رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

محمد جمعة .. ممثل صاحب طلة فريدة من نوعها

شارك في مسرحية “دستور يا أسيادنا”

كتبت : سدرة محمد

الممثل هو من يمكنه أن يوصل لك روح الدور، ويجعلك تشعر بجودة تعليمات الإخراج، وهو أيضا من يجعلك ترى الحوار حقيقيًا وتستكشف جودة كاتب القصة السيناريو والحوار، كما أنه في ذات الوقت هو من يجعلك تضع يدك فوق جودة أو إخفاق ملموسين يمكنك ببساطة اكتشافهم حتى إن لم تكن متخصص في الفن، وتقيم الأمور من منظور عين المشاهد وليس الناقد المتخصص، ولعل التعريف العام الذي يصف فن الأداء بأنّه “عملية تقمص للشخصيات الدرامية والعمل على محاكاتها، وتجسيد ملامحها وصفاتها وإظهار السيناريو المكتوب متلبسًا في الشخصيات”، هو ما يوضح لنا هوية وملامح هذا الممثل الذي نحن بصدد الحديث عنه هذا الأسبوع باعتباره نجما قادما على الطريق.

صاحب البشرة السمراء والملامح المصرية الخالصة

إنه “محمد جمعة” صاحب البشرة السمراء والملامح المصرية الخالصة، والذي ولد في الفيوم، وبدأ حياته الفنية بعدة أدوار هامشية ببعض الأفلام والمسلسلات مثل مسلسل “أحلام مؤجلة”، وفيلم “عن العشق والهوى”، وظل يتدرج في الأعمال حتى عرفه الجمهور فنانا مجتهدا يعرف كيف يجسد شخصياته بعمق في كلا اللونين” التراجيدي، والكوميدي” ولقد برز في دوره بمسلسل “هانم بنت باشا”، وذاع صيته بعدها في العديد من المسلسلات الشهيرة مثل “شمس الأنصاري، سيدنا السيد، الركين وخيبر، هذا المساء، الوصية، أبو عمر المصري، وأخيرا شبر مية”.

ولقد ظهر “محمد جمعة” بملامح ممثل مجتهد أكثر في موسم رمضان عام 2018 قام بالاشتراك في 3 مسلسلات، بدور “بحيري” في مسلسل أبو عمر المصري، والتي يعتبرها أحب الأعمال إلى قلبه، ودور “جمال تحسين”المحامي في مسلسل ضد مجهول، ونظرا لأنه  يهتم بالتنوع في الأدوار فقد لعب دور الشخصية الكوميدية الجادة “عم ضياء” في مسلسل “الوصية”، بطريقة مختلفة عن الدورين السابقين، وربما كان هذا الدور نقطة كبيرة لانطلاقه، بل كان جزء كبير من نجاح محمد جمعة، حيث أن هذه الشخصية جديدة من نوعها علي مجمل أعماله، لأنها كانت شخصية جدية في عمل كوميدي، ومن ثم كان لها طابع خاص وتحظى باهتمام الجمهور عامة، كما أن الدور كان مكتوب بطريقة جذابة ولقد بذل جهدا كبيرا مع المخرج خالد الحلفاوي ليخرج على الجمهور بهذا الشكل.

لكن نظرًا لخصوصية شخصية “عم ضياء” فيقول جمعة إنه حريص على أن تظل موجودة كشخصية اعتبارية للتفاعل مع الأحداث بشكل دوري على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن لن يكررها في أي عمل فني مرة أخرى، رغم أن كلمة “كله رايح” التي كان يرددها “عم ضياء” في المسلسل واحدة من أبرز الكلمات التي علقت في أذهان جمهور المتابع لمسلسلات رمضان بصفة عامة و”الوصية” بشكل خاص، كما انتشرت الكلمة بشكل خاص في العديد من الرسومات الساخرة بمواقع التواصل الاجتماعي، حتى أنه طبع  كتابا يحمل عنوان أشهر إفيهاته “كله رايح” وتم توقيعه من جانبه في معرض القاهرة الدولي للكتاب في فبراير الماضي.

