عفاف راضي ترفض لقاء السفير الإسرائيلي
بقلم : سامي فريد
من زمان وكراهتنا ورفضا لأعدائنا واضح. رفضناهم.. وحاربناهم.. وبدا ذلك واضحاً في سخريتنا منهم أو التعريض بهم أو رفضهم بالكلية وكأنهم ليسوا موجودين بالمرة..
منذ قال المصريون إن “آخر خدمة الغز علقة” والغز هم الغزاة وفي الجملة تصريح واضح بعدم التعامل معهم فهو خونة وغدارون وآخر خدمتهم “علقة”.. أو عندما سخر المصريون من المعتمد البريطاني اللورد كرومر، وكان المصريون يسمونه “العمدة” فصارت الكلمة على لسان الشعب المصري تشبه الهتاف والتشجيع للسلطان عباس حلمي، الذي كان يسعى للتقارب مع المصريين الذين قالوا “الله حي.. عباس جي.. ضرب البمبة – ويقصدون القنبلة – ف … العمدة – وهو كرومر – وهو جاي”..
ثم أكثر من هذا عندما هتفوا ضد الأدميرال سيمور، الذي ضربت مدافع أسطوله مدينة الإسكندرية عند غزو بريطانيا لمصر عام 1882 فقالوا في وجهه “ياسيمور وياوش النملة.. من قال لك تعمل دي العملة”..
ولم تتوقف صيحات العداء ضد الأعداء.. وتحولت إلى أغنيات واضحة وصريحة..
بدأت بأغاني الشيخ محمد يونس القاضي عام 1917، عندما التقى به في الإسكندرية لتظهر للوجود أغنيات مثل (بلادي بلادي) التي تحولت إلى النشيد القومي لمصر الآن، وبعدها أغنية “أهو ده اللي صار”.. وفيها تشجيع على نهوض الصناعة المصرية بعدها كانت “يا بلح زغلول” تحية لسعد زغلول زعيم ثورة 1919، وكانت كلمة زغلول قد حرمت على المصريين وصدرت الأوامر بألا ينطقوها.. وقولوا لعين الشمس ما تحماشي قبل سفر سعد باشا إلى لندن لمباحثات الاستقلال.. ومن بعدها يا عزيز عيني كدعوة لترك الخدمة في جيش الإنجليز.. وهكذا..
ولن ننسى بالطبع أغاني صراعنا مع إسرائيل منذ خرجت إلى الوجود قضية فلسطين فغنت أم كلثوم أغنيتها الرائعة “أصبح عندي الآن بندقية” وتوالت قصائد الشعراء ومؤلفي الأغاني فغنى عبدالحليم “حارب.. حارب” حفزا للقتال ضد إسرائيل.. أو عدى النهار عندما بدأت مصر حرب الاستنزاف، كما غنى علي الحجار وغيره في نفس تيار الحماس الوطني ضد العدو..
ويظل الرفض للكيان الإسرائيلي والتطبيع مع العدو واضحا في كل صفوف الشعب المصري، ولا يبقى لإسرائيل إلا مبنى يضم سفارتها بعد اتفاق كامب ديفيد آخر ما تركه لنا الرئيس الأسبق أنور السادات من إنجازاته..
لكن كلا منا الآن سيكون عند واقع معاش.. شهدناه وعشناه على الطبيعة.. كان بسيطا وعفويا وقويا في ذات الوقت..
كانت عفاف راضي تعرض على مسرح البالون مسرحية “الشخص” التي قامت فيروز بلعب بطولتها في بيروت من تأليف وألحان الأخوين رحباني، حتى قررا أن ينتقلا بها إلى مصر لتلعب عفاف راضي بطولتها بعد أن أدخل عليها الشاعر الراحل أمل دنقل تعديلاتها لتتفق مع مجريات الأحداث وما طرأ عليها..
وقد أخرج المسرحية المخرج الكبير جلال الشرقاوي وشارلت بطولتها إلى أمام عفاف راضي الفنانون توفيق عبدالحميد ومغني الأوبرا جابر البلتاجي وعدد من الفنانين أمثال عادل عثمان ويوسف صباغ والفنان سيد الملاح ومحمد الشرقاوي وليلي فارس..
في ختام العرض.. وهو أهم ما يصف ما نقول بوضوح شديد رفضنا المستمر للكيان الإسرائيلي هو ما حدث عندما قام سفير إسرائيل في القاهرة دافيد سلطان بمجاولة مقصودة لإثبات ما جاء من أجله وهو أنهم موجودون ومرحب بهم أيضا..
قام سفير إسرائيل متجها إلى غرفة الفنانة عفاف راضي ليستأذن في لقائها بحجة تهنتئها بدورها وغنائها في المسرحية..
وقف السفير أمام باب غرفتها ينتظر أن تسمح له باللقاء.. على الباب عندما سألت عن الذي يطلبها فقالوا أن سفير إسرائيل قد جاء ليهنئها على المسرحية ففتح الباب قليلا لتقول من ورائه: أنا لا أعرف ولا أسمح لسفير إسرائيلي بمقابلتي، ثم “رزعت” الباب في وجه السفير الإسرائيلي الذي فهم الرسالة الواضحة من الفنانة المصرية التي تعرف من هي مصر ومن هم المصريون..
وفهم السفير الإسرائيلي فاستدار عائدا و “قفاه يقمر العيش”!!..
وعلى هامش الحكاية يمكن أيضا أن نسجل أن آخر لقاء نذكرة بمسئول إسرائيلي نشرته له الصحف المصرية كان لقاء وزير الزراعة الإسرائيلي مع الرئيس الأسبق حسني مبارك يوم الأربعاء 1 ديسمبر 1992، وحضرها بالطبع يوسف والي والذي صدر بعده بيان باهت لا علاقة له بالزراعة يتحدث عن مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل وكيف أنها ستستمر أو يجب أن تستمر للأيام (!!)