“الاختيار” يرفع الروح المعنوية لأسر شهداء بئر العبد
كتب : محمد حبوشة
وكأنهم كانوا على موعد مع القدر، فقد شاءت الظروف أن يتزامن تنفيذ العملية الغادرة التي راح ضحيتها 10 من أفراد قواتنا المسلحة الباسلة بالأمس في “بئر العبد” مع إذاعة الحلقة السابعة من مسلسل “الاختيار”، والتي تستعرض ثاني عمليات الشهيد العقيد أحمد منسي، قائد عمليات الكتيبة (103 صاعقة) بنفس الظروف والملابسات وفي نفس المكان تقريبا، لكن الزمان اختلف حيث جاءت عملية الأمس الإرهابية في أيام رمضان المبارك، لتكتب الشهادة لأبطالنا بحروف مضيئة في سجل التاريخ وفي ظل أيام مباركة، في وقت يقوم زملائهم بأثر رجعي بشن هجوم شرس على أحد الأوكار الإرهابية بإحدى المزارع في شمال سيناء.
المفارقة التي حدثت بالأمس تعكس دلالة مهمة، فهي من ناحية رفعت الروح المعنوية لأسر شهداء عملية “بئر العبد” من ناحية وأكدت على أن حق الشهداء لايضيع طالما هناك عيون تبصر وضمير حي يحرس هذا الوطن، ومن ناحية أخرى تبقى الرسالة الأوضح والأوقع، أن سلسال الشهداء لن ينتهى، طالما هناك خطرا يحيط بالوطن، والرسالة تقول أيضا أن شهداء الأمس من رجال القوات المسلحة، ما هم إلا امتداد لسير الشهداء والأبطال، من منسى إلى عمر شبراوى ومحمد أحمد عبده، خالد دبابة، أحمد فؤاد حسن، محمد أيمن شويقة، محمد صلاح، والجندى على على” وغيرهم من أبطال سجلوا اسمهم بحروف من نور فى تاريخ العسكرية المصرية على جناح البطولات النادرة، وهو نوع من التأكيد العملي أن مسلسل “الاختيار” مجرد نموذج لمئات الألاف من النماذج المضيئة فى العسكرية المصرية وفى تاريخ الشعب المصرى.
حلقة الأمس من مسلسل “الاختيار”، كان لها أكثر من أثر في نفوس أسر شهدائنا الأبرار وباقي أفراد الشعب المصري، حيث أحدثت – دون ترتيب – حالة من الاصطفاف الشعبى والتعاطف الكبير على كافة المستويات، تزامنا مع مسار نجاح العمليات العسكرية ضد العناصر الإرهابية في إحدى المزارع بشمال سيناء – نفس مسرح جريمة الأمس، تقريبا أو يبعد عنه قليلا – وربما كان سبب تلك العملية الغادرة أنها ولدت ضغينة في قلوب هؤلاء المتطرفين جراء تدخل الجيش المصرى فى التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، ودعم أفراد الشعب المصري بالسلع والخدمات في أثناء تلك الأزمة، كل ذلك صنع حالة من الاستنفار لدى قيادات العناصر الإرهابية ، وكذلك الأجهزة التى تمولهم من الخارج، حتى أن اختيار توقيت عملية أمس فى بئر العبد، من المؤكد أنه جاء ليستهدف تلك النجاحات المتتالية للدولة المصرية، ومحاولة إجهاض كل عمل بطولي يقوم به الجيش في الحياة المدنية والعسكرية.
ويبدو واضحا أكثر أن تلك العناصر الإرهابية غير مدركة أن النجاحات العسكرية التي يسجلها الجيش المصري يوميا وكذلك مسلسل “الاختيار” ليس عملا بطوليا سجله شخصا بمفرده، فهو في الواقع لا يحكي قصة “المنسى” في حد ذاته، ولكنها سيرة جيش بأكمله ضحى وحمى وقام بصد كل أشكال العدوان بعقيدة إيمانية راسخة منذ فجر التاريخ وحتى اللحظة الراهنة، مفادها أن الحفاظ على هذا التراب المقدس وحمايته بالدم والروح راسخ في قلوبنا، ومن أجلها نقوم بدفع الثمن أولا بأول، فقد وضع كل أفراد القوات المسحلة أنفسهم شهداء تحت الطلب، كي يرضى مواطنيه وأهله، بل كان دائما خلف إرادة الشعب المصرى، وحاميا لها في أوقات السلم والحرب.
وهو ما انعكس في رسالة ترجمة حقيقية من جانب الرئيس عبد الفتاح السيسي كما جاء في تغريدته على “تويتر” قائلا : “نالت يد الغدر من أبنائنا الأبطال جنوب مدينة بئر العبد، فقوى الشر لاتزال تحاول خطف هذا الوطن، لكننا بفضل الله وبفضل أبناء مصر وجيشه القوي، صامدون بقوة وإيمان، وقادرون على أن نحطم آمال تلك النفوس الخبيثة الغادرة.. رحم الله أبناءنا، وكل من قدم نفسه شهيدا أو مصابا فداء لمصر، رحم الله كل من روى بدمائه وعرقه تراب هذا الوطن كي يبقى نابضا بالحياة وتظل رايته مرفوعة .. حفظ الله مصر وشعبها .. تحيا مصر .. تحيا مصر .. تحيا مصر”.
النجاح الذي حققه المؤلف “باهر دويدار” والمخرج بيتر ميمي، والأداء البطولي لأمير كرارة الذي أظهر كفاءة المقاتل المصري بصدق وإيمان كما جاء في تجسيده الحي لمنسي قائد العملية، يؤكد بما لايدع مجالا للشك بأن الدراما المصرية تسير بخطى واثقة وتعكس نبض الشارع المصري، وأصبحت الآن بمثابة أمن قومي وحائط الصد ودرع الأمان الذي يمكن أن يدعم الشعب المصري بكافة طوائفه سواء في التصدي للعمليات الإرهابية بسيناريو متقن وصورة مبهر تستطيع أن تعدل المزاج العام نحو دفة الاحترافية والصناعة الجيدة، ولقد جاءت أحداث وملابسات الحلقة السابعة كرسالة قوية في وقتها الصحيح، وهنا نشيد دور القوات المسلحة في توفير الدعم اللوجيستي لتفيذ العمليات القتالية في ثنايا المسلسل بنفس الروح والحماس الذي سجله أبناء القوات المسلحة في حينه، ومن واجبنا أيضا أن نشكر شركة “سينرجي” ممثلة المنتج الكبير “تامر مرسي”، والمشرف على الإنتاج “حسام شوقي” في توفير الدعم المادي اللازم لتلك الأعمال الضخمة التي توازي حجم هذا الوطن.