كتب محمد حبوشة
ظني أن تأثير فريق “آل دياب” الفني المكون من “محمد وخالد وشيرين” يشبه إلى حد كبير التأثير المزمن لمادة “الأفلاتوكسين”، وهى عبارة سم طبيعي يتكون على المحاصيل الغذائية، ويسبب الإصابة بمرض السرطان، ويضعف الجهاز المناعي، ويحول دون نمو الجسم، ويسبب أمراض الكبد، وكذلك الموت بين البشر والحيوانات على حد سواء، تماما كما هو تأثير الفن الذي يقدم على طريقة هذا “الثلاثي الشرير”، والذي لا ينتبه كثير منا لتأثيره الخطير على الذهنية المصرية والعربية من أسباب تؤدي بالضرورة إلى اعتلال في المزاج العام، بفعل تركيزهم على السلبيات الموجودة داخل المجتمع وإظهارها على السطح بطريقة مريبة لاتخدم الفن أو المسئولية المجتمعية، بقدر ما تخدم أجندة الإخوان الخبيثة في ضرب البنية النفسية للمصريين وكراهيتهم للسلطة الحاكمة.
ومن الجدير بالذكر أن أفلام ومسلسلات هذا الثلاثي الخطير الذي يبث سموم “الأفلاتوكسين” الفنية في وضح النهار لا تشكل مخاطر صحية خطيرة فحسب على الجمهور المتعطش للفن الراقي، ولكن يعتقد أنها تضر بالجهود الرامية التي تبذلها الدولة حاليا في سعيها الحثيث نحو اعتدال الذوق الفني بإنتاج أفلام ومسلسلات تهدف إلى تحسين البيئة المحيطة بالإبداع كنوع من الأمان الذي يوازى الأمن الغذائي وتجارة الأغذية الدولية التي تستهدفها سموم الأفلاتوكسين، ذلك المنتج الثانوي المسرطن الذي يظهر بشكل طبيعي نتيجة لانتشار الفطريات على الحبوب وغيرها من المحاصيل، خاصة الذرة والفول السوداني، فهي نوع من السموم الفطرية، ومنتج شديد السمية يفرزه العفن الذي يتكون على كافة السلع الزراعية تقريباً في جميع أنحاء العالم، وهو يشبه إلى حد ما تأثير المنتج الفني “ثلاثي الأبعاد الديابية” عبر منتجاتهم من السينما والدراما التليفزيونية.
والحكاية باختصار أنهم بعد أن عاثوا في الأرض فسادا فنيا عبر أفكار مجنونة تارة على سبيل الفنتازيا، أو مشبوهة تارت أخرى، هبط أحدهم وكأن الأسماء انتهت من جعبة نجوم شباب هذا الزمن الضنين المفلس بمواهبه الفنية، حيث انتهى المؤلف “خالد دياب” من كتابة فيلمه الجديد “صرصرة فوق النيل” الذي يستعد الفنان الكوميدي “مصطفى خاطر” لبطولته بعد انتهاء فترات حظر التجول، ومرور أزمة كورونا على خير وسلام.
الفيلم يدور فى إطار كوميدي حول مخاطر المخدرات على عقول الشباب، والسؤال الآن لماذا العبث بواحدة من روائع الأدب العربي، ألا وهي رواية “ثرثرة فوق النيل” التى كتبها أديبنا العالمي “نجيب محفوظ”؟! ولماذا الإصرار على الاستهانة بتراثنا السينمائي الكبير والقيم من خلال فيلم يعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية، وهو “ثرثرة فوق النيل” إخراج حسين كمال، بطولة أحمد رمزي، عماد حمدي، سهير رمزي، ميرفت أمين، صلاح نظمي، نعمت مختار، وغيرهم من نجومنا الكبار؟!
والسؤال الأهم هل انتهت أسماء الأفلام حتى تعيشون على أمجاد غيركم من المبدعين الحقيقيين بتشويه تراثهم الجميل على أسنة رياح الكراهية والحقد؟!
والحقيقة أن “خالد دياب” أحد عناصر الثلاثي الشيطاني، هو مؤلف تخرج من كلية الفنون الجميلة قسم عمارة، ثم اتجه بعدها لدراسة الجرافيك، وبعد ذلك عمل فترة بالتدريس بالجامعة الأمريكية، لتبدأ علاقته بالسينما من خلال تأليف فيلم “ألف مبروك” عام 2009 بالاشتراك مع شقيقه الكاتب والمخرج محمد دياب، الذي قدم معه أيضا فيلمي “الجزيرة 2″، وقام بتأليف أفلام “بلبل حيران، أحلام حقيقية، بدل فاقد”، وكان بالفعل موهبة مبشرة حتى في كتابة الأغاني، إلى أن وقع في براثن الجماعة الإرهابية “فكريا” وليس تنظيميا، من خلال المشاركة في إعداد حلقات للداعية “معز مسعود” عبر برنامجي “الطريق الصحيح، رحلة اليقين”، وكتابة حلقات برنامج “خطوات الشيطان” مع شقيقيه “محمد وشيرين”.
وبدأت “السموم الديابية” تنتشر بشكل مرضي وتكشف عن جوهرها الخبيث في فيلم “اشتباك” الذي وصف على أنه فيلم دراما دولي مشترك بين فرنسا ومصر وألمانيا والإمارات العربية المتحدة، من إخراج محمد دياب، و بطولة نيللي كريم وطارق عبد العزيز وهاني عادل وأحمد مالك، وبدأت خيوط المؤامرة تكتمل باختياره لتمثيل مصر عن فئة أفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل توزيع جوائز الأوسكار التاسع والثمانون لكنه لم يُرشح، وتدور أحداث الفيلم بعد 30 يونيو 2013 داخل عربة ترحيلات تابعة للشرطة مكتظة بالمتظاهرين من المؤيدين والمعارضين لحكم جماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد خلع الخائن لوطنه وشعبه “محمد مرسي” من الحكم، وهذا ما يستدعي سؤال آخر: ماذا قدم “مرسي” وجماعته لمصر غير الخزي والعار حتى يتم تكريمه بفيلم يصنع الجدل؟ خاصة وأن المؤلفان محمد دياب وخالد دياب على عملا على السيناريو لمدة عامين كاملين.
