* نجيب الريحاني أول من احتفى بالشهيد فى “فشر” عام 1920
* الشيخ سيد درويش يمجد الشهداء فى أعماله المسرحية الغنائية
* ليلى مراد تغني ” الشهيد” لشهداء حرب فلسطين
* محمد عبدالوهاب يعود للغناء عام 1969 بسبب استشهاد عبدالمنعم رياض
* بليغ حمدي يمنح عزيز الشافعي ورامي جمال قبلة النجاح والشهرة
* شيرين عبدالوهاب تغني لشهداء الفرافرة ” سلم على الشهداء اللي معاك”
* الحجار يهدي لهم “ضحكة وطن”، وهاني شاكر يمنحهم الخلود بصوته
* سيف “أبن الشهيد” يبكي الرئيس السابق المستشار عدلي منصور
* محمد فؤاد يبكي المصريين وعمرو دياب يغني مجبرا
ملف أعده : أحمد السماحي
“الشهيد” كان ولا يزال مصدر الإلهام الحقيقي للشعراء والموسيقيين والمطربين، ولم تبرح صورته خاطرهم، وعبروا بإبداعهم عبر أجيال مختلفة عنه، وأثارت هذه الأغنيات والأناشيد رغبة التحدي والقتال، وشفت نفوسهم مما آلم بها من الغيظ والحنق على المعتدين والمغتصبين والمغيرين على أولادهم على جبهة القتال أو على الآمنين من أبناء الشعب العزل من السلاح، وما بين الأمس واليوم من خلا توثيقنا لأغنيات ” الشهيد” نلاحظ مدى الفرق والتغيير الحاصل في مستوى الغناء الذي يتطرق لهذه القيمة النبيلة، فأغلب ما قدم خلال ثورتي 25 يناير و30 يونيو وإلى الآن تعبير عن رد فعل سريع مع الحدث سواء كان من مطربين معروفين، أو هواة، أو فرق غنائية، ومع صدق النوايا لدى الكثيرين بالمساهمة في مثل هذه المواقف، إلا إنها أعمال لا ترقى للمستوى المطلوب قياسا بالقيمة والصورة التي عبرت عن الشهيد وعظمة الشهادة في أغاني الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي بإستثناء تجربتي فيروز ومارسيل خليفة.
فرغم أن الساحة الغناية أفرزت منذ قيام أحداث 25 يناير وثورة 30 يونيو طرح عدد كبير من الأغنيات التى تتحدث أوتمجد الشهيد، لم يتم تقديمها بهذه الكثافة على مر تارخ الغناء المصري، إلا أن كثير منها جاء دون المستوى بالمقارنة بالأغنيات القديمة التى تناولت نفس الموضوع.
تجدد الغناء عن الشهيد كان مع إندلاع ثورة يناير، فبعد سقوط أول الشهداء إنطلقت أغنية “بحبك يا بلادي” التى قدمها “عزيز الشافعي ورامي جمال”، والتى تتحدث على لسان الشهيد، وتم إذاعاتها لأول مرة في برنامج “مصر النهاردة” يوم 12 فبراير 2011 في كليب قصير من إنتاج البرنامج، ونالت الاغنية رد فعل
قوي عند الجمهورويقول مطلعها: يابلادي.. يا بلادي.. أنا بحبك يا بلادي
وأخذ الشافعي أجمل ما في الأغنية أومطلعها من لحن بليغ حمدي المليئ بالشجن لأغنية ” بحر البقر” التى قدمت في فيلم ” العمر لحظة”، فرددتها الجماهير فى الميادين، وأصبحت أغنية الثورة، ومن أجمل الأغنيات الوطنية التى قدمت بسبب جملة بليغ حمدي الموسيقية المبهرة، وأيضا لأن الشافعي نحت أغنية ” فدائي” لعبدالحليم حافظ فى المقطع الذى يقول ” وأن مت يا أمي
ما تبكيش راح أموت عشان بلدي تعيش”.
