صناعُ الفن
بقلم : فراس نعناع
يَسألُني صَديقي المُحبّ للفنّ كُلّ رمضانَ عن رأيي في بعضِ الاعمالِ التلفزيونية، فأجيب بأنَّني لا اشاهد.
وبعد إصرارهِ عليَّ، على مُشاهدة بعضُ الاعمالِ والبرامجِ الكوميدية. اتَّصل مُجدَّداً
سائلاً:
شو رأيك
سكتت ثم قلتُ له كيفك شو اخبارك
بجد شو رأيك
صمت طوووويل
شوف يا صديقي
بعضُ الاعمالِ الفنيَّة تُساهم في انحدار مجتمعاتنا العربيةَ من محيطها لخليجها، لذلك أفضلُ الصمت فهوَ ابلغُ.
بدي أعرف رأيك بجد
يا صديقي المسألة معقَّدة. بعض القائمين على العمليَّة الفنيَّة اميُّون وجَهلة، وهم من ضمن التركيبة المجتمعية العربيَّة العريضة.
عندما درسنَا أَرسطُو، قال: بأن الكوميديا هي مُحاكاة لأشخاص أردياء – جمع “رديء، أي أقلُّ منزلةٍ من المُستوِى العامّ ، ولا تعني “الرداءة” هنا كلُّ نوع من السُّوءِ والرذالة، وإنما تعني نوعاً خاصاً فقط، هو الشّي المُثير للضَّحك، والذي يُعدّ نوعاً من أنواع القُبح. ويُمكن تعريفُهُ بأنهُ الشّي الخطأ او الناقص، الذي لا يسببُ آلماً أو أذى للآخرين. وأكبر مثال هو القناع الكوميدي المُثير للضَّحك ففيه قبح وتشويه ولكنهُ لا يُسببُ ألما عندما نَراه
أمَّا الذي رَأيته من الأعمالِ والبرامج، فهُو يُسبّب كُلَّ أنواع القبح، والألم، والأذى. والمشاكل النفسيَّة لكُلّ من يتابع.
عندما تغيب الثقافة المجتمعية بأشكالها،وعندما يغيب مثقفوا تلك المجتمعات بقصد،أو بدونه.لابد ان يتصدر للقيام بذلك جُهال القوم وحباشاتهم،ويساعدهم احيانا بعض الدارسين والأكاديمين بحجج مختلفة،”الف حجة مابتقلي عجة” حسب المثل الشامي، والحكايات تبدأ بالفكاهات،فتحول #علاء من شاعر فاشل الى كاتب درامي،يكنى #ابا_الحكماء و #براء من نجار ماهر،الى مخرج ويكنى #ابا_العظماء بينما تحولت #حسناء من راقصة دبكة الى نجمة تلفزيونية،وتكنى #بكثيرة_العطاء مع الاحترام لكل #المهن ،لانها تزيل #المحن والمحن كثيرة، بحري كريم الحال،رفض أن يقص حمامة ابنه #المطهر فويل له وللمزمل.
رفضه يأتي كونه دارس وبتطور العلم حاسس،لكنه يكذب ويبرر بظهوره التلفزيوني بأن #الفلس اهم من وجع #الضرس وبكل بساطة نقول: “المسألة كلها هى إيجاد الطريق الصحيح، ومن الطبيعي أن الطريق الأصوب، هو الذي يقضي بشكل أقرب الى الصدق والى الحياة،ومن اجل بلوغ هذا لابد من معرفة ماهو الصدق وماهي الحياة”هذه كلمات ستناسلافسكي، ربما يعرفها بحري،وربما يعرف اسم صاحبها ،فهو دراس وبالعلم الأكاديمي كان غاطس.
الفن علم ومعرفةٌ، ولكنه شرطيّ في المسرح، وأمام الكاميرا والأضواء الساطعة، وهذه الشرطية تعتبر عائقاً في عملية الإبداع أحياناً،ففي حالته الروحية والجسمانية لا يمكنه الأ التصنع، كالمعاناة مثلا، إما أن يعيش ويستسلم للشعور فهو أمرٌ غير ممكن.
اذا يؤكد منظرو الفن الكبار، بأن الفن ينطوي في أساسه على كذب، ولتحويل الكذب الى صدق لابد من الإيمان أو اختصاراً، كلمة (لو السحرية) الذي تحدث عنها ستناسلافسكي، واذا كان الاندفاع العفوي الذي يقوم به الممثل نحو الصدق يتحول الى إشارة وفن مصطنع، فمن الأفضل الابتعاد عن كل فن.
وهذا ما أكده أفلاطون وستناسلافسكي وحتى تولستوي، ما اكثر الكذب والجهل لدى بعض صناع الفن .
قال النابغة:
فإنْ يَكُ عامرٌ قد قالَ جهلاً
فإن مظنَّةَ الجهلِ الشبابُ
- ••
فكُنْ كأبيكَ،أو كأبيِ براءٍ
تُوافقكَ الحكومةُ والصَّوابُ
- ••
ولا تذهب بحلمكَ طامياتٌ
من الخيلاءِ ليس لهُنَّ بابُ
- ••
فإنكَ سوفَ تحلُمُ أو تناهىَ
إذا ماشبتَ،أو شابَ الغرابُ
#النابغة_الذُّبيانيّ (١٨-١١٠ق.ه)