نكشف غرام الشاعر “إبراهيم ناجي” لـ 6 نجمات سينما
* أعجب بأداء أمينة رزق الفني وكتب لها قصيدة “نفرتيتي الجديدة”
* زوزو ماضي ألهمته “صخرة المكس”، وتغزل فيها فى “الأستديو”
* كانت تربطه علاقة صداقة وحب بـ “أمينة نور الدين”
* مرضت “زينب صدقي” فكتب فيها “وداع المريض”
* سامية جمال طلبت أن يصفها شعرا فقال لها “بالله مالي ومالك”
كتب : أحمد السماحي
يزعم الرواة أن “سلامه” أحبت “القس” وحببت إليه، وهمت ذات يوم أن تقبله وتضع فمها على فمه ولكنه امتنع عليها مؤثرا نقاء القلب وصفاء الضمير، مشفقا أن ينعم بحبها في الدنيا فيشقى بحبها في الآخرة، ما زعمه الرواة آمن به الشاعر الكبير “إبراهيم ناجي” الذي كان قدره الذي لم يستطع الإبتعاد عنه أن يظل يعاني من الموت حبا طيلة حياته التى لم تمتد أكثر من أربعة وخمسين عاما، حيث تفتحت عينا الشاعر الرقيق “إبراهيم ناجي” على النور لأول مرة في الحادي والثلاثين من ديسمبر 1898، ورحل عن دنيانا في مثل هذه اأيام وبالتحديد في الرابع والعشرين من مارس 1953.
عاش شاعرنا حياته مثل عصفورة معذبة حائرة تنتقل من غصن إلى آخر، عساها أن تجد الزهرة المنشودة التى تستقر عليها، وكلما توهم أنه قد وجدها كانت الهوة العميقة ما بين المثال وبين الواقع تبرز له، فتقصيه عما توهم أنه وجد فيه ضالته، ولقد كانت الهوة تفصل ما بين المثال الذي خلفته تصورات شاعر مثالي للمرأة التى ينشدها بكل ما يخلع عليها من صفات سامية وملامح ملائكية تجعلها مرفرفة فى محرابها العلوي، بعيدا عن البشر الفانين، وبين الواقع الذي تتمخض عنه الحياة بكل ما فيها من نقائص بشرية.
وقد كشف الكاتب والشاعر الكبير “حسن توفيق”، فى مقال له منذ حوالي خمسين عاما عن خمس قصائد مجهولة كتبها الشاعر “إبراهيم ناجي” فى خمس نجمات ارتبط بهن بقصص عاطفية، حيث انطلق ناجي جامحا بغية أن يرتوي من الحب، وكان مجال الوسط الفني مجالا خصبا لبحثه عن الارتواء الروحي، لكن هذا المجال لم يكن يخلف فى أعماقه سوى الزفرات والحسرات التى تزيد من إحساسه بالحرمان الروحي في كل تجربة يخوضها مع فنانة من الكثيرات اللواتي التقى بهن، فقد كان المثال الحالم الرومانسي الذي خلقته تصوراته للمرأة التى ينشدها، غير موجود فى واقع الحياة، فكان اذا عرف فنانة من الوسط الفني وتوهم أنه وجد فيها هذا الشيئ الحالم المثالي يقترب منها، لكن سرعان ما يصحو من خياله ويكتشف أن الشيئ الذي يبحث عنه غير موجود في أعماقها فيتركها إلى غيرها .
أمينة رزق وزوز الحكيم وزوز ماضي
من هذا المنطلق أعجب الشاعر بالفنانة “أمينة رزق” وكتب فيها قصيدة “نفرتيتي الجديدة”، وإن لم يتعد إعجابه حدود الإعجاب الفني بقدراتها الفنية، ومن بعدها ممثلات عديدات من اللواتي تألقن في فترة الثلاثينات والأربعينات، وكان عمله الإضافي باعتباره طبيبا لنقابة الفنانيين يتيح له أن يلتقي بالكثيرات، حيث أغرم بالفنانتين “زوزو حمدي الحكيم، وزوزو ماضي”، وقد تنافست “زوزو الحكيم ” مع “زوزو ماضي” في الحديث عن قصيدة “الأطلال” التى غنتها سيدة الغناء العربي “أم كلثوم” عام 1966، ورأت كل منهما أنها ملهمة هذه القصيدة، لكن الشاعر “حسن توفيق”، أكد أن الملهمة الحقيقية كانت “ع .م ” وقد أيدت هذا ابنة الشاعر السيدة “أميرة ناجي”، وكل ما في الأمر أن “زوزو الحكيم” و”زوز ماضي” قد احتفظتا بقصاصات كتب عليها الشاعر بخط يده عدة مقطوعات قليلة من قصيدة “الأطلال”، فأعتقدت كل نجمة منهما أنه كتبها فيها.
