رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

درية أحمد .. ضحت بنجوميتها لأجل “سهير رمزي”

في فيلم خضرة والسندباد القبلي
“على يا علي .. يا بتاع الزيت”
عطشان ياصبايا من فيلم “الدم يحن”

* كان أول أزواجها ابن شقيقة “علي ماهر باشا” رئيس وزراء مصر

* غنت “يا أبو العيون السود” قبل محمد عبدالمطلب

* محمد فوزي طلبها للزواج، وأنور وجدي فتح لها باب الإذاعة

* أول من غنت الأغنية الرياضية التى تتحدث عن “الكورة”

* من أوائل المطربات الاتي غنين لثورة يوليو1952

* “خضرة” تخلد اسمها في السينما المصرية

الفن كان عشقها الذي قاومت من أجله

كتب : أحمد السماحي

هذا الأسبوع قررنا في باب “مظاليم الفن” أن نتوقف عند فنانة كبيرة، تمر هذه الأيام ذكرى رحيلها ” 3 إبريل 2003″، هذه الفنانة كانت فى الأربعيات والخمسينات ملء السمع والبصر، ونجمة ساطعة في سماء الفن المصري، تميزت بالجمال المصري الذي يمكن أن تتعرف عليه بسهولة لو صادفك في أي مكان في العالم، وفضلا عن الجمال تميزت أيضا بقوة التمثيل والصوت العذب الصداح الذي يحمل نبرة خاصة تميزه عن كل الأصوات الأخرى، وزينت كل هذا بخفة الدم الربانية التى منحها الله لها بغير حساب.

اليوم سنتوقف عند الفنانة “درية أحمد” التى كانت من أوائل المطربين الذين غنوا لثورة يوليو 1952، وأول مطربة تغني لكرة القدم، وأول فنانة تحمل سلسلة من  الأفلام اسم واحدة من شخصيتها التى جسدتها وهى “مغامرات خضرة”، و” خضرة والسندباد القبلي”.

ولدت “حكمت أحمد حسن السمرة” فى المحلة الكبرى، لعائلة “السمره” المشهورة بثرائها، وعمل معظم أبنائها في مجال الطب، وهى في الثانية من عمرها رحل والداها الثري، فاضطرت والدتها أن تترك المحلة، وتنزل بها إلى القاهرة، وعاشت مع عائلة والداتها، وعندما بلغت سن الدخول إلى المدارس ألحقتها والدتها بأحدى المدارس الحكومية، ونظرا لجمال الأم وصغر سنها لبت نداء أول رجل تقدم لخطبتها، بعد أن بدأت ابنتها تكبر، وتزوجت من رجل محب للفن والجمال بطبعه، وعلى علاقة صداقة بكثير من نجوم هذه الفترة ومنهم الشيخ “زكريا أحمد”.

مقابلة زكريا أحمد

في سن الرابعة عشر بدأت “حكمت” تحس بحلاوة صوتها وهوايتها للغناء، لكن والداتها اعترضت بشدة على هواية ابنتها للفن، خاصة أن عائلة والداها محافظة جدا، لكن بعد إصرار “حكمت” وشغفها بالغناء، وعشقها لصوت “أم كلثوم” وافقت الأم أن تذهب ابنتها لزيارة الشيخ “زكريا أحمد” صديق زوجها، وبالفعل استمع الشيخ “زكريا” إليها، وأعجب بصوتها، لكن نظرا لانشغاله الشديد، لم يلحن لها أغنيات خاصة، وسمح لها بغناء أي لحن من ألحانه الكثيرة التى قدمها لكثير من المطربين والمطربات.

غلاف مجلة الكواكب

الزواج من ابن شقيقة علي ماهر

بعد زيارتها للشيخ “زكريا” عاشت “حكمت” في حيرة شديدة، وضيق وحزن، ولاحظت الأم حيرة ابنتها، وأشفقت عليها خاصة عندما بدأت “حكمت” تفقد شهيتها للأكل وينقص وزنها، لكن كانت الأم تعلم أن عائلة ابنتها لن تسمح لـ “حكمت” بامتهان الفن، خاصة إنهم عندما علموا بنية الإبنة، فهددوها بالقتل، وفى هذه الفترة ورغم صغر سن “حكمت” إلا أن العرسان بدأوا يطرقون الأبواب لخطبتها، وفى أحد الأيام قالت لها والداتها: إذا تزوجتي يا “حكمت” فإن أهلك لن يكون لهم سلطة عليك، وبالفعل تزوجت “حكمت” وهى في سن السادسة عشر من شاب اسمه “محيي الدين عبدالنبي” ابن شقيقة رئيس وزراء مصر “علي ماهر باشا”، لكن هذا الزواج لم يستمر سوى عام واحد وتم الطلاق نظرا لشغف وعشق “حكمت” للفن والغناء.

