كتب : محمد حبوشة
أعترف في البداية أنني لم أحبها أو أتعاطف معها طوال حياتي، بل أراها واحدة من العلامات السوداء التي تسيئ للفن المصري، فلاهى ممثلة كما تروج لنفسها ويروج لها البعض باعتبارها رمز “للجندعنة” التي تتصنعها ليل نهار، ولا هى راقصة يشار لها بالبنان في تقديم تابلوهات فنية مبهرة، ولا حتى “خفيفية” الدم كما تشير بأصابعها الخمسة دائما متشدقة بكلمات سوقية على شاكلة “خمسة مواه”، ولست أدري ما معنى تلك الـ “خمسة مواه” التي صارت شعار رسميا للكتلة البشرية من “اللحم المشفي” التي يطلق عليها “فيفي عبده”.. تلك باختصار وجهة نظري الشخصية في فيها كفنانة تعنى بالتلوث البصري، والتي بالتأكيد تخالف وجهة نظر رئيس تحرير “شهريار النجوم” الزميل أحمد السماحي الذي يراها عكس ذلك تماما.
ما علينا : المهم أنني شاهدت بعض حلقات “خلى بالك من فيفي” وأصابتني حالة من التقزز ومعي الكثيرين من الجمهور المصري الواعي بهذا العبث الذي تبثه قناة “mbc مصر” من برامج لاتمت للتسلية أو الترفيه بقدر ما تصيبنا بالصدمة والرعب والبكاء على أيام زمان في ظل قناة واحدة للتلفزيون المصري تبث برامج هادفة على جناح الترفيه النظيف في رمضان، فلم تكتفي بـ “رامز جلال مجنون رسمي” ، ولا “إغلب السقا” حتى جاءت إلينا بالمدعوة “فيفي عبده” لتثير الرعب بطريقة ساذجة في نفوس ضيوفها من باب الدعابة السخيفة.
الحقيقة أن “فيفي عبده” احتلت مساحة كبيرة من حياتنا في غيبة من وعي الكثيرين، وصارت نموذجا للمرأة المكافحة التي عملت بجد واجتهاد طوال حياتها وبنت نفسها بطريقة عصامية، والحقيقة أنها لا تحمل سلاحا – حتى على مستوى الجمال الذي يمكن أن يشفع لها – سوى قلة الحياء و”التطجين” في الحديث بطريقة “أجريسف” تبدو من خلالها خفيفة الظل بحسب البعض في القنوات والبرامج والإعلاميين السفهاء الذين يستضيفونها بطريقة تعسفية كي تفرضها علينا كنموذج مصري للمرأة المناضلة تارة، وتارة أخرى على أنها الفنانة العصامية التي استطاعت أن تشق سماء النجومية بثقة رغم أنها لم تنل أي قدر من التعليم.
يبدو لي أن أحد مسئولي “mbc مصر” لديه قناعة شديدة بأن “فيفي هبده”، نعم أقصد “هبده” من “الهبد” الذي تقوم به طوال اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، نعم يبدو أن هذا المسئول أدرك منذ فترة أن “فيفي” تستطيع أن تركب “الترند” في أي لحظة على جناح “سكوزمي – أيوه بقى – قشطات عسلات فلات” وأن جمهور “السوشيال ميديا” تعجبه مثل تلك الترهات التي تتشدق بها بغير منطق ولا عقل واعي، والعجيب في الأمرأن لديها يقين مسبق بأنها تقوم بتسرية الجمهور الجالس في البيت قسرا في ظل جائحة كورونا.
ومن هنا أسوق إليها وإلى mbc مصر أبسط ردود الفعل على هذا البرنامج السخيف شكلا ومضمونا فقد تضمنت قائمة المحتويات الرائجة بموقع تويتر، هاشتاج فيفي عبده، وذلك بعد طرح الحلقة الأولى من برنامجها “خلي بالك من فيفي”، فكانت غالبية تعليقات رواد “تويتر” سلبية على البرنامج، فكتب أحدهم: “بشكر Mbc إنهم عرضوا برنامج فيفي عبده بدري علشان نبطل نتفرج عليه قبل رمضان، وكتب آخر: “وزيرة الصحة تصدر بيان آخر بعد قليل لضحايا أول حلقة من برنامج فيفى عبده”، وعبرت التعليقات عن عدم فهمها للمقلب، وقال متابع على تويتر: “هو فين المقلب يا جماعة، أنا مش شايف أي مقلب”.