رامي عصام .. أنا الشهيد
وبعد وقوع بعض الشهداء أصدر المطرب حمادة هلال على موقعه
الرسمي أغنية بعنوان “شهداء 25 يناير”، يوجه فيها التحية لأبطال مصرمن الشباب الذي ضحى بنفسه خلال أحداث الثورة، التي أعادت للشعب المصري حريته ورفعت رأسه عاليا، والأغنية كانت من ألحانه، وكلمات ملاك عادل، وتوزيع أحمد عبدالسلام، ولاقت الأغنية سخرية شديدة من المصريين، نظرا لسذاجة كلماتها، ولأن لكل ثورة مطربيها الذين يؤمنون بها وبأهدافها ظهر مطرب شاب إسمه “رامي عصام” لقب بمطرب الثورة وقدم أغنية من ألحانه بعنوان “أنا الشهيد” كلمات أمجد القهوجى، يقول فى أبياتها الأخيرة:
أنا اللي رحت فى حب مصر
و قلتو عيد انا الى ف العيد
كان قميصه كفن شهيد
أنا الشهيد أنا الشهيد”.
الطريف أن الملحن الموهوب “وليد سعد” قدم هو الآخرأغنيه بصوته تحمل نفس الإسم، أرثى فيها الشهداء وأؤكد على أن مصر مدينة لهؤلاء بالكثير من الفضل، قام بكتابة كلماتها أيمن جوده، وتولى مهمة التوزيع المبدع عادل عايش، وأهدها الملحن الشاب إلى شهداء ثورة 25 يناير، يقول مطلعها:
أنا اللى طول عمرى مقولتش لأ
دخل الرصاص قلبى وقلبى اتشق
ولما قولت لقيتنى فجاة بموت مبسوط
لانى بموت علشان الحق
ومع بداية شهر نوفمبر 2011 ومع تجدد الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن غنى “تامر عاشور” من ألحانه، وكلمات عمرو يحيي، وتوزيع أسر عاشور أغنية ” سألوا الشهيد” يقول مطلعها:
سألوا الشهيد نفسك فى ايه
وايه توصينا احنا بيه
قال خلوا بالكم من البلد دى
واوعوا تنسوا انا مت ليه.
وبصوت مليئ بالعذوبة والشجن وبصحبة عوده فقط غنى المطرب الجميل “جوني” أغنيته المتميزة “مشروع شهيد” كلمات وألحان أنطونيوس نبيل، وببراءة الأطفال ونقاوتهم غنت الطفلة “حلا هاني” ذات الأربعة أعوام أغنيتها الجميلة ” ليه أكون مشروع شهيد” كلمات كريم جلال وأية أبوالفتوح، وألحان وتوزيع أحمد المصري، وأبكى “محمد فؤاد” الكثيرين عندما غنى بصوت متهدج مخنوق بالدموع أغنيته المؤثرة ” بشبه عليك” من ألحانه، وكلمات أمير طعيمه، وتوزيع خالد عز، والتى يقول فى نهايتها:
بشبه عليك يا اللي ضحيت
بروحك يا واحد مننا
وسايب أهلك وناسك علشانا كلنا
يا شهيد انت مكانك في الجنه مش هنا.
هاني شاكر .. صوت الشهيد
ولأن أمير الغناء العربي هاني شاكر يؤمن بأن الشهداء من حقهم علينا أن نحفر أسماءهم في ذاكرة التاريخ لانهم قدموا أغلي ما لديهم إلي الوطن، لهذا قدم لهم من تلحينه أغنيته العذبة “صوت الشهيد” والتى أعجب بكلماتها التى كتبها الشاعر الفلسطيني رامي يوسف، ووزعها عادل عايش، لأنها وعلى حد قوله تكشف عن عظمة الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم دون أن ينتظروا ثمنا لتضحياتهم ويقول مطلعها:
روحي فداكي واسمي شهيدك
دمي بيجري في دم وريدك
صوتي الحر يا مصر نشيدك”.
ولم يكتف أمير الغناء بهذه الأغنية التى قدمها فى الأيام الأولى لاندلاع أحداث يناير، فبعد عامين وبالتحديد فى إحتفالات مصر عام 2013 بذكرى نصر أكتوبر، وبعد سقوط الرئيس الجاسوس “محمد مرسي”، وعصابته الإرهابية، قدم على مسرح إستاد الدفاع الجوي ووسط استعراض مسرحي ضخم أغنية ثانية بعنوان “الشهيد” كلمات نادر عبدالله، وألحان وليد سعد يقول مطلعها :
بلدي افرحي بشهيدك
صلى ودندن نشيدك
على الحجار.. مع السلامة
ويحسب لشاكر أنه من أكثر المطربيين الذين غنوا للشهيد فلا يمكن ونحن نتحدث عن أغنيات الشهداء أن ننسي أغنيته الجميلة ” الشهيد” التى قدمها لشهداء فلسطين ويقول فيها:” يا شهيد يوم التلاقي مش بعيد قرب خلاص”.
