محمد فوزي .. نهاية حزينة لفنان البهجة الغنائية
بقلم : سامي فريد
كانت شركة “مصر فون” هى طموحه الأكبر وحلمه الذي يستطيع من خلاله أن يمد يد المساعدة لزملائه الفنانين، ومن بينهم أم كلثوم نفسها لينقذهم من استغلال شركات الاسطوانات لهم مثل شركتي “كايرو فون وبيضا فون”..
أنشأ محمد فوزي شركته في البداية بمساهمة الفنانة مديحة يسري.. وامتد طموحه واتسع عمله فشاركه المليونير السعودي “حسن سرور”.. وامتد طموح محمد فوزي إلى الرأسمال الأجنبي فعقد شراكة مع “تليفونكن” الألمانية وأضاف إليها شراكة رأسمال الهولندي فخرجت من الشركة “تليفونكن”..
نجحت الشركة وأقبل عليها المطربون والملحنون والموسيقيون بعدما لسموا بأنفسهم فرق السعر بين طبع الاسطوانة في شركة محمد فوزي وبين سعر طبعها في بيضافون أو كايروفون..
ثم تبدأ تفاصيل الحكاية تتضح، وتبدأ محاولات حصار محمد فوزي لإجهاض نجاحه يوم قرر محمد فوزي خوض انتخابات جمعية المؤلفين والملحنين، وعندما فاز فوزي في الانتخابات بالأغلبية الساحقة (102 صوتا) مقابل 10 أصوات لأحمد رمي، كما فاز على يوسف السباعي وغيرهما وكانا مرشخين من قبل محمد عبدالوهاب لتبدأ القضايا والمعاكسات من عبدالوهاب ضد محمد فوزي، رغم ما كانا يبديانه من الصداقة في الظاهر.
وتبدأ شخصية أحمد أبو الفتوح شوقي وهو واحد من الضباط الأحرار للاستيلاء على شركة “مصر فون” ومصنع الشرق لإنتاج الاسطوانات وعملية إنتاج الأغنية من الألف إلى الياء.
كان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قد قرر دخول رأس المال الوطني في التصنيع فيستجيب محمد فوزي للفكرة الاشتراكية ويبدأ التنفيذ، كما طلبت الحكومة وبالشكل الذي رأته لمشاركة رأس المال الوطني في الشركات الخاصة، لكن حسن عباس زكي، وزير الخزانة في ذلك الوقت من سنوات الوحدة مع سوريا، والذي أطلقوا عليه وزير التأميم ينبه الحكومة إلى أن التأميم في هذه الفترة تحديدا في عز الوحدة مع سوريا قد يثير مخاوف سوريا من انتقال رأس المال الخاص إلى الحكومة.
ويقترح حسن عباس زكي، بدلا من التأميم فرض ضرائي تصاعدية تبدأ من 60% على المليون الأول من رأسمال أي شركة خاصة تزيد إلى 70% على المليون الثانية.
كانت حكومة الثورة قد فكرت في مصادرة أموال محمد عبدالوهاب وأم كلثوم لحساب التأميم، فاقترح عليهما مصطفي أمين أن يكتبا للملك عبدالعزيز آل سعود ليخاطب الحكومة المصرية في رفع يدها عن عبدالوهاب وأم كلثوم، وقد استجابت الحكومة لوساطة السعودية، لكن محمد فوزي لم ينته لما يحدث لانشغاله بشكل كامل بمشروعه الفني الضخم فبدأ تنفيذ التأميم على شركته وتحديدا بنصف الشركة الهولندي ثم الاستيلاء على كامل الشركة وبشكل تدريجي.
وبدأت المفاوضات مع محمد فوزي متعثرة في البداية، عندما قرروا له مرتبا هو 100 جنيه شهريا كراتب عند تنازله عن الشركة، لكن فوزي كان قد أصيب بمرضه الغريب.
ويقول بعض القريبين من محمد فوزي أن مرضه بدأ يوم دخل على شركته ففوجئ بالضابط الذي عينته حكومة الثورة للاستيلاء على الشركة، فوجده يجلس إلى مكتب محمد فوزي وقد وضع ساقيه على طولهما فوق المكتب.. اندهش فوزي إلى حد الذهول والغضب، فأشار إلى الضابط أن يحترم وجوده لأن هذا هو مكتبه، ورد الضابط على فوزي مستنكرا غضبه فقد أرسلوا إليه المائة جنيه مرتبه فماذا يريد بعد ذلك؟!..
انصرف محمد فوزي بعدما واجه هذا الموقف ليبدأ مشواره مع المرض لكن حكومة الثورة بعدما علمت بمرض محمد فوزي المفاجئ والغريب والذي لم يجد له علاجا داخل مصر أو خارجها فتقرر علاجه على نفقة الدولة، مقابل أن يصدر تصريحا يعلن فيه تنازله عن مشروعه للحكومة ويرفض فوزي إصدار هذا التصريح.. وينصحه زملاؤه المقربون بالاستجابة إلى ما يطلبوه منه، لكن فوزي لم يكن في الحالة التي تسمح له سوى في أن يسلك طريقا اعلاجه..
ثم تأتي النهاية..