ذكرى ميلاد “عقيلة راتب” .. أشهر أمهات السينما المصرية
كتبت : صبا أحمد
23 مارس هو ذكرى ميلاد الفنانة الشاملة “عقيلة راتب” التى تعتبر واحدة من أشهر أمهات السينما المصرية، والتى أعطت من فيض حبها وحنانها لعملها الفني في عطاء غير محدود، ولدت ” كاملة محمد كامل شاكر” الشهيرة بـ “عقيلة راتب” في 23 مارس عام 1916 لأب هو أحد كبار موظفي وزارة الخارجية، وهو أيضا أحد رجال مصر الوطنيين، وقد شارك بدور كبير فى أحداث ثورة 1919 حيث قام بالدور الأكبر في عمليه ترجمة المنشورات العربية إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وكان يقضي أغلب وقته متنقلا بين “بيت الأمة” والمطبعة التى تطبع المنشورات فلا يعود إلى بيته إلا قبيل منتصف الليل.
وذات يوم من أيام عام 1922 – وكما جاء فى كتاب عقيلة راتب نهر من العطاء للكاتب الصحفي محمد الشافعي – كانت الطفلة “كاملة” تلعب في بهو البيت عندما فوجئت بعدد من جنود الإحتلال الإنجليزي يقتحمون البيت للبحث بين أوراق والداها عن أصول المنشورات التى كانت توزع ضدهم باللغات الأجنبية، ولكن البحث لم يسفر عن شيئ وعند خروجهم من البيت حملوا معهم بعض الصناديق ومن بينها صندوق أحمر كبير يضم العديد من لعب “كاملة”، والتى صرخت عندما رأت صندوق لعبها وتعلقت بالصندوق، فدفعها أحد الجنود فى عنف لتسقط على رأسها وتفقد الوعي.
وقد هز المنظر نخوة الجيران فاندفعوا في ثورة غاضبة نحو جنود الاحتلال ليثأروا لهذه الطفلة البريئة ونشبت بين الطرفين معركة شرسة، أطلق فيها جنود الأعداء الرصاص على الأهالي العزل فسقط منهم خمسة قتلى وعدد كبير من الجرحى، وهرع بعض زعماء الحركة الوطنية إلى مكان الحادث، خاصة بعد أن أعتقل الإنجليز “محمد كامل شاكر” حتى يكشف لهم عن محرري المنشورات الثورية ومترجميها، لكنه رفض أن يبوح لهم بأي شيئ، وقامت مظاهرة كبيرة تطالب بالإفراج عنه وامتدت إلى الأحياء المجاورة، وخشى الإنجليز من تصاعد ثورة الغضب فأفرجوا عن “محمد أفندي شاكر” الذي عاد إلى بيته، وفى اليوم التالي نشرت الصحف تفاصيل ما حدث تحت عنوان “حادثة الخليج المصري” نسبة إلى الشارع الذي يسكن فيه “محمد أفندي كامل شاكر”.
فى هذه الأجواء الوطنية عاشت “عقيلة راتب” التى بدأت حياتها الفنية فى سن صغير جدا، ففي الوقت الذي كان الأب يحلم أن تعمل ابنته فى السلك الدبلوماسي، عشقت هي الفن مبكرا، وتمردت على سلطة الأب، وتزوجت فى السادسة عشر من عمرها المطرب الكبير “حامد مرسي” الذي كان يكبرها بحوالي 30 عاما، ولأنها تملك كل مقومات النجومية من حيث الشكل الجميل، والقوام الرشيق، والصوت العذب الجميل الذي شدت به في كثير من أفلامها ومسرحياتها، لهذا كانت خطواتها سريعة متلاحقة تقفز من نجاح إلى نجاح، وتنقلت بين الفرق المسرحية فى الثلاثينات، فعملت مع فرق “عكاشة، على الكسار، فوزي منيب، ببا عز الدين، الفرقة القومية، إسماعيل ياسين، مسرح التليفزيون” وقدت حوالي 200 مسرحية.
وفي السينما بدأت مشوارها الفني ببطولة فيلم “اليد السوداء” عام 1936 إخراج إلكسندر أبتكمان، وشاركها البطولة زوجها “حامد مرسي” و”مختار حسين، عبدالنبي محمد، خيرية صدقي”، وتوالت أفلامها منها ” قلب إمرأة، خلف الحبايب، ألف ليلة وليلة، الفرسان الثلاثة، السوق السوداء، قضية اليوم، محطة الأنس، سيف الجلاد، دايما في قلبي، طلاق سعاد هانم، حب ودموع، أيام وليالي، عيون سهرانة، غريبة”، ومن أفلامها النادرة “الحب المكروه” من بطولتها أمام محسن سرحان، والذي اخترنا منه صورة وذكرى هذا الأسبوع، وكان آخر أفلامها “المنحوس” بطولة سمير غانم ونورا عام 1987 .
وبعد مشوار طويل مع الفن رحلت عن حياتنا يوم 22 فبراير 1999.