لكن هذا لم يمنع أن يكتب “ناجي” قصيدة جميلة في “زوزو ماضي” بعنوان “صخرة المكس” كتبها عام 1940، وكانت بينها وبينه رسائل متبادلة، كانت رسائلها تكتبها على ورق أزرق، احتفظ بها الشاعر، ومن الطريف – كما يذكر حسن توفيق – أن “إبراهيم ناجي” كتب مقالا فى مجلة “الاستديو” عام 1948 متحدثا فيه عن “زوزو ماضي”.
كتب في بداية مقاله: عرفت “زوزو” وهى أديبة صافية لم تشبها السينما بشائبة، عرفتها وهى تستوحي البحر وتنظم فيه شعرا”، وأراد أن يجاملها فأنطقها بيتين من الشعر على أساس أنها التى كتبتهما، بينما هما في حقيقة الأمر من تأليف الشاعر نفسه.
يقول ناجي في بداية قصيدة “صخرة المكس” التى كانت “زوزو ماضي” ملهمة هذه القصيدة :
تعال نزف للثغر السلاما، ألست ترى على الثغر ابتساما
ألم تشعر كأن يدى عزيز، مسحن لك المواجع والسقاما
كأن خطي العباب خطى حبيب، كأن الموج أفئدة ترامي
سلاما يا عروس الماء اني، أحبك لا أمل بك المقاما
أسير إلى لقائك نضو شوقي، وارجع عن ربوعك مستهاما..
الإعجاب بأمينة نور الدين
وافتتن “إبراهيم ناجي” أيضا بالنجمة اللامعة المثقفة “أمينة نور الدين” التى كانت نجمة “الفرقة الملكية للتمثيل” عام 1938، والتى كانت تسمى “ممثلة القصر الملكي” كما كانت تمارس الكتابة النقدية، ونظم الشعر في بعض المجلات مثل “الصباح، روزاليوسف، دنيا الفن” وكان يربطها بالشاعر الألمام الشامل بالشعر الفرنسي بوجه عام، والحديث عنه بوجه خاص، وجمعتهما سهرات كثيرة في مقهى ” ايزافيتش” يتحدثان عن ” بودلير، وفرلين، ورامبو”، وكتب في ” أمينة نور الدين” قصيدة جميلة ” هات لي ثغرك” عبر فيها عن افتنانه بالفنانة، ويطلب فيها أن يرتوي من النبع الذي طال حرمانه منه ويبين لها أنه نسى ماضيه، فما عليها إلا أن تسقيه:
يا حبيبي وحياتي هات لي ثغرك هات
ذهب الماضي بعيدا وانقضى فى الترهات
فاعطني حبا كبيرا واسقني ملء لهاتي
زينب صدقي تلهمه ” وداع المريض”
فضلا عن “أمينة نور الدين”، ومن سبقتها إلى عالم “ناجي” تعلق بالفنانة “زينب صدقي”، وكتب فيها قصيدة عام 1928، وكانت وقتها مشهورة بأدائها لدور “ليلي” في مسرحية “مجنون ليلى” للشاعر الكبير “أحمد شوقي”، وفى أحد الأيام مرضت، وزارت شاعرنا فوقع في غرامها وكتب فيها قصيدة “وداع المريض” يقول مطلعها:
فيم الغدو غدا وأين رواحي
ويح الصباح لقد مضى بصباحي
عصفت علينا غير منذرة لنا
يا فرقة الآلاف أي رياح
طلعت علينا بالسقام وبالنوى
وهوت هوى الغادر المجتاح
عبثت بمعبود العيون وصيرت
كالورس لونا توآم التفاح.
سامية جمال تطلب أن يصفها شعرا
فى نهاية الأربعيات وبالتحديد عام 1948 طلبت منه الفنانة “سامية جمال” أن يصفها شعرا، فكتب فيها قصيدة بعنوان “باالله مالي ومالك؟” يقول فيها :
يا من تمنيت شعرا يكون كفء جمالك
وليس فى الكون شعر أراه كفئا لذلك
عفو القوافي وعذرا أن قصرت في سؤالك
ان لم تجد لك عدلا، ولا نظير ذلالك
حاولت وصفك لما، رأيت نور هلالك
فحرت ما قلت شيئا يليق بإستقبالك
يا فتنة فوق ظنيـ بالله مالي ومالك؟
وأخيرا فالحب سلطان على القلوب، لا يفرق إذا غزا قلب وخيم في الزوايا بين شاب وعجوز، بين فقير أو غني، بين فنان وصعلوك، فالحب أقوى وأعنف وأكثر جبروتا وتسلطا إذا نفذ إلى القلب.