مع عبدالسلام النابلسي

اللقاء مع القصبجي

بعد الطلاق عادت “حكمت” لمنزل والداتها، وبعد فترة بدأت أحلام الغناء تطاردها في صحوها ومنامها، وهنا ذكرتها والدتها بأن الملحن الكبير “محمد القصبجي” كان صديقا حميما لوالدها “أحمد حسن السمره”، ولو ذهبت إليه حتما ستجد الترحيب المناسب بموهبتها، وفعلا ذهبت “حكمت” إلى “القصبجي” مع زوج والداتها، ورحب الملحن الكبير ترحيبا حارا بها، وفاء منه للصداقة التى كانت تربطه بوالداها الراحل، وسألها يومها تحبي تغني ايه يا حكمت؟ فغنت له رائعته الجديدة “رق الحبيب”، وصفق لها “القصبجي” وكافأها على موهبتها بأن اصطحبها في اليوم التالي إلى حفلة فرح أحد أصدقائه.

مع هند رستم

عبدالوهاب يصفق لها

كان الحفل مليئا بالعاملين في المجال الفني فكان موجودا يومها بالمصادفة الموسيقار “محمد عبدالوهاب”، والمعلم “صديق أحمد” متعهد الحفلات الشهير، وغنت “حكمت” فى هذا الحفل أغنية “أنا فى انتظارك” لكوكب الشرق أم كلثوم، وصفق الجميع بما فيهم “محمد عبدالوهاب” للموهبة الشابة الجديدة، وكانت كلما انتهت من غناء مقطع من الأغنية يشير إليها عبدالوهاب بيده، ويطلب منها الإعادة، وفى هذا اليوم تأكدت “حكمت” من موهبتها، ومن قدرتها على مواجهة الجمهور بدليل أنها غنت فى الفرح ولم تخش أحد رغم وجود عمالقة التلحين أمامها.

المعلم صديق يطرق بابها

فى اليوم التالي للحفل الذي غنت فيه وجدت المعلم “صديق أحمد” يطرق بابها ويطلب منها الغناء معه في الحفلات التى يقيمها في مصر ومحافظات مصر، خاصة وإنها شابة جميلة وكل مطربات المسرح فى هذا الوقت كن كبرن، وبذكاء التاجر الشاطر كان يهمه أن يظهر في حفلاته مطربات جديدات تكون أجورهن ضئيلة ويكون همهن الأول أن يعرفهن الجمهور، وبالفعل شاركت “حكمت” فى حفلات المعلم صديق مع زملائها المطربين “محمد فوزي، عباس البليدي، كارم محمود، محمود شكوكو، محمد كامل، الراقصة هاجر حمدي” وغيرهم، بعد أن غيرت اسمها إلى “درية” حتى تتفادى معرفة أهل والداها بإحترافها الفن.

مع كمال الشناوي في “خضرة والسندباد القبلي”

يا أبو العيون السود

تطلب وجودها في الحفلات بصورة يومية أن يكون لها أغنياتها الخاصة، لأنه ليس معقولا أن تظل تغني أغنيات أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، فى هذه الحفلات، وبالفعل اتفقت مع مجموعة كبيرة من الملحنيين مثل “محمد القصبجي، رياض السنباطي، محمود الشريف، محمد حلمي، محمد عبدالعليم، حسن أبوزيد، إبراهيم حسين، محمد إحسان” وغيرهم من الملحنيين، وفى هذه الفترة اشتهرت لها أغنية بعنوان “يا أبو العيون السود، ياللي جمالك زين” من تلحين “محمود الشريف”، ونظرا لنجاح الأغنية الكبير، طلب المطرب “محمد عبدالمطلب” أن يغنيها، فوافقت على طلبه، واشتهرت الأغنية بصوت “عبدالمطلب” لأنه قام بتسجيلها للإذاعة، فكانت الإذاعة تبثها باستمرار، فى الوقت الذي كانت ” درية أحمد”  تغنيها فقط على المسارح .

 محمد فوزي يطلبها للزواج

كان من الطبيعي ونظرا لجمال “درية أحمد” وشبابها، وخفة دمها، أن تلفت نظر الشباب، خاصة العاملين في الوسط الفني، وبالفعل تقدم للزواج منها زميلها المطرب “محمد فوزي” القاسم المشترك فى حفلاتها، الذي كان يشعر بخفقات قلبه تدق بقوة عندما تظهر “درية” من بعيد، وبالفعل تقدم المطرب الشاب وخطبها من والداتها، لكن طموح الفنانة الشابة وعشقها للغناء، ورغبة “فوزي” في أن تكون “درية” ست بيت حال دون إتمام الزواج، وفى هذه الفترة أعجب بصوتها النجم الشهير المعجون بالفن “أنور وجدي”، الذي كانت تربطه علاقة صداقة بوالداها، فطلب منها أن تدخل الإذاعة، وبالفعل تقدمت لامتحانات الإذاعة ونجحت فيها، وأصبحت تغني في الإذاعة المصرية بصورة منتظمة.