عم ضياء في مسلسل “الوصية”
غلاف كتابه “كله رايح”

تخرج “جمعة” من معهد الفنون المسرحية؛ قسم إخراج وتمثيل، وكانت بدايته جزئياً عام 1999، من خلال المسرح بعد تخرجه من المعهد، لكنه أثناء دراسته شارك في مسرحية “دستور يا أسيادنا” مع أحمد بدير عام 1995، ويعد هذا أول عمل فني شارك به بشكل احترافي، وانخرط في الأعمال الفنية بشكل منتظم منذ عام 2002، وقد شارك في أعمال عديدة، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر؛ “لدواعي أمنية”، مع “كمال الشناوي”، وهو مسلسل من إخراج محمد فاضل، و”هانم بنت باشا”، مع حنان ترك للمخرج سعيد حامد، وربما كانت المشكلة آنذاك في حجم الأدوار التي لم تظهر موهبته ودراسته على نحو إيجابي يدفعه دفعة قوية للأمام، ولكن بعد ان حصل على أدوار لها تأثير خاص؛ استطاع لفت الأنظار له ولعمله وموهبته.

فياض في هذا المساء

وظني أن تجربته في مسلسل “هذا المساء” في دور “فياض” مع المخرج الجاد “تامر محسن” كانت فعلا تجربة استثنائية، بل كانت نقلة نوعية جديدة في حياته المهنية، فقد جسد شخصية الندل “فياض” صاحب محل بيع وصيانة الهواتف المحمولة، الذى يحصل على صور الفتيات من هواتفهن ويساومهن بها، وقد قدمه بطريقة واقعية للغاية، ومن ثم جاءت ردود الأفعال على الدور مختلفة ومتنوعة، حيث إنه أقنع الجمهور بشخصيته الشريرة، التى ظهر بها خلال المسلسل، وهو ما وضعه فى موقف صعب، لتفادى فخ التكرار، لكن أداءه الجيد وتنوع أدواره، أعجب بهما الجمهور والنقاد والمخرجون.

ولكن بحسب تصريحاته هو نفسه يعتبر دور “رجب” في مسلسل “الميزان” 2016 هو انطلاقته الحقيقية التي لفتت أنظار الجمهور لموهبته كممثل، نظرًا لحجم الدور، ورؤية المخرج أحمد خالد موسى المميزة، ومع ذلك فقد اعتبر الجمهور أن بداية “جمعة” الحقيقية في مسلسل “الوصية”، والذي على الرغم من ضعف مستوى المسلسل من الناحية الكوميدية، فإنه حقق نجاح كبير وانتشار واسع في الدراما المصرية لمحمد جمعة عام 2018، عندما لعب شخصية “عم ضياء” وكانت شخصية كوميدية جادة لها طابع مميز تركه علي الجمهور إلى أن انصبحت بعض حواراته في المسلسل “مقولات” أصبحت مأثورة له ، وقد استخدمها بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل الدعابة والإسقاط على بعض مظاهر الحياة في الواقع الحقيقي غير الافتراضي.

مشاركات محمد جمعة السينمائية قليلة للغاية، ومنها “أخلاق العبيد”، و”حفلة منتصف الليل”، و”مقلب حرامية”، و”عن العشق والهوى”، ودور الضابط في فيلم “عمارة يعقوبيان”، عام 2006 الذي كان يحقق مع عادل إمام وهند صبري، لكن مشاركته الأخيرة في فيلم “الممر” كانت علامة بارزة في مسيرته الفنية ، وقد أعرب عن سعادته البالغة لمشاركته في هذا الفيلم، قائلا: إن “الممر عمل تاريخي بكل المقاييس، وسيسجل في تاريخ السينما المصرية”، موضحًا أن مشاركته في فيلم “الممر” بمثابة شهادة ميلاد سينمائية له، حيث قدم من خلاله دورا مهما للغاية.

ممثل يملك قدرة على المزج بين الكوميدي والتراجيدي

وفي النهاية يبقي القول أن “محمد جمعة” فنان صاحب أداء مميز وطلة فريدة من نوعها، عرفه جمهوره بتقديم الأدوار الجادة إلى أن فاجأهم ببراعته في تقديم اللون الكوميدي أيضا، كما جاء في مسلسل “شبر مية”، وهو ما يؤكد أن لديه نظرة مختلفة للأدوار التي يقدمها، فتركيزه في تقديم مشهد واحد بجدارة وإتقان بمثابة بطولة كاملة لديه، ومن هنا لابد لي أن ألفت نظر المخرجين وشركات الإنتاج إلى طاقته الكوميدية التي يمكن توظيفها في أعمال تتسم بالبهجة، كما ظهر في “شبر مية”، من خلال لعبه بنعومة دور “معتصم” صديق “ياسين” المخلص له طوال الأحداث، حتى ولو كان ذلك على حساب نفسه، وحبه لـ “مريم” زميلتهما في العمل المتعلقة بـ “ياسين”.. ونحن عبر “شهريار النجوم”  نقدم تحية خاصة لـ “جمعة” النجم القادم على الطريق بقوة وقدرة وحماس كبير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.