“حكمت فهمي” تسقط في كمين أسمهان!
بقلم : سامي فريد
ووجد تايدر الحل..
ستعود أسمهان المطرودة إلى القاهرة رغم أنف الملكة نازلي، فيقرر أن يرسل إليها في القدس وفي فندق الملك داود، الذي تنزل فيه أسمهان النجم الوسيم العائد من لندن بطائرته أحمد سالم، مدير استوديو مصر الذي يقتحم حياتها بوسامته ورقة حديثه وثقافته، فتشكو إليه رغبتها في العودة إلى مصر فيعرض عليها الزواج لتدخل مصر بطريقة شرعية رغم أنف الملكة.
وتبدأ خيوط المأساة في حياة كلتا النجمتين: حكمت فهمي وأسمهان..
في القاهرة يبدأ مشوار العذاب مع المجنون أحمد سالم، وبأوامر من المارشال “تايدر” يكون قرار الاعتقال جاهزا، ولكن بعد عودتها إلى القاهرة وبعد زواجها من أحمد سالم، الذي كان قد اتصل بالدكتور محمود فوزي قنصل مصر في القدس، والذي أصبح وزيرا للخارجية المصرية بعد ذلك، يطلب منه أن تسمح السلطات المصرية بعودة أسمهان زوجته معه إلى القاهرة بعد أن اتفق معها على بطولة فيلم “غرام وانتقام” أمام يوسف وهبي.
وتصدر أوامر المارشال “تايدر” تنفيذا لرغبته في الوصول إلى انتزاع اعتراف حكمت فهمي، بسرقة حقيبته فيصدر الأمر باعتقال أسمهان والزج بها في السجن مع صديقتها حكمت فهمي.
وفي السجن تبدأ فضفضة حكمت فهمي، إلى صديقتها أسمهان، وهي لا تشك لحظة في أنها قد دسها الإنجليز عليها للإيقاع بحكمت فهمي في كمينها لتحكي لها حكمت عن الصحفي الأمريكي “جون فورد” العميل الألماني الذي اعتقلته السلطات الإنجليزية على الحدود التركية بتسريبات من أسمهان إلى “الميجور جابي” رجل المخابرات البريطانية ومنه إلى السلطات الانجليزية للتصرف.
سقطت حكمت فهمي في الكمين إذ يستحيل أن تصدق أن أسمهان كان الإنجليز قد دسوها عليها ثم اعتقلوها، وهي أهم عميلاتهم في المنطقة؟!
وتضاربت الحكايات واختلطت.. وتجمعت وافترقت ولكن حكمت فهمي ظلت لغزا محيرا فظلت على إصرارها بإنكار سرقتها لحقيبة المارشال الولهان العاشق حتى أظافره لحكمت فهمي.
وتظل حكمت فهمي لغزا وحلما وقصة حزينة تبللها الدموع ويرسم العذاب خطوطه على نهايتها المأساوية، عندما تصدر الأوامر الإنجليزية بمحاكمتها.. وبعد محاكمة سريعة ينقلها الإنجليز إلى سجن النساء في المنصورة لتعاونها مع الأعداء..
وبعد الثراء والنفوذ وسطوع النجومية الساحقة.. وفي القطار الذاهب بها إلى المنصورة ومع حارسها تلتقي عينا الفنانة أمنية رزق بعينىّ حكمت فهمي.. وفي عيني حكمت فهمي تذكر أمنية رزق أنها رأت نظرة لن تنساها اجتمع فيها العناد مع الكبرياء.. مع الإحساس الدفين بالقهر والظلم لحبها لوطنها ودفاعها عنه من أي طريق..
كانت حكمت فهمي ولاشك تعرف أنها ستدفع الثمن يوما ما.. ثمن كراهيتها للإنجليز وحبها لمصر فتلقى في السجن مع الإهانة والعذاب وانسحاب الأضواء والنجومية وغرام الباشوات والوزراء.. بعد الجاه والنفوذ وإعجاب الجميع داخل مصر وخارجها في عواصم العالم لتخرج حكمت فهمي من السجن عجوزا محطمة أنكرها الجميع بعد أن ذهب الشباب.
ذهبت الثروة والمال والملايين التي كانت تدوسها بقدميها.. وذهب النفوذ وانهارت الصحة وذبلت الورة قبل أوانها وبشكل مأساوي لينساها الجميع في غمرة ما استجد من الأحداث من هزيمة النازي وانتصار الحلفاء وتقلب الحكومات في مصر..
وخمدت وانطفأت تلك النظرة التي كانت متأججة في العينين اللتين كانتا يوما ما ممتلئتين بحب الحياة ليكسو الوجه شحوب أقرب إلى الموت..
ولم يذكر مخلوق بعد ذلك أين غابت حكمت فهمي، حتى صديقتها المقربة منها الفنانة زكية إبراهيم.
وكيف.. هل انتحرت؟ هل ماتت مريضة؟..
لكن المؤكد أنها لم تنس حتى آخر لحظة أنها صدقت محبة أسمهان التي أسقطتها في كمين نصبه الانجليز للنجمتين ليسدل الستار النهائي على إحداهما بالنسيان والأخرى بالموت!!