كتبت : كرز محمد
تبدو أجواء هذا المشهد مغايرة تماما لأجواء فيلم “نادي الرجال السري”، والذي شهد مفارقات وقصص مثيرة لانحرافات بعض الأزواج في هذا النادي الذي يجمع بين جدرانه وأجوائه الغريبة والمثيرة كل من تتوق نفسه للتمرد على المؤسسة الزوجية، فبعد مرور سنتين على استقامة “أدهم” الذي يجسد شخصيته “كريم عبد العزيز” وعودته إلى وزجته الأولى “هاجر” التي تلعب دورها “غادة عادل”، التقى زوجته السرية الثانية “فريدة” التي أدت دورها بخفة دم ورشاقة “نسرين طافش” في أثناء احتفالية راقصة في كنف “قلعة صلاح الدين” بالقاهرة، جمعت بينهما في زفاف فريدة، وظلت النظرات المختلسة متبادلة بينهما في مشهد يعد الـ “ماستر سين” في هذا الفيلم، وكأن هناك نوعا من الاستدعاء الطارئ للحظات الصفاء بين طرفين جمع الحب بينهما فترة من العمر في زمن الزوجية من قبل.
الكاميرا تستعرض مشهد رقص “فريدة مع عريسها” على إيقاع موسيقي ناعمة ودافئة صادرة من عزف منفرد للكمان، ما أضفى أجواء من الشاعرية على المكان، ابتسامة مصطنعة من جانب فريدة، في وجه عريسها في إيهام بأنها تعيش حالة من الرومانسية، سعيدة بزواجها، بعد الانفصال عن أدهم مجبرا.
تركز العدسة على كادر يجمع “أدهم مع هاجر” في خلفية المشهد الذي تتصدره فريدة، غارقة في حالة من الرومانسية الحالمة في أحضان عريسها، وفي لحظة خاطفة تلقي بنظرة ساخرة على أدهم، وهو في حالة عتاب داخلي لهاجر، ولسان حاله يقول: أنا آسف ياهاجر، بينما لسان حال هاجر يقول، متحولش تتعامل مع اللي حصل على إنها نزوة، لكنه يرد بحالة من الضعف ووهن الصوت: بس اللي واقف قدامك ده قطع صلته بكل اللي فات.
ترد هاجر، بقدر أكبر من العتاب المر : عشان خفت، وهو يقول في حسم: لا علشان فقت، واللي عملتيه معايا فكرني بهاجر اللي اخترتها وحبيتها، حسيت قد ايه انتي باقية على، وترد هاجر في حسرة على الأيام الماضية : باقية عليك ازاي بعد اللي عملته؟، وهو يرد: لو مكنتيش عاوزاني كنتي سيبتي في ساعتها، وبنبرة صوت قادم من أعماقه يقول أدهم، وتبدو تلك النبرة محملة بقدر من الندم : لكن انتي عملتي اللي مفيش واحدة تقدر تعمله، علشان تعلميني درس ما أقدرش أنساه.
تبعد الكاميرا قليلا وكأنها تعاود الذكريات الماضية بين زوجين جمع بينهما الحب والأولاد في عناق أزلي، رغم كل تلك التصرفات العارضة من جانب زوج لاهى أفاق لتوه من الغرق في دهاليز النزوة والانحراف نحو سلوكيات نالت من هذا الحب، حين تقول له “هاجر” في عتب مكتوم: حايجيلك يوم وتنساه يا أدهم ، اللي فيه طبع ما بيغروش، ويرد “أدهم بثقة من عاد لتوه لعقله: عمره ما كان طبع، وفي حالة من اللهفة على العودة لبيته وأسرته أراد أن يطمن من هاجر قائلا: الولاد عرفوا حاجة عن أبوهم؟
ولأنها الزوجة الوفية التي تخاف ألا يتسرب أي نوع من التصدع لجدران بيتها، قالت بصوت يحمل كل معاني القوة والشهامة لسيدة مصرية تعرف كيف تصون بيتها، فتقول: ماتخفش مش حاشوه صورتك قدامهم، وهو برقة يلعب بأصابعه في شعرها، وفي يقينه قد تسرخ أن المياه قد عادت لمجاريها بهذا الرد الذي يعكس طيبة الزوجة التي صدمت كثيرا في زوجها قائلا: أصيلة وجدعة، فتقول: ما هو مش حيبقى احنا الاتنين، بينما هو يرد في دعابة المطمئن لعودة زوجته إلى حضنه من جديد: ولسانك طويل!!!
وعلى أثر ارتفاع حرارة الحب في قلبه من جديد يطبع قبلة على خدها قائلا : أنا باحبك يا هاجر، وهى في لهجة عتب أخير: أنا لوفكرت في يوم أرجعلك حيكون بس علشان الأولاد، وتعانقه بحضن قوي يؤكد على العودة النهائية إلى بيت الزوجية من جديد، ليسود الحب والوئام بين زوجين أنهكتهما اضطرابات الأيام والليالي وأوقعتهما في درب من الغربة والبعاد، ثم يفقيان على تصفيق الحضور لفريدة بعد انتهاء الرقصة، ليينتهى المشهد بهاجر وأدهم يهنئان فريدة على الزفاف.