على جانب آخر، أعلنت الفنانة فيفي عبده عن مقاضاتها لرامز جلال للضرر الواقع عليها في تسجيل حلقة في برنامج المقالب “رامز مجنون رسمي”، وهنا نتساءل عن هذا العبث الذي يجرى على قناة واحدة بين مقدمة برنامج “مقالب” التي انقلبت على أشهر برامج المقالب وتقاضيه على الضرر البالغ الذي وقع عليها، بينما نحن الجماهير ضحايا “فيفي هبده” نفسها عبر برنامجها الذي يعتمد في الوقت ذاته على عمل “مقلب” بالضيف، إذ تستضيفه “فيفي”، وبصحبتها مذيعة مغربية في منزلها، بحجة تصوير برنامج خاص، ثم تقوم فيفي بعادات غريبة، مثل رش الملح وإشعال البخور في المنزل بعد أن تسمع صوت فرقعة بالمكان، وتعتقد أنه حسد، ثم تظهر إحدى العاملات المفترض أنها “يلبسها عفريت” وتهاجم الضيف.
ورغم استخدام “فيفي” كلماتها الشهيرة على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تظن أن الجمهور يحبها وتحقق نجاحاً، إلا أن ردود الأفعال حول الحلقة الأولى من برنامج “خلي بالك من فيفي” جاءت سلبية للغاية، إذ عبرت عن فشل البرنامج في الإضحاك، بالإضافة لكونه نسخة مكررة من برنامج مقالب للاعب كرة القدم السابق إبراهيم سعيد، وانتقد متابعوا البرنامج صوت فيفي غير الواضح “المحشرج” – على حد تعبيرهم – كما انتقدوا تمثيل الفنانة زينة ورد فعلها الذى بدا أنه مفبرك.
ربما احتلت “فيفي” وبرنامجها ترند “تويتر” لفترة، لكن يبدو ملوحظا “للأعمى” أن التعليقات كانت شديدة السخرية من روّاد الموقع، ومن ناحيتها، فوجئت فيفي عبده برسم علامات تعجب كبيره على وجهه المشدود على حبل السنوات العجاف باحتلال برنامجها “ترند” تويتر، وقالت في مداخلة مع برنامج “يحدث في مصر” مع الإعلامي المحترم شريف عامر على شاشة “إم بي سي مصر”، إنها سجلت 60 حلقة من البرنامج نصفها للعرض المصري، والآخر للعرض للتليفزيون المغربي، ما يفسّر وجود مذيعة مغربية بصحبة فيفي في “المقلب” المصطنع في تكرار ممل، رغم أن دور المذيعة غير مفعل في الحلقات بشكل يمكن أن يجذب الجمهور المغربي سوى أنها تتحدث بلهجة مغربية غير مفهومة للجمهور المصري الذي لم يجد سببا معقولا لضرورة وجودها على الأقل في النسخة المصرية من البرنامج.
حاولت “فيفي” مع شريف عامر أن تؤكد على أنها “حنينة وطيّبة”، لذلك لم تكن تقسو على الضيوف رغم وجود تعليمات من المخرج بذلك، لكنها كانت تنفذ أقل ما به ضرر للضيوف، وعندما سئلت هل تقلد “رامز جلال” رغم انتقادها لبرامجه، أشارت إلى أنها لا تقارن برامز ولا بمقالبه، لافتة إلى أنها سترفع دعوى عليه لأنه استخدم الكهرباء معها في برنامجه الجديد “رامز مجنون رسمي”، كما رددت الكلام نفسه على حسابها بـ”انستغرام”، وشددت في كلامها بلغة تهديدية قائلة: “والله لأوديك في داهية يا رامز عشان كهربتني أكثر من كل الضيوف”.
الواقع أن ظاهرة فيفي عبده قد بدأت منذ فترة طويلة وامتدت مساحتها في تجريف الفن المصري منذ أن وطأت قدماها أرض السينما في ظل موجة “أفلام المقاولات” وكذلك شاشة التلفزيون بمسلسلات غاية في التلوث على مستوى الصورة التي انتقدها جمهور السوشيال ميديا، والصوت “المحشرج” على حد تعبيرهم، فلاهي ممثلة قديرة برعت في تجسيد “بنت البلد” أو حتى “الفلاحة” كما سبقها من رواد في هذه الألوان من التجسيد – رغم أنها تنحدر من أصول فلاحية كما نعرف – ولاهى تتمتع بصوت جذاب يوحى بأي شيئ يمكن توظيف دراميا سوى تصديرها على أنها إمرأة “رداحة” تجيد كيد النساء، وتلك كانت آفة الدراما المصرية في فترات سابقة قبل أن يغزوها العنف والبلطجة والعشوائية تحت نير “الأكشن” الحالي الذي يبرز أسوأ ما فينا، ويطرح نماذج سلبية للبطولات الزائفة على جناح الغرور والتعالي.