وأعاد المطرب علي الحجار أغنيته ” الشهيد” التى قدمها في مسلسل “البيضاء” من كلمات “عبدالرحمن الأبنودي”، وألحان وتوزيع “أمير عبدالمجيد”، لمواكبة ثورة 25 يناير، وبعد سقوط العديد من الضحايا، ورغم أن الأغنية لم تكتب خصيصا لشهداء 25 يناير لكنها حققت نجاحا كبيرا، نظرا للصدق الذى كتبت ولحنت وتغنت به ويقول مطلعها:
مع السلامة يا ابتسامة الزهر
مع السلامة يانسيم الحياة
مع السلامة يا ارتعاشة مصر
انت الشهيد اللي اتقتلنا معاه
ولم يكتف الحجار بهذه الأغنية، فقدم ألبومين وطنيين على نفقته الخاصة، الأول “إصحى يناااااير” والثاني” ضحكة وطن” وأهدى الأخير لكل الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم خلال أحداث 25 يناير من أجل رفع الظلم عن ملايين المصريين.
عمرو دياب ” مصر قالت”
ورغم أن “عمرو دياب” لا يحب الغناء الوطني ولا يوجد فى رصيده الغنائي إلا أغنيات قليلة جدا تعد على أصابع اليد الواحدة، حيث يؤمن أن الغناء للأوطان له مطربيه وله ناسه، ولا يناسبه ولا يجيده، لكن حفاظا على ماء الوجه، وبعد النقد الاذع الذى تعرض له بعد أحداث 25 يناير قدم أغنية جميلة اللحن والكلمات تتحدث على لسان مصر بعنوان ” مصر قالت” من ألحانه وكلمات الشاعر الراحل مجدي النجار، وتوزيع عادل حقي يقول فى أحد كوبليهاتها عن الشهيد:
مصر قالت انحيازي
عمره ماكان لأنتهازي
مستحيل هقبل تعازي
في الشهيد رغم أعتزازي
ألا من بعد الحساب” .
ولم تقتصر أغنيات الشهيد على جيل معين من المطربين فقد أهدى المغني الشاب “محمد نور” لكل أم فقدت إبنها فى سبيل الوطن أغنية من ألحانه وكلمات “جمال الخولي”، وتوزيع يحيي يوسف، بعنوان ” أم الشهيد”، والتى يتغنى فيها على لسان أم أحد الشهداء.
ثورة 30 يونيو وعذوبة الغناء الوطني
وبمناسبة الذكرى الأربعين لحرب أكتوبر قدم المطرب “بهاء سلطان” من خلال أوبريت ” مصر أم الدنيا” أغنية ” أول شهيد” كلمات جمال بخيت، وألحان وليد سعد، وتوزيع طارق عبدالجابر، يقول مطلعها:
أول شهيد فى حرب اكتوبر
كان ابن حق وحقه مقسوملك
واحتفالا ودعما لثورة 30 يونيو والتى هى استكمال لأحداث 25 يناير، قدم “وائل جسار” مع بداية شهر يوليو عام 2013 أغنية بعنوان “مصر الحرة” من كلمات نبيل خلف، ولحن وليد سعد، وتوزيع عادل عايش، تتحدث عن روح الشهيد التى ترفرف حول زملائه فى ميادين الحرية والثورة يقول مطلعها :
اه يا بلادى اه يا بلادى
حلوة الفرحة ويا ولادي
ويا الشهدا لما تنادى
بكاء الرئيس عدلي منصور
وخلال إحتفال القوات المسلحة بالذكرى الثالثة لأحداث 25 يناير، قدم الطفل “سيف مجدي” أغنية بعنوان ” أبن الشهيد” كلمات تامر حسين، ألحان عمرو مصطفى، توزيع أحمد الموجي، حيث بكى أثناء تقديمه الأغنية في مشهد انسحب تأثيره على جموع الحاضرين فى قاعة مسرح الجلاء، لينفعل الجميع وأولهم الرئيس المؤقت ــ فى هذا الوقت ــ المستشار عدلي منصور بكلمات الأغنية المؤثرة، التي توضح فخر ابن الشهيد بوالده، الذي ضحى بحياته من أجل رفعة وطنه وأمان شعبه ويقول مطلع الأغنية:
أحب أعرف الجميع
وديكم نبذة عن حياته
ليه الشرف والدى الشهيد
اللى أفتخر بإنجازاته.
