هبة مجدي .. وجه ملاكي يعشق التحدي
كتبت : كرز محمد
رقيقة هادئة وبسيطة، تلك الأوصاف وغيرها ستأتي إلى خاطرك على الفور حين تظهر على الشاشة لدقائق في مشهد صغير، تؤدي أحد أدوارها التي تتسم في غالبيتها بالرومانسية والكوميديا والخير والرقة، وهى التي دخلت عالم الفن في سن صغيرة، وتمكنت من تكوين شخصيتها الفنية، وحجزت لنفسها مكانة متميزة بين النجوم المصريين الشباب، وذلك بمشاركاتها في العديد من الأعمال التلفزيونية، كما تألقت في عالم السينما من خلال عدة أعمال ناجحة.
إنها “هبة مجدي”، النموذج المثالي للفتاة المصرية الرقيقة، ورمز لجيل كامل من الفتيات، كان البعض اعتبره غير موجود في خضم سلسلة الأفلام التجارية، ولأنها ذات وجه ملائكي وموهبة مبشرة بدت تألقها موخرا وهى تبحث عن موطئ قدم وسط العمالقة والمحترفين، ولأجل ذلك فهي قد درست الغناء والنقد وتمارس التمثيل، الأمر الذي أوجد فرصتها للوقوف أمام الكبار في الكثير من الأعمال الدرامية.
صاحبة الوجه الملائكي “هبة مجدي” أشاد الفنان محمد صبحي بموهبتها وإبداعها بفن التمثيل، وأكد على كلامه النجم يحيى الفخراني، وذلك على أثر براعتها في تقديم العروض المسرحية العملاقة، وتنوعت في تجسيد الشخصيات بين البنت “المراهقة والعاقلة، والمدللة والطيبة والشريرة”.
هى عاشقة للفن منذ صغرها، حيث شاركت في العديد من الأعمال الفنية منهم مسلسل “بوجي وطمطم” ثم مع أسطورة الكوميديا الراحل فؤاد المهندس في فوازير “عمو فؤاد” ، وكان ذلك خلال عام 1998 حتى 2003، وخلال تلك الفترة تميزت برقتها وأسلوبها الراقي، ما أهلها للسطوع في سماء النجومية في فترة قصيرة منذ ظهورها، وفرضت شخصيتها بالوسط الفني بسبب موهبتها البسيطة على جناح الهدوء والرقة والرمانسية.
بدأت العمل في مجال الفن والتمثيل بالتحاقها بدار الأوبرا المصرية في سن مبكرة، تحت قيادة الدكتور جمال سلامة ثم تدربت على يد المايسترو صلاح عرام، وكانت معها المطربة آمال ماهر في ذلك الوقت، انتسبت بعد إنهاءها الثانوية العامة إلى جامعة عين شمس، حيث درست في كلية الآداب قسم نقد مسرحي، كما انضمت إلى معهد الموسيقي العربية بأكاديمية الفنون.
“العيد ألوان” .. هو أول أعمالها التلفزيونية، من إخراج محمد رجائي، حينما كانت في الصف الرابع الابتدائي، وكانت تشارك في هذا المسلسل سمية الخشاب، وبعدها شاركت أيضًا في العديد من مسلسلات الأطفال في ذلك الوقت، كما شاركت أيضا في مسلسل “عائلة مجنونة جدًا” بطولة فتحي عبد الوهاب ورانيا فريد شوقي.
ظهرت في أكثر من عمل تليفزيوني بدور المراهقة، منهم مسلسلات “الإمبراطور- 2002، حكايات زوج معاصر – 2003″، امرأة من نار – 2004″، وذلك من خلال أدوار صغيرة لم تكشف وقتها عن موهبتها الحقيقية، لكنها بدأت مشاركاتها فيما بعد كشابة في عدة أعمال، حيث شاركت في مسلسل “أنا وهؤلاء – 2005، سارة، مباراة زوجية ومسلسل عايش في الغيبوبة – 2006″، وشاركت في مسلسل “الفريسة والصياد مع ممدوح عبد العليم ومن إخراج خيري بشارة – 2007، أما في عام 2008 فقد شاركت في مسلسلات “ليل الثعالب، قصة الأمس، شط الإسكندرية”.
وتعتبر بدايتها الحقيقية في عالم التمثيل عندما شاركت “حسين فهمي وفاروق الفيشاوي” في مسلسل “قاتل بلا أجر”، بدور مميز، وفي عام 2009 كانت انطلاقتها بصورة أكبر في مسلسل “الأدهم”، ومسلسل “أفراح إبليس”، وعام 2010 شاركت بقوة عبر أداء أكثر نضجا في مسلسلي “العار، وأغلى من حياتي”.
وفي مجال الكوميديا قدمت عام 2011 سيت كوم بعنوان “شبرا تي في”، ثم عادت للتراجيدي كضيفة شرف في مسلسل “مشرفة.. رجل من هذا الزمان”، وظلت تتأرجح بين الكوميدي والتراجيدي، حيث شاركت عام 2012 في مسلسل “الزوجة الرابعة، الإمام الغزالي، 9 جامعة الدول، قضية معالي الوزيرة”.
وكان 2013 هو الفارق في حياتها المهنية حين شاركت في عملين في موسم رمضان هما مسلسلي “الشك ومزاج الخير”، وقامت بتصوير مشاهدها من أول أعمالها السينمائية وهو فيلم “القشاش” مع محمد فراج وحورية فرغلي وإخراج إسماعيل فاروق، وفيلم “يوم من الأيام”، الذي شاركها فيه البطولة كل من “محمود حميدة، ولطفي لبيب، وأحمد حاتم، وحسن عبد الله، وسامية عاطف”، والفيلم من تأليف وليد يوسف، وإخراج محمد مصطفى، وإنتاج حسين القلا، وكان لها مشاركة متميزة في مسلسل “ولاد تسعة” الذي لعبت فيه دور خادمة يتم اتهامها بالسرقة، وشاركها البطولة مجموعة من النجوم منهم “نيكول سابا، وخالد سليم، وخالد زكي، وإلهام عبد البديع، وسهر الصايغ، وبيومي فؤاد، ومحمد التاجي، ميار الغيطي.
وبعد قصة حب أسطورية في شهر يوليو 2016 تم عقد قرانها على الملحن والمطرب محمد محسن، فوق خشبة المسرح القومي، وشاركا في تقديم العرض المسرحي الخاص بهما بمسرحية “ليلة من ألف ليلة” للنجم يحيى الفخراني، رغم زفافهما بنفس اليوم، وهو الأمر الذي استغرب منه أصدقائهما من داخل وخارج الوسط الفني وهنأ الحضور العروسين والتقطوا الصور التذكارية معهما.
بإطلالتها مع الزعيم “عادل إمام” في رمضان 2018 من خلال مسلسل “عوالم خفية” الذي لقي نجاحا معقولا ومشجعا لها الأمر الذي أسعدها جدا وأكمل حلم اللقاء – على حد قولها – فهي كما تقول كانت تحلم بعمل مع “الأستاذ عادل”، كما تحب أن تشير إليه في الحديث عنه، ومن ثم فقد تفاءلت بأن يكون هذا العمل خطوة فارقة في مشوارها بعد خطوات كثيرة قدمتها، كما أنها فخورة بما شاركت فيه من أعمال حققت لها حضورًا مميزًا وأثبتت موهبتها بتعدد أدوارها وقوة تأثيرها، لكن تبقى مشاركتها الأخيرة في مسلسل “الأخ الكبير” نقطة تحول في حياتها الفنية عبر أداء عفوي، يجمع بين الفطرة والذكاء في آن واحد، لكنه ذكاء في الخير، مما أوقعها في شرك الجريمة التي أودت بحياتها، ومع ذلك ظلت طوال الحلقات التي انقطعت عنها “أيقونة” رومانسية، ورمزا للبراءة التي غدر بها في ليل حالك السواد، فتركت جرحا غائرا في صدر أخيها الأكبر.
من خلال متابعتي لرحلة “هبة مجدي” أرى أنها لم تخضع للون واحد من الأدوار، بل امتلكت دائما الجرأة في التجريب، حيث قدمت شخصية “الصعيدية والفلاحة والشغالة والزوجة والأم والصحفية، وفي رصيدها ستجد أن هنالك تركيبات فنية متنوعة وثرية، ولعله يبدو ملحوظا في مسيرتها الفنية أنها امتلكت القدرة على تحليل الشخصية التي تلعبها، على مستوى ظروفها، علاقاتها بالشخصيات الأخرى، تحليل البيئة التي خرجت منها الشخصية والتي تحيط بها، كما تقوم أيضا بتحليل دوافع الشخصية والضغوط التي تمارس عليها، والصراع الذي تشتبك فيه مع الأشخاص أو الأشياء أو الظروف.
وكذلك يبدو ملحوظا أيضا أنه توفرت لديها القدرة على التفسير، تفسير أفعال الشخصية، تفسير الأحداث، القدرة على التكرار، بمعنى أن أصبحت محترفة في الأداء التمثيلي بحيث تكون قادراة على تمثيل دورها مرات ومرات من دون أن تفقد حيويتها، وهو ما نجده متجسدا في شخصيتها كممثلة عندها قدر من الإقناع، وقدر من الإغواء! وهذا يعني أنها تستخدم أحياناً شخصيتها في محاولة الإقناع والإغواء أيضاً، ومن ثم تستخدم أسلحتها الشخصية أي تستخدم ذاتها في إقناع المتفرج.
بقي أن نقول أن “هبة مجدي” تعشق الغناء والموسيقى التي درستها دراسة أكاديمية بشكل احترافي، وتقدم بالفعل ما يناسبها من غناء في المسرح، لكن مسألة أغان وألبوم وما شابه صعب جدًا – على حد تعبيرها – تظل خطوة تحتاج إلى تفرغ كامل وتركيز وشركة إنتاج تتحمس للفكرة، وهذا غير متاح حاليًا لكن فكرة “دويتو” مع محمد محسن واردة، وتنتظر فقط الكلمات المناسبة واللحن الذي يليق بهما، عندئذا سينطلقان سويا في مسيرة الغناء الثنائي الرومانسي الذي يجسد قصة حبهما التي دشنها المسرح الغنائي .. ونحن من جانبنا نتمني لـ “هبة” مزيدا من التألق والنجاح كنجمة قادمة على الطريق على جناح التحدي التي تعشقه.