بقلم : محمد حبوشة
السينما أداة ووسيلة فعالة للتغيّر الحضاري، لتغيير أفكار الإنسان ومعتقداته نحو الأفضل، ربما قد تعمل أحيانا في الاتجاه المعاكس، ومن ثم فهى في الأخير أداة تستخدم للخير أو للشر، بحسب ما يريد صناع السينما والأفلام، وعندما تبتعد الأيادي البيضاء والعقول الخيرة عن تلك الأداة، فإن الأيادي الأخرى تستلمها، وتمضي بها لتحقيق مآربها، وفي كلا الحالتين صناعة السينما باقية وتزدهر يوما بعد يوم، تنتشر أكثر وأكثر ليس فقط عبر دور السينما، لكنها اليوم أصبحت تنتشر عبر الإنترنت وأجهزة الحواسيب الشخصية والهواتف المحمولة، أنت الخاسر إذا قررت أن تتعامى وتتجاهل وتدير ظهرك لها بدلا من الاستفادة منها واستخدامها في الصالح والنافع.
ولأن شركة “نيو سينشري” للإنتاج الفني، تعى أهمية دور وهدف السينما في الصالح والنافع، قررنا أن تكون ضيفنا في بروفايل هذا الأسبوع، وذلك باعتبارها شركة إنتاج أفلام مصرية أسسها وليد الكردي عام 2004، وذلك كفرع إنتاجي لشركة “دولار فيلم “التي أسسها والده إسماعيل الكردي عام 1949، فقد قررت هذه الشركة الرائدة أن تواصل مسيرة الانتاجية السينمائي على أسس موضوعية، وانتصرت بالمقام الأول للقضايا الاجتماعية والأكشن المثير، وذلك باعتبارها ومن خلال “دولار فيلم” من أقدم شركات الإنتاج السينمائي في مصر والوطن العربي، وتخصصت في إنتاج العديد من الأعمال السينمائية الناجحة متبنية فكرة رفع القيمة الانتاجية وتقديم أعمال جادة ومحترمة بما يتناسب مع احتياجات السوق.
وكان من بين تلك الأعمال التي أنتجتها “دولار فيلم” فيلم (شاطئ الذكريات) عام 1955 وفيلم (رصيف نمرة خمسة) عام 1956 و(مجرم في إجازة)، وغيرها من الأعمال الفنية التي لاقت نحاجا كبيرا، كذلك سعت الشركة إلى تبني المواهب الشابة، فقدمت جيلا فنيا من العمالقة أمثال “فريد شوقي وفاتن حمامة عمر الشريف”، ولم يقتصر دور الشركة على تقديم وجوه جديدة من الممثلين والممثلاث فقط، وإنما دفعت بمخرجين جدد إلى بداية الطريق ودعمتهم بإنتاجها لأعمالهم السينمائية، وعلى نفس الخطى صارت شركة “دولار فيلم” برئاسة وليد الكردي – حاليا – عقب ذلك لاختيار أفضل الموضوعات الفنية وتقديمها سينمائيا، كما قامت الشركة على مدار أعوامها المنصرمة والتي بلغت أكثر من سبعين عاما بتوزيع المئات من الأفلام العربية خارج وداخل الوطن العربي.
هذا وأسس وليد الكردي، الفرع الإنتاجي لـ “شركة نيوسنشري” في 2004، على أسس عصرية، وبما يتناسب مع هدف الشركة الأم “دولار فيلم”، وسيرا على نفس الخطي التي أرساها والده في تبني المواهب من النجوم والمخرجين، قدمت “نيوسنشري” أول إنتاج لها مع فيلم” الحاسة السابعة” عام 2005 ، من إخراج أحمد مكي، قبل أن يحقق نجومية كبيرة في مجال التمثيل، وكان هذا أيضا هو أول بطولة للممثل أحمد الفيشاوي، كذلك قدمت السينارست محمد دياب والمخرج محمد جمعة لأول مرة في فيلم “أحلام حقيقية” في عام 2007، وهو ما تكرر مع المخرج محمد حمدي في فيلم “المشتبه” عام 2009، وبفيلم “30 فبراير” قدمت الشركة الممثل الكوميدي سامح حسين، في أول بطولة مطلقة له في موسم عيد الأضحى 2012، والفيلم من تأليف صلاح الجهيني كأول سيناريو سينمائي له.
وعلى نهج الوالد المؤسس تعاونت “نيوسنشري” مع العديد من النجوم الكبار، وقدمتهم في أشكال فنية جديدة، مثل الفنانة لبلبة، التي قامت ببطولة مطلقة في الفيلم الكوميدي “عائلة ميكي” بجوار مجموعة من الشباب عام 2010، وكذلك أعادت كلا من الممثل القدير محمود ياسين والفنانة لبنى عبد العزيز، إلى شاشة السينما في فيلم “جدو حبيبي “، الذي قامت ببطولته الممثلة بشرى في 2011، وشهد الخط البياني لعدد الأفلام التي أنتجتها الشركة ارتفاعا مستمرا منذ بداية تأسيسها، فمن فيلم واحد سنويا بداية من 2005 وحتى 2010، ارتفع العدد إلى 6 أفلام في 2011، ثم 5 أفلام في عام 2012 الذي عادت فيه المنافسة بين الأفلام متوسطة وعالية التكلفة.