شيرين تؤرخ لجنود الفرافرة
وبعد أن لقي 21 جنديا مصرعهم، وبالتحديد يوم السبت 19 يوليو 2013، بعد الاعتداء عليهم من قبل جماعة إرهابية في إحدى نقاط حرس الحدود بالقرب من واحة الفرافرة بالوادي الجديد، وكان إعتداءا فريدا من نوعه، إذ استخدمت العناصر الإرهابية أسلحة ثقيلة من بينها قذائف “آر بي جي” أدت إلى انفجار مخزن للذخيرة وهو ما تسبب في مقتل الجنود على الفور، إستفز هذا العمل الإرهابي السافل الشاعر أيمن بهجت قمر، وأستفز أيضا المطربة شيرين عبدالوهاب فأجرت اتصالاً هاتفيا ” بقمر” فور وقوع الحادث مباشرة، وطلبت منه كتابة أغنية تعبر عن الحالة التي يعيشها المصريون، خصوصا أنها تشاركهم الشعور بالغضب العارم تجاه ما حدث للجنود المصريين في نهار رمضان، وبالفعل شرع “قمر” في كتابة كلمات الأغنية المعبرة “سلم على الشهداء اللي معاك” التى لحنها ووزعها خالد عز، ويقول مطلعها: “سلم علي الشهدا الي معاك / سلم علي كل الي هناك”.
وكانت آخر الأغنيات الحديثة التى ذكرت بين كلماتها الشهداء أغنية ” رفعنا العلم” كلمات وألحان الشاعر محمد جمعه، توزيع محمد نور وغناء حماده هلال ويقول مطلعها:
وتحية للشعب المصري
وتحية للجيش المصري
وأولهم كل الشهداء اللي
زرعوا فينا القوة.
ثورة 1919 بداية الغناء الوطني
وهب سيد درويش روحه وفنه لثورة 1919 ، وعاش بروحه وفنه مع مصطفى كامل، ومحمد فريد، وسعد زغلول، يستوحي خطبهم النارية الملتهبة بأحاسيس الشعب، ويغني للناس والناس يرددون اللحن وراءه، وكان من الطبيعي أن يقع شهداء فى الثورة، وأن يمجدهم الشيخ سيد وكانت البداية من خلال مسرحية ” فشر” للفنان نجيب الريحاني وفيها غنى الريحاني من كلمات بديع خيري، وألحان سيد درويش لحن “الشهداء” على لسان طالب علم يسافر إلى أوروبا للحصول على شهادته العلمية، ويناجي مصر فى خياله قائلا:
يلطف بينا وينجينا من
بوابيرك يا أوروبا
وإن كان موتنا فى
غربتنا يا مصر، نبقى فى
جملة شهداك
فداكي ألوف يا مصر.
وكرر الشيخ سيد درويش التلحين والغناء للشهداء فى أكثر من عمل، فقدم من خلال المسرح الغنائي عشرات الألحان الوطنية والحماسية التي تحرض كلها علي النهوض والقوة ورفض الاستسلام من كلمات رفيق مشواره الفني الشاعر “بديع خيري”، ففي مسرحيته ” شهر زاد” التى قدمت عام 1921 وتتطرقت بذكاء إلى تمجيد الجيش المصري والإعتزاز بالجنسية المصرية، وصدق الإنتماء إلي مصر مهما كانت الضغوط التي يعانيها المصري في أي مكان، والتي كان يعانيها من آثار الاستعمار.
وفى رواية “عبدالرحمن الناصر” التى قدمتها شركة ترقية التمثيل العربي لعبدالله عكاشه وأخوته وعلى مسرح تياترو حديقة الأزبكية يقدم سيد درويش لحنه الجميل المليئ بالقوة والعنفوان :
” هيا أيها الأبطال هيا
إن فخاركم تحت البنود
شقوا بالسيوف لكم
طريقا إلى النصر الأغر
أو اللحود فإما نلتم العليا
جميعا وإلا نلتم أجر الشهيد
وعام 1923 يقدم أيضا سيد درويش من خلال فرقة “على الكسار” مسرحية ” الهلال” وفