معتصم النهار .. نجم صاعد بقوة نحو النجومية
كتبت : كرز محمد
الممثل الجيد لابد أن يتوافر فيه عدة عناصر مهمة، منها الإحساس، وقوة التركيز للأفكار، وقوة التذكر للحركة الجسمانية، بحيث يعيش في الدور، ويتسلل تحت جلد الشخصية، ومن ثم تكون لديه القدرة على إيجاد العلاقات الذهنية ومنطقية الإحساس والقدرة على التحليل النفسي، فإذا لم يكن هناك معين في داخله ليخرج منه هذه الأشياء عند قيامه بأحد الأدوار فهو ليس ممثلا، لذا يجب أن يتغير تغييرا كاملا في الشكل الخارجي لهيئته ويدخل في الشخصية التي يمثلها، وينبغي عليه يجب أن يخلص للدور الذي يؤديه، بمعنى: أن (يعيش في مجتمع الدور وبإحساس صادق، وأن يحاول الوصول إلي أكبر درجة من الإتقان)، وعلى هذا الأساس كله يمكن تحديد قوة الممثل أو ضعفه أو ما يسمونه بالموهبة الفنية.
ونجمنا في هذا الأسبوع في باب “نجوم على الطريق”، يتمتع بقدر كبيرمن الصفات الجيدة السابقة، فضلا عن الثقافة الواسعة التي يتمتع بها، إنه النجم السوري الصاعد بقوة نحو النجومية “معتصم النهار”، وصعوده هذا ليس لشيئ سوى أنه موهوب يجتهد كثيرا في الألمام بأغلب المشاعر والأحاسيس، لذا فهو يملك قوة التخيل والإعداد التي تساعده كممثل على أن يصب كل أفكاره في دوره، بعد أن يتلقى التوجيهات من المخرج، سواء كان ذلك في قلب الدراما السورية أو (السورية – اللبنانية) أو المصرية حاليا، حيث أثبت أنه في كل حالاته ممثل محترف يعرف الحياة جيدا ويضعها في خدمة الدور عن طريق الشعور والإحساس والتعمق في كل لحظة من اللحظات التي يعيشها مع الشخصية التي يؤديها.
لم يكن يتطلع “معتصم النهار” الذي ولد بمدينة الرياض السعودية، أبدا إلى دراسة التمثيل، حيث كان يدرس في كلية الحقوق، وفي أثناء دراسته هناك تعرف على عدد من طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية، اقترب منهم أكثر، وبدأ بالانجذاب إلى عالم التمثيل، وقد قام بتقديم طلب التحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتم قبوله بالفعل، ومن هنا كانت البداية، لكنه قرر أن يكمل دراسة الحقوق تزامنا مع دراسة التمثيل، ونجح في بدايته في أن يوفق بين حلمه العملي وهو الحصول على إجازة في الحقوق، وبين موهبته التي بدأ يكتشفها وتكبر معه إلى أن أثقلها بالدراسة الاكاديمية.
بدأ “النهار” مشواره في التمثيل عام 2007 حيث شارك في الجزء الثاني من مسلسل “خالد بن الوليد”، وبعد تألقه في الدور الذي قدمه لفت أنظار المنتجين والمخرجين، فتعاقد على مسلسل “زمن الخوف”، ومن ثم شارك بالعديد من الأعمال بين عامي2008 و2009 وهي “جمال الروح، شركاء يتقاسمون الخراب، صدق وعده، سحابة صيف، الدوامة، أصوات خافتة”، وأطل معتصم النهارفي السينما للمرة الأولى بفيلم “حراس الصمت” من إخراج سمير ذكرى، ومن ثم توالت أعماله عبر السنوات وحقق نجاحات كبيرة.
وبدأ ينضج سريعا فشارك في الجزء السادس حتى الثامن من مسلسل “باب الحارة”، بشخصية “ظافر” التي حققت رواجا كبيرا له، والتي أداها بطريقة احترافية، لكنه قرر الاعتذار عن المشاركة في الجزء التاسع وأرجع أسباب اعتذاره عن العمل الشهير بأنها تكمن في أن الشخصية أصبحت عادية جدا، ولم تخلق أي تطور، وأنه لا يجب أن يؤديها كما هى، رغم أن الشركة منحته حقه المادي كما يريد، المهم أن نجاحه في باب الحارة جعله يشارك مرة جديدة في البيئة الشامية من بوابة مسلسل “خاتون” في عام 2016.
وقبلهما في عام 2015 كانت له تجربة مميزة في مسلسل “بانتظار الياسمين” مع غسان مسعود وسلاف فواخرجي، وكذلك الحال في “الغربال، وصرخة روح، وعابرو الضباب، وكان له حضوره المميز في عدة أعمال بعد ذلك في 2016، منها “العراب – تحت الحزام، والخان، وخاتون”، ثم في 2017 أثبت حضورا آخر على مقام الدهشة الإبداعية في “أوركيديا، حكم الهوى”، وفي 2018 كان قد بلغ درجة كبيرة في احتراف الأداء الصعب في “وردة شامية، شبابيك” ليصعد نجمه أكثر فأكثر في “المهلب بن أبي صفرة، الفرصة الأخيرة، طوق البنات في جزئه الخامس.
