سيد درويش يغير مسار فاطمة رشدي
بقلم : سامي فريد
حكاية الفنانة فاطمة رشدي.. حكاية..
هي “فاطمة خليل قدري” أصغر بنات الحاج قدري الحلواني المشهور في محرم بك بالإسكندرية..
كانت أشقى بناته وأكثرهم مشاغبة وحركة.. لكنها في الوقت نفسه كانت أحبهم إلى قلبه..
يعرفه الشيخ سيد درويش، وكان من زبائن المحل حيث يشتري البقلاوة وأنواع الملبس والكنافة واللكوم لبيته حتى شاهد عنده ابنته فاطمة وكانت في السنة الثانية من المرحلة الابتدائية فمال عليها ليقبلها قبل أن ينصرف فنالته منها عضة في خده لا ينساها..
وكان الحاج خليل مريضا بالقلب فمالبث أن أصابته نوبة في المحل أسرع بعدها إلى البيت بمساعدة ابنته فاطمة ليموت هناك.
ولم تعرف الأم كيف تتصرف أو ماذا تفعل ولها ثلاث بنات اثنتان أكبر من فاطمة هما إنصاف ورتيبة.. أما الصغرى فهي فاطمة.
قالت الأم أنه ليس أمامهم إلا بيع المحل ثم الله المستعان دائما بعد ذلك.. وقال واحد من أهل الأم إن ابنتها إنصاف ورتيبة تملكان صوتا جميلا، وإنه يعرف صاحب محل الكونكورديا على كورنيش الأسكندرية، ويستطيع أن يكلمه ويلحق البنتين للعمل في الكونكورديا.
عارضت الأم ووعدها قريبها بأنه سيكون موجودا دائما فلا تخش شيئا لكن فاطمة أصرت على أن تكون معهما دائما، فوافق قريبهم بشرط أن تلزم الهدوء.. فلا كلام ولا شقاوة ووعدته فاطمة.
في الكورنكورديا غنت إنصاف وغنت رتيبة حتى سمعهما الشيخ أمين عطا الله السوري فاتفق معهما على الغناء عنده في الفرقة التي يديرها لحسابها قدري أفندي صاحب الفرقة.
ومضت الأيام حتى جاء ذلك اليوم الذي أخبروا فيه الشيخ أمين عطا الله أن إنصاف ورتيبة لن تحضرا منذ اليوم للغناء بسبب خطبتهما استعدادا للزواج.. وأسقط في يد الشيخ أمين والستار توشك أن ترتفع عن وصلة الغناء.. وحار الرجل ماذا يفعل فتقدمت الصبية فاطمة قدري تعرض نفسها لتكون هي مطربة الفرقة!.. نظر اليها الشيخ أمين مندهشا وهو يقول: لكن يا بنتي بعدك لسه صغيرة.. طفلة يعني ومستحيل رح يقبلك الجمهور!
لكن فاطمة قدري الصبية حلت المشكلة.. قالت: هات كعب عالي وروج وماكياج وفستان كبير والباقي عليَّا أنا.. أنا حافظة كل الأغاني واسمع صوتي.. وسمع الشيخ صوتها فاندهش.. البنت تحفظ كل الأغاني.. وصوتها جميل.. ولما ألبسوها الفستان مع الكعب العالي والمكياج صارت مقبولة.
لكن بقيت مشكلة!! هي اسمها.. فاطمة قدري هذا هو اسم ابنة صاحب الفرقة، فماذا سيكون اسمها هى.. واقترح أحد العاملين اسما بسرعة قبل رفع الستار فقال: نسميها فاطمة رشدي على اسم شارع رشدي.
وصارت منذ ذلك اليوم الفنانة فاطمة رشدي حتى سمعها الشيخ سيد درويش بعد كل هذه السنين وبالصدفة في كازينو أمين عطا الله..
سألها الشيخ سيد درويش مندهشا وهو يحاول أن يتذكرها: مش انتي برضه البت فاطمة بنت عم خليل قدري الحلواني اللي عضتني لما جيت أبوسها.
قالت فاطمة على الفور متحدية: آه.. هو أنا..
ورد الشيخ سيد: يابنت الإيه.. دا إنتى بقيتى حاجة تانية خالص!!..
ثم أردف: اسمعي يا فاطمة.. إيه؟ آه.. رشدي.. اسمعي نتكلم خمسة جد بقى.. انتى مكانك مش هنا.. أنتى من بكره معايا على مصر.. نسافروا على مصر هى دي اللي تليق بيكي..
اندهشت فاطمة رشدي وسألته: مصر؟ ح أعمل إيه في مصر؟.. ثم أن أمي مش حتوافق..
قال الشيخ سيد يحسم المسألة.. سيبي الحكاية دي عليا أنا.. أنتى بس توافقي وتقولي آه..
وقد كان.
فالأم تطمئن للشيخ سيد لهذا وافقت على السفر ومعها فاطمة ورتيبة وأنصاف.. وفي القاهرة اصطحبهم الشيخ سيد إلى فندق ساڤوي أما فاطمة فقد أخذها معه إلى فرقة نجيب الريحاني لتعمل عنده مطربة بين الفصول.
وافق نجيب فهي ستغني من ألحان الشيخ سيد.. وألحانة دعاية لمسرحيات نجيب.
وهكذا سارت فاطمة في طريق النجاح حتى كان ذلك اليوم الذي رآها فيه المخرج عزيز عيد وهي تدخل مسرح الريحاني، وكانت تلبس بنطلونا تقلدبه أحدى بطلات السينما الأمريكية المشهورات في ذلك الوقت.
استوقفها الفنان عزيز عيد وقال إنه سمعها تغني.. لكن مستقبلها ليس في الغناء وإنما في التمثيل.. وقال مفاجأته التي لم تصدقها وهي أن يوسف وهبي سيعود الشهر القادم من إيطاليا ليفتح فرقته الجديدة رمسيس، وإنه يستطيع أن يلحقها بالفرقة!
سألته فاطمة: بطلة يعني؟
رد عليها بحسم: لأ.. دور صغير في الأول.. البطلة هى الست روز اليوسف.. إنتي شطارتك بقى إنك تشوفيها كويس.. وتسميعها كويس وبعدين أنا مخرج الفرقة وأنا اللي ح أقول لك تعملي إيه بعد كده.
وافقت فاطمة رشدي.. والتحقت بفرقة رمسيس.. ثم بفرقة عزيز عيد الذي تزوجها بعد ذلك.. وأصبحت الفرقة بسبب طموح فاطمة رشدي.. هي فرقة فاطمة رشدي وعزيز عيد!!
ثم جاءت أيام السينما.. وتلك حكاية.. بل حكايات أخرى!