وقد لاحظت من خلال متابعتي لمسيرة “نيوسينشري” أنها حققت الكثير من النجاحات من خلال أفلام تحمل مضامين اجتماعية مثل فيلم “أسماء” بطولة النجمة هند صبري، وإخراج عمرو سلامة، ولقد حاز هذا الفيلم على تقدير نقدي كبير، وحصد 19 جائزة من مهرجانات وفاعليات سينمائية محلية ودولية، ووصل إلى المركز الثاني في قائمة تقييم مستخدمي موقع قاعدة بيانات السينما على الإنترنت IMDB للأفلام التي حصلت على أفضل تقييمات ضمن حدود تصويت 1000 مستخدم، ونفس الشيئ حدث مع فيلم 678، وهو أول أعمال المخرج محمد دياب، حيث حقق الفيلم أيضا نجاحا محليا عند عرضه قبل أيام من قيام أحداث 25 يناير 2011، وامتد نجاحه عالميا بحصوله على أعلى إيرادات لفيلم مصري تم عرضه في فرنسا بعد أن بلغ عدد مشاهديه 120 ألفا خلال أسبوعين.
وجدير بالذكر أنه قد وصل عدد شاشات عرض هذا الفيلم إلى124 شاشة، وكذلك تم عرض الفيلم تجاريا في السويد والنرويج والبرازيل والبرتغال وإسبانيا، وهو ما فتح أفاقا جديدة لتوزيع الفيلم المصري عموما في الأسواق الأوروبية، ثم قدمت “نيوسينشري” من بعده فيلم “بعد الموقعة” للمخرج الكبير يسري نصر الله، كأول فيلم روائي عن أحداث 25 يناير، وهو أول فيلم مصري يتم اختياره بشكل رسمي للمشاركة في مهرجان كان السينمائي منذ 15 عامًا وقتها.
وعلى جانب آخر استثمرت شركة “دولار فيلم” الشركة الأم لـ “نيوسينشري” في مجال دور العرض، حيث تمتلك 14 شاشة عرض في 6 مواقع موزعة بين 5 محافظات مصرية هي: القاهرة مودرن بشبرا (شاشتان) والأمير بشبرا (شاشتان)، دنيا بالإسماعيلية (شاشة واحدة)، دمياط (شاشتان)، بنها (3 شاشات) والأسرة بالزقازيق (4 شاشات)، كما تخطط في المستقبل القريب لافتتاح المزيد من دور العرض خلال الأعوام الخمسة القادمة، مع التركيز على مختلف المحافظات المصرية التي تعاني نقصا كبيرا في دور العرض، كما تستتمر “نيوسنشري” للإنتاج في دعم مشروعات الأفلام العربية، وقدمت جائزتها في النسخة السادسة من ملتقى القاهرة السينمائي الذي أقيم ضمن الدورة الـ41 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في 2019، إلى مشروع الفيلم الروائي المصري في مرحلة ما بعد الإنتاج للمخرج إسلام العزازي والمنتجتين دينا فاروق ورينا خوري، وتتمثل الجائزة في دعم مالي بقيمة 10 آلاف دولار للفيلم الروائي في مرحلة ما بعد الإنتاج.
ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها “نيوسنشري” جائزتها إلى مشروعات أفلام ملتقى القاهرة السينمائي، ففي عام 2018 ذهبت الجائزة إلى مشروع الفيلم اللبناني “نحن في الداخل” للمخرجة فرح قاسم، كذلك سبق أن قدمت الشركة 3 جوائز في منطلق الجونة السينمائي، أحدثها لـمشروع فيلم “كباتن الزعتري” للمخرج علي العربي، ويقام ملتقى القاهرة السينمائي كجزء من فعاليات “أيام القاهرة لصناعة السينما”، والتي تقام بالشراكة مع “مركز السينما العربية”، ويوفر ملتقى القاهرة السينمائي فضاء مهما لإجراء النقاشات والتواصل والاجتماعات والورش والمحاضرات، كما يفسح المجال لإقامة تعاون بين المواهب العربية والمحلية وأهم الشخصيات الدولية في عالم صناعة الأفلام بهدف دعم السينما العربية.
ومن الجيل الأول “إسماعيل الكردي الأب، ومرورا للجيل الثاني وليد الكردي الإبن، نصل إلى محطة الجيل الثالث المتمثل في “زين وليد الكردي” التي درست السينما في لندن، وتقول عن نفسها “من المؤكد إنني استند الي تاريخ كبير تحقق من قبل ، وسأعمل جاهدة وبكل طاقة على أن يظل اسم الشركة في مكانته التي تحققت عبر سنوات من الجهد شارك فيه صناع السينما المصرية فى مختلف المجالات، حيث إن تعلم الانتاج هو فرع من فروع صناعة السينما، ولكن وحده لا يكفي فلابد من مشاركة كل صناع السينما من إخراج وتأليف وتصوير ومونتاج حتي يخرج العمل الي النور، كما أنني درست السينما في لندن بعد دراستي العليا في الاقتصاد، لكي أكون قريبة ومدركة لكل تفاصيل صناعة السينما، لأن المرحلة المقبلة ستشهد تحولا في توجهات الشركة على مستوي الانتاج ووصول الفيلم لكل المحافظات .