مع محمود المليجي في مشهد من فيلم “الدم يحن”

الزواج والإنجاب

فى أحد حفلاتها في مدينة “بورسعيد” أعجب رجل الأعمال البورسعيدي “عبدالسلام نوح” بالفنانة الفاتنة، فسرقت عقله وقلبه، وعاشا قصة حب جميلة لشهور كللت فى النهاية بالزواج، واستغل حبه لها، واستطاع إبعادها عن الأضواء لمدة أربع سنوات، انجبت خلالها ابنتها “سهير عبدالسلام نوح”، لكن حنينها للفن بدأ يعاودها، ولم تعد تشعر بالسعادة الزوجية في كنف “عبدالسلام” ومن هنا وقعت بينهما خلافات مستمرة أدت في النهاية إلى الطلاق، وأخذ منها طفلتها، وحرمها من رؤيتها، لكن عندما بلغت “سهير” الرابعة أرسلها لتعيش مع والدتها، التى بدأت تجذبها أضواء السينما.

 السعادة المحرمة

نظرا لعشق جمهور السينما في الأربعينات والخمسينات للغناء، فكان مخرجين السينما “يحشرون” أغنية أو اثنتين في أحداث الفيلم، وإذا كانت بطلة الفيلم لا تجيد الغناء، فكان المخرجين يسعون إلى مطربات الإذاعة ليغنين في الفيلم مكان البطلة التى تغني بطريقة “البلاي باك”، لهذا لجأ الأخوان “لاما” للمطربة “درية أحمد” لتعير صوتها لبطلة فيلمهما “ليلة رهيبة” بدرية رأفت، وفى الاستديو قابلت متعدد المواهب المؤلف والمخرج والشاعر “السيد زيادة”، ونظرة لخفة دم وجمال “درية” وقع “السيد زيادة” في غرامها من النظرة الأولى، وحتى لا تبتعد عنه، طلب منها مشاركته في بطولة فيلمه الجديد “السعادة المحرمة” بطولة “أمينة رزق، ومحسن سرحان” واشتركت بالفعل في الفيلم، وتم الزواج بينهما الذي استمر 13 عاما.

خضرة والسندباد القبلي

مغامرات خضرة

انعكست السعادة الزوجية على عمل ” درية أحمد” فقدمت في هذه الفترة 1950 مع زوجها المخرج “السيد زيادة” عدة أفلام ناجحة منها فيلم “مغامرات خضرة” بطولتها مع “كمال الشناوي، إسماعيل ياسين” الذي حقق لمنتجه “حسن رمزي” إيرادات ضخمة، وتوالت أفلام “درية أحمد”  مثل “خضرة والسندباد القبلي، ماكانش ع البال، الدم يحن” وغيرها، وكان آخر أفلامها قبل إعتزال الفن “غازية من سنباط”، وبعد زواج استمر 13 عام تم طلاقها من “السيد زيادة”، وتزوجت من المستشار “محمد العلايلي”، وأعتزلت الفن للتفرغ لرعاية ابنتها النجمة الكبيرة “سهير رمزي” التى أخذت إسم “رمزي” من صديق العائلة المنتج والمخرج الكبير “حسن رمزي”.

مع إسماعيل ياسين في “الدم يحن”

درية تغني لثورة يوليو 1952

الكثير لا يعلم أن الفنانة “درية أحمد” كانت من أوائل المطربات التى غنت لقيام ثورة يوليو عام 1952 ففي فيلمها الشهير “الدم يحن” دويتو رائع بعنوان “عطشان يا صبايا” كلمات ” أحمد منصور” وألحان إبراهيم حسين” يقول مطلعه :

المطرب: عطشان يا صبايا دلوني على السبيل

الخير من زرع إيديا ونصيبي منه قليل

درية أحمد: ما خلاص الحظ اتبسم والخير على الشعب اتقسم

ولا عدش فقير يتألم ويقول نصيبي قليل”

بمجرد عرض الفيلم كانت الإذاعة المصرية تذيع هذه الأغنية باستمرار،خاصة وأنها تشيد فيها بالشباب الذي أنقذ البلاد من الظلم والهوان.

مع عبد الوراث عسر في فيلم “ماكنش على البال”

أول من غنت لكرة القدم

يحسب لـ “درية أحمد” أنها كانت أول مطربة تغني لكرة القدم، وقبل أغنية “بين الأهلي والزمالك” للصبوحة بحوالي 10 سنوات، حيث قدمت أغنية بعنوان “ول يا ول، ونج يمين، ونج شمال”، كلمات الشاعر الغنائي “فتحي قوره” وألحان حسن أبوزيد في بداية الخمسينات.

في آخر أيام حياتها مع ابنتها النجمة سهير رمزي
قبلة على خد ابنتها “سهير رمزي”
سهير رمزي في عز توهجها الفني

الإهمال والتجاهل

رغم غزارة الأغنيات التى قدمتها الفنانة “درية أحمد” فى الإذاعة المصرية منذ الأربعينات وحتى نهاية الستينات، والتى تعدت الـ “150” أغنية، إلا أن الإذاعة المصرية بكافة محطاتها لا تذيع إطلاقا أي من أغنيات هذه الفنانة التى تعرضت للظلم الكبير لمشوارها الفني.

…………………………………………………………………………………………..

لينك أغنيتي “عطشان ياصبايا” و”على يا علي يابتاع الزيت” من أبرز أغانيها

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.