كان محمد دياب هو الذي بدأ ببث سموم “الأفلاتوكسين” الفنية في أولى تجاربه الإخراجية بفيلم “678”، والذي اتخذ من رقم أحد الأتوبيسات678 إسما له؛ لكونه مسرحا تتعرض فيه إحدى البطلات للتحرش الدائم بالإحتكاك المتعمد، وفي خبث شديد وتشويه متعمد للمرأة المصرية والمجتمع بشكل عام راح “دياب” يتشدق بأن الفيلن يعالج قضية التحرش الجنسي، من خلال طرح قصص ثلاث نساء من طبقات اجتماعية مختلفة؛ هن: “فايزة، ونيللي، وصبا” اللاتي يواجِهن المشكلة نفسها، وتدور الأحداث في زيفها المتعمد حول النسوة الثلاثة المحبطات لكن الأخطر في الأمر أن الفيلم يسجل فتور السلطات إزاء مطالبهن، وكأن رأس الدولة في مصر لا تلقي بالا بأي من مواطنيها، وهذا بالطبع لايشكل سوى أفكار شيطانية منبعها الأساسي “الجماعة الإرهابية” التي تستخدم القوى الناعمة في ضرب آسافين بين السلطة والشعب.
دهاء الكاتب والمخرج في نفس الوقت “محمد دياب” يظهر هنا في طريقة المعالجة بوضع السم في العسل، فـ “نيللي” التي تقوم بدورها “ناهد السباعي” فتاة متوسطة الحال، تضرب من حاول لمسها في الشارع، في أثناء نزولها من سيارة خطيبها متجهة إلى باب المبنى الذي تسكنه؛ لتقوم بعدها برحلة مواجهة مع المجتمع؛ لإصرارها على رفع دعوى قضائية تحت عنوان “التحرش”.
وأيضا “صبا” التي تجسدها “نيللي كريم”، الفتاة الثرية، تخسر زوجها نتيجة حادثة تحرّش بها في ميدان عام، بعد مباراة لكرة القدم، وتطلب الطلاق منه لتخليه عنها عقب تعرضها للتحرش؛ وهو ما أدّى إلى خسارتها جنينها جراء تداعيات الحادث، لكن “صبا” تحول غضبها إلى حراك اجتماعي؛ فأسست جمعية تطالب بالتصدي للتحرش؛ لتحول الأضواء إلى هذه القضية، على الرغم من رفض المجتمع الاعتراف بها.
أما “فايزة” التي تقوم بدورها “بشرى”، فهي زوجة شابة محافظة، فقيرة مضطرة لاستخدام “الحافلة”، فهى تضطر لطعن أحد المتحرشين بها في منطقة حساسة، في محاولة منها للدفاع عن نفسها، في ظل الصمت المفروض عليها لدواعٍ اجتماعية، بعد أن شجعتها الناشطة “صبا”، في حين يسعي رجل المباحث عصام “ماجد الكدواني” لكشف غموض إصابة عدة رجال في حافلات النقل، ويطالب بوجود مخبر – على سبيل السخرية – في كل أتوبيس لمعرفة أسباب هذه الطعنات.
لقد اختلق “دياب” ثلاثة قضايا وهمية ليلقي بظلال كثيفة من الإحباط على ظواهر تعاني منها كافة شعوب الدول النامية ولست مصر وحدها على وجه التحديد، لكنه الفكر الإخواني الرجيم المتأصل في تضخيم القضايا واللعب بمشاعر الناس وتحفيزهم على التمرد على السلطة التي لا تهتم بمشاكلهم، في إطار الحريات التي تمنحها المواثيق الدولية المختلة التي لاتعرف طريقها سوى المنظمات العنصرية المستهدفة مصر بتقارير مزيفة حول الأوضاع المجتمعية للمرأة والأطفال والنشطاء وغيرها من أوراق تلوح بها في وجه الأنظمة والشعوب على سبيل الابتزاز الذي يخدم قوى الشر في العالم وعلى رأسهم الجماعة الإرهبية في سعيها الحثيث نحو إسقاط الدولة المصرية.
هذان نموذجان فقط نكتفي بعرضهما من سموم “الأفلاتوكسين الديابية”، والتي راح أثرهما – تقريبا – في زحمة الأحداث والكوارث التي تحيط بالعالم حاليا، فذهبوا لوجهة أخرى من العبث بالتراث الفني المصري، وذلك بتحطيم الرموز على جناح السخرية من أعمالهم، وآخرهم “نجيب محفوظ” الذي تناولوا روايته وفيلمه الرائع “ثرثرة فوق النيل” ليحيلوها إلى فيلم هزلي بعنوان “صرصرة فوق النيل”.. والسؤال المهم في نهاية هذا الشوط : هل من أحد يعي ويدرك تلك الجريمة التي تقع في وضح النهار؟ .. وهل من رقابة تدرك هذا العبث من سموم “الأفلاتوكسين” الفني على الطريقة الديابية، في سعيها الحثيث نحو هدم ثوابت هذه الأمة الغافلة بفعل أزمة “كورونا” عن مخططات إخوان الشيطان على جناح القوى الناعمة؟ .. اللهم بلغت .. اللهم فاشهد !!