“زين” تحب السينما مثل أي إنسان عربي، وعشقها بصفة خاصة، فالسينما بالنسبة لها متعة وبهجة، وعلى حد قولها فإن لها تأثير في إثراء الوجدان والعقول والقلوب، وعندما توجهت لدراسة السينما، فكان ذلك بقصد الدخول في هذه الصناعة بشكل فعال وحقيقي وليس من باب الإدارة فقط، لذا فقد درست الإخراج والإنتاج والسيناريو، حتى يتسنى لها الإلمام بالفن الذي يحمل بهجة وسعادة، لأن هذا الفن له تأثير على كل إنسان، سواء بمشهد أو أغنية أو حتى لحظة حلم، ولهذا عندما نقول من هم المؤثرون في العالم – بحسب زين الكردي – ربما تجد من يحتل المرتبة الأولي هم النجوم والمخرجون، ولهذا فإنني أطمح أن يكون وجودى إضافة ملموسة واستمرار لدعم المواهب ولدعم الكبار الذين لهم مكانتهم وقيمتهم وتاثيرهم.
ومن منطلق المشاركة في صناعة الفيلم في كل مراحله قبل الإنتاج، شاركت “زين” في عدد من الأفلام التي شاهدها الجمهور، منها فيلم “ديكور” وأيضا مع المخرج الكبير داود عبد السيد، وأيضا فيلم “حجيم في الهند”، حيث سافرت إلى الهند وحرصت على متابعة كافة التفاصيل، خاصة أن هذا الفيلم يعد من الأفلام التي مزجت بين الثقافة المصرية والهندية، وقد لاقى نجاحا كبيرا، فضلا عن أنه يحتوي كل عناصر المتعة البصرية من تصوير وتصميم استعراضات وكوميديا راقية، وأيضا شاركت بفاعلية في فيلم “تراب الماس”، الذي قامت ببطولتة النجمة منه شلبي وعدد من النجوم الآخرين، بالإضافة إلى استعداها القوي للمشاركة بذات الفاعلية في كل الأفلام التي تنتجها “نيوسينشري” في المستقبل القريب والبعيد، لتكون على دراية كاملة بكل مراحل العمل.
ويمكننا القول في النهاية أن “دولار فيلم” قامت بإنتاج مجموعة من أبرز أفلام السينما المصرية ومنها “رجب فوق صفيح ساخن 1978، الحفيد1974 ، أم العروسة 1963، عيلة زيزي 1963، لا تذكرينى، وغرام الأسياد 1961، بين السماء والأرض 1959، امرأة في الطريق1958 ، لا أنام 1957، رصيف نمرة 5 -1956، شاطئ الذكريات1955 ، وقمت بتوزيع عدة أفلام ومنها “تحت الصفر1990، الحرافيش سنة الفيلم1986 ، ملف في الآداب، ورمضان فوق البركان 1985، العذراء والشعر الأبيض 1983، دموع بلا خطايا 1980، المجرم ، البعض يذهب للمأذون مرتين 1978، المشاغبون 1965، الجاسوس 1964، النظارة السوداء1963 ، بداية ونهاية، ولحن السعادة 1960، إشاعة حب، وصراع فى النيل، ودعاء الكروان، لا أنام 1957، دليلة1956″، فضلا عن ، فضلا عن إنتاج
أما بعدما تم تدشين “نيوسينشري” 2004 على يد وليد الكردي، كامتداد طبيعي لـ “دولار فيلم” فكان انتاجها على النحو التالي “الفلوس2019، الطيب والشرس واللعوب 2019، تراب الماس، وطلق صناعي 2018، القرد بيتكلم، وبنك الحظ، والأصليين 2017، جحيم فى الهند، كلب بلدي 2016، قط وفار، وكابتن مصر، الخلبوص 2015، صنع في مصر، عنتر وبيسة، النبطشي، ديكور 2014، القشاش، على جثتي، نظرية عمتي2013، جدو حبيبي، مستر أند مسيز عويس، بابا، بعد الموقعة،30 فبراير، مصور قتيل 2012، سامي أوكسيد الكربون، بيبو وبشير، أسماء 2011، عائلة ميكي 678 – 2010 ، المشتبه 2009، أحلام حقيقية 2006، الحاسة السابعة 2005.
وفي النهاية نقدم كل الشكر والتقدير لـ “نيوسينشري”و “دولار فيلم” على أنتجهما الناضج سينمائيا وفنيا على كافة المستويات التي تجعل منهما شركتان في شركة واحدة معنية بالقيمة، فأصبحت قامة كبيرة في صناعة السينما في مصر والشرق كله.