صلاح حسني، والذي اتسم بفروسية قاتلة من جانب أحدهما، بينما واجهها الآخر بخسة ونذالة منقطعة النظيربعد طعنه بسكين تاركا إياه غارقا في دمائه، حيث جاء المشهد على النحو التالي:
على أثر سماعه بمشاجرة بين بين “عزمي” وفرج” يذهب المعلم (حسن الجبالي) فتوة الجمالية إلى منطقة جبلية نائية، حيث يلتقي الاثنان ليفصل بينهما، لكن بمجرد وصوله يكتشف أنه مجرد كمين لجره هو نفسه للقضاء عليه من جانب “عزمي” الذي يبادره بحديث غريب وتأتي الأحداث على النحو التالي:
يأتي صوت “فرج” كبير المشاديد قائلا : الله ينور يارجالة !!! ، وذلك في لهجة تحد غريبة للجبالي، وهو يلوح بيديه لصرف الرجال الذين يحيطون بحسن حتى يخلو الجو لعزمي كي ينقض عليه.
وبسلامة نية يقول حسن : شكلها كده مفيش خناقة ولا حاجة .. موجها كلامه لعزمي : خير يا عزمي؟!
عزمي بلهجة تحد وحقد دفين في صدره : عايز حقي؟ّ!
فيرد حسن في باندهاش : حقك ايه بالضبط؟
بصوت يتصنع جرحا غائرا في صدره : الفتونة .. فتونة الجمالية اللي انت أخدتها مني.
في ثبات ورباطة جأش يرد حسن : أنا مخدتش الفتونة منك .. أنا أخدتها من فرج ، ثم يؤكد على كلامه متوجا لفرج : مش كده ولا ايه يا فرج؟!
يرد فرج في تنمر اعتاد عليه : فرج خلاص مبقاش عاوز الفتونة .. أنا عاوز أمسك نبوتي وأرجع أشتغل زي زمان.
يؤمن عزمي على كلامه : جدع يافرج .. ثم يضرب نبوته بالأرض قائلا في غضب وتوتر : يالا ياحسن .. إرفع نبوتك وراجل لراجل قدام الرجالة.
بهدوء الواثق يرد حسن : أنت نسيت إني اللي معلمك مسك النبوت ده يا عزمي!!!
بغضب الحاقد يقول عزمي : غلطان .. شكلك معملتش حساب اليوم ده، ثم يضرب نبوته في الأرض وينظر في غضب مزموم الشفتين والشرر يتطاير من عينيه ايذانا ببدء معركة حامية الوطيس بيهما قائلا: يالا ياحسن .. خلي النبوت هو اللي يحكم.
حسن بفرسية وثبات انفعالي يعبر عن لسان حال الواثق من نفسه : النبوت قال كلمته خلاص ياعزمي، ولولا العشرة والأصول وانك أخو مراتي أنا كان لي معك كلام تاني.
بغضب الحصان الذي الجامح نحو الموت والهلاك وهو يهز ذيله في توتر يضرب عزمي الأرض بنبوته قائلا : مش انت بتقول انك اللي معلمني؟ .. يالا ولا تكنش خايف؟
بداية غضب مشحون من الجبالي : حسن الجبالي ما بيخفش وأنت عارف كده كويس .. بس مش حسن الجبالي اللي نبوته يترفع على واحد من أهله بيته، ثم يدير ظهره لعزمي في ثقة.
يصرخ عزمي من ثقة حسن التي تستفزه بإدراة ظهره له : ما تدنيش ضهرك يا حسن.
ينظر حسن نظرة عتاب لعزمي ويواجهه من جديد قائلا: انت أكتر واحد في الدنيا دي ياعزمي أقدر أديله ضهري وأنا مطمن .. انت صحبي .. خلصت خلاص ياعزمي ويدير ظهره مغادرا المكان.
يلقي عزمي بنبوته على الأرض ، ويخرج سكينا من جيب جلبابه ويلحق بحسن طاعنا إياه طعنة قاتلة في جنبه الأيمن ممسكا بجسمه من الخلف قائلا في أذنه : انت اللي خلتيها كده ياصاحبي ، ثم يلقي بجسده على الأرض غارقا في دمائه واقفا في ذهول، ثم يركع على ركبته متفقدا جسدا بيده في أسى وحزن والدموع تبدأ في التدفق من عينيه مناديا عليه بصوت مكتوم : حسن!!!
في تلك اللحظة يربت فرج على كتف عزمي ويهمس في أذنه قائلا : مبروك يا معلم .. تسلم إيدك ، ثم يسحبه ليصلب طوله وينظر في عينيه المغرورقتان بالدموع : مبروك يا فتوتنا ، ويتوجه إلى الرجال قائلا : باركوا لفتوتنا الجديد فيرددون اسم الله عليه .. اسم الله عليه ، ويردد فرج بصوت عال : عزمي أبو شديد بينما يردد المشاديد اسم الله عليه .. اسم الله عليه ، فتوة بقوة ، اسم الله عليه اسم الله عليه، حامي الجمالية اسم الله عليه اسم الله عليه، ثم يربت فرج على كتف عزمي من جديد قائلا: الرجالة عاوزه تبارك لك يا معلم.
يدير عزمي ظهره لحسن الملقى على الأرض غارقا في دمائه بينما المشاديد يرددون وراء فرج الذي يقول : عزمي أبو شديد اسم الله عليه اسم الله عليه، فتوة بقوة اسم الله عليه اسم الله عليه وتلقي الكاميرا النظرة الأخيرة على جسد حسن المسجى على الأرض في هيبة وسكون وتؤكد الموسيقى التصويرية لعبة التراجيدا في تعبير بليغ، بينما عزمي في حالة ذهول مما فعله قبل دقائق بطعن صديق عمره حسن الجبالي.