ولكن تشكل إطلالة النجم السّوري “معتصم النّهار” في مسلسل رمضان 2019 “خمسة ونص” في دور (جاد) كمرافق لـ (غمار) أو (قصي الخولي) محطة تحول كبيرة في حياته المهنية على جناح براعة الأداء، ثم كان دوره في مسلسل “ما فيي” بجزئيه الأول والثاني الذي مازال يعرض حاليا، كعلامة فارقة دفعته إلى أضواء الشهرة، حيث تعرف عليه الجمهور اللبناني عن كثب، وبالفعل استطاع أن يجذب بطلته البهية وبأدائه الاحترافي المتفرجين الذين كانوا ينتظرون أيضا في إطلالته بـ (خمسة ونص) على الشاشة نفسها بشوق وحماس.
“إن رأس مال أي فنان هو جمهوره ويكبر قلبي عندما ألمس ردات الفعل الإيجابية هذه من قبل اللبنانيين ويحملني ذلك مسؤولية أكبر”.. هكذا علق “معتصم النهار” في أعقاب ردة الفعل الإيجابية من جانب جمهوره اللبناني الذي مازال ينتظره بشغف حاليا مع قرب نهاية الجزء الثاني من مسلسل “مافيي”، ويضيف “معتصم”: “الجمهور اللبناني محب وذواق ويعرف كيف يستمتع بالمادة الفنية المقدمة له، وإذا ما حصل أن ارتكب فنان خطأ ما أو صادفته مشكلة فهو لا يحاسبه أو يجلده بل يسانده ويدفعه إلى الأمام، فلبنان – على حد قوله – هو بلد الفنون والميديا وإنجازاته على هذا الصّعيد في تطور مستمر.
أما الذي يفاجئك حقا في “النجم الوسيم” أنه يعترف لك بأنه لا يجد نفسه رجلا وسيما على الرغم من الشهرة الواسعة التي يحصدها من قبل العنصر النسائي، ويعلق على ذلك قائلا: “أحيانا أتساءل كيف يصفني البعض بصاحب الطلعة البهية والجميلة، لا بل أقول إن هناك كثيرين غيري أكثر وسامة مني، ومع الأسف تقع بعض وسائل الإعلام في هذا الشرك إذ تتأثر بالشكل الخارجي للفنان من دون أن تعطي أهمية لأدائه وذكائه، في رأيي من يفتقد هذين العنصرين ولو تحلّى بـ (الكاريزما) المطلوبة لا بدّ أن يفشل ويقع”.
ومع احترامنا لكل تلك الآراء التي يسوقها “النهار” عن نفسه ، فإنه ينظر إليه حاليا في أروقة الصناعة الدرامية السورية بوصفه “نجم الشباب السوري” و”وسيم الشاشة السورية”، وتعزز هذه المقولة قاعدة كبيرة من المعجبين والمعجبات على مواقع التواصل الاجتماعي، وربما كان ذلك بسبب احترافه الأدوار الرومانسية في وقت يرى المتابعون للدراما السورية أن الأسماء فيها باتت متآكلة، ولم تخرج الدراما نجماً جديداً منذ أكثر من عشر سنوات، ويكاد نجومها الشبان يختصرون بثلاثة أو أربعة أسماء تشارك في الدراما المشتركة مع لبنان ومصر.
وها هو “معتصم النهار” يصل إلى محطة الدراما المصرية، عائدا بعد غياب طال لمدة عشر سنوات من خلال مسلسل “أسود فاتح”، الذي يشارك في بطولته مع الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، مع الإشارة إلى أنّه سبق أن قدم “النهار” دورا صغيرا من خلال المسلسل المصري “السائرون نياما”، مع المخرج محمد فاضل عام 2010، ليكون هذا العمل مع هيفاء هو التجربة الحقيقية الأولى له في مصر.
أخيرا .. يعرف “معتصم النهار” بحبه للنّظافة والترتيب، ويحب تناول كوب القهوة صباحا، وهو يستمع إلى أغاني فيروز، أما فطوره فلا يمكن أن يغيب عنه طبق البيض المقلي، وعندما سئل عما يستفزه على الساحة الفنية قال: “أنا بطبعي هادئ ومن الصعب استفزازي، ولكني أنزعج من الأعمال الدرامية الضخمة التي لا تتضمن المحتوى المطلوب، فإمكاناتنا كبيرة وعلينا استخدامها في هذا النوع من الأعمال التي ترصد لها ميزانيات كبيرة، ولكن في النهاية يعبر النهار عن وجوده الحالي في قلب الدراما قائلا بنفسه: “ما لا تعرفونه عنّي هو أنّني أعتبر نفسي لم أقدم حتى اليوم سوى 10 في المائة من طموحاتي، فأنا لم أقدم بعد كثيرا من أوراقي وأتمّنى أن ينصفني الزمن”.. ونحن من جانبنا في بوابة “شهريار النجوم” نتمنى له أن ينصفه الزمن بقدر موهبته واجتهاده في الأداء التمثيلي العذب.