عمر الجيزاوي.. أسعد الملايين ومات مكتئبا!
بقلم : سامي فريد
عمره الفني الرسمي يبدأ من عام 1948 ليتوقف عند عام 1969 عندما دخل العمل السينمائي بداية مع فيلم “خضرة والسندباد والقبلي” الذي تبعته أفلام مثل “خد الجميل وأموال اليتامى والزهور الفاتنة والمساكين ثم حلال عليك ومجلس الإدارة” حتى بلغت الأفلام التي شارك فيها نحو من مائة فيلم (!) صحيح أنها لم تكن أدوار بطولة؛ لكنها كانت مشاركات كان المنتج أو المخرج يعتبر أنها ملعقة البهار أو الملح في الفيلم..
كان عمر سيد سيد سالم، الذي عرفته الجماهيرة باسم عمر الجيزاوي، عندما سألوه عن بلده فقال الجيزة فلقبوه لذلك بعمر الجيزاوي..
عمر الجيزاوي – ولن نندهش – قد عرفته الدول العربية فأحبته، وعرفته دول أوروبا فطبعت صورته على علب الكبريت ومن فرنسا نفسها حصل على لقب “شارلي شابلن العرب” فسعد سعادة الدنيا عندما عرف من هو شاري شابلن الذي نسبوا عمر الجيزاوي إليه.
بدايته كانت مع دوالده في مهنة المعمار مع “الفعلة” من الصعايدة فوق أكوام الرمل ومع الأسمنت والحديد وطوب البناء في أسيوط ثم في الجيزة ثم في الأفراح الشعبية والملاهي الليلية حتى عرفته الجماهير وأحبته، وهو الإنسان البسيط طيب القلب الذي لم يدخل مدرسة في حياته (!)..
ولو واصلنا متابعة لن نقول أدواره وإنما سنقول مشاركاته خفيفة الدم في الأفلام التي كشفت عن خفة دمه التي بهر بها جمهوره في أفلام مثل “المقدر والمكتوب أو ابن ذوات وأرض الأبطال ولسانك حصناك” ومع نجو مثل علي الكسار ومحمد الكحلاوي وشكوكو وماري منيب ومحمد التابعي وسيد بدير وإسماعيل يس وعبدالسلام النابلسي ومحسن سرحان.
شارك الجيزاوي بفطرته وطبيعيته دون أي ادعاء، لكن جماهيره عرفته بأغانيه الشعبية او فلنقل مونولوجاته التي أحبوها مثل “اتفضل جهوه” أو “العرقسوس” و”الفاكك والفاكوك” و”غني يا ويكا مع المزيكا” ..
لكن هل نسيته الدولة؟ مطلقاً، فقد كرمه الرئيس جمال عبدالناصر لمشاركته في المجهود الحربي كما كرمه الرئيس السادات الذي لم ينسى أنه ساهم في إحياء حفل زفافه على السيدة جيهان السادات..
والمعروف عن عمر الجيزاوي زيجاته الكثير فقد تزوج ثلاث مرات. ويحكى هو عن زيجاته ضاحكا فيقول انه تزوج مرة من “زوجاية” يقولها بلهجته الصعيدية كانت تحضر إلى المسرح يوميا لمشاهدته، أما الثانية والثالثة فكان يقول “هما اللي اتجوزوني”!
وقد بلغ عدد أبنائه لهذا السبب عشرة أبناء تقدموا بشكوي إلى وزارة الثقافة وجمعية المؤلفين والملحنين بعدما غنت شادية من ألحان الدكتور جمال سلامة أغنيه “مصر اليوم في عيد” ليصاب الجيزاوي بالاكتئاب وهو يعرف أنها أغنيته وأن اللحن لحنه!
ويؤكد كاتب هذه السطور إنه عندما سمع أغنية شادية التي ادعوا أنها من ألحان الموسيقار الكبير الدكتور جمال سلامة فإنه قفز صارخا ليقول أنه لحن سمعه منذ أكثر من عشر سنوات وسجلتها الإذاعة بصوته تقول كلماتها “ياللي من البحيرة ويللي من آخر الصعيد”..
والنتيجة: هى أن المحكمة لم تستطيع الفصل بين اللحنين.. لحين الذي لم يدخل مدرسة في حياته ويلحن بالفطرة، ولحن الدكتور خريج أكاديمية الموسيقى في موسكو، فتقرر قسمة اللحن بين الجيزاوي وجمال سلامة “وتموت القضية”!!
آخر ما يمكن أن نقوله هو أن هذا الفنان البسيط كان له موقف معارض وواضح ضد الملك فاروق قبل قيام الثورة، وقد أنذرته الداخلية والبوليس السياسي بالكف عن التعريض بالتلميح أو التصريح بصاحب الجلالة، لكنه رفض كما رفض أن يغني للملك حتى بعد تهديده بوقفه عن العمل واتهامة بالشيوعية التي لا يعرفها ولا يعرف معناها..
وكان آخر ما يهم عمر الجيزاوي هو الاهتمام بفن المونولوج لأنه يجمع بين الأغنية والنقد الاجتماعي والحكاية..
والسؤال الآن هو: هل ما زلنا نذكر عمر الجيزاوي الذي ولد يوم 24 ديسمبر عام 1917 وتوفى يوم 22 ابريل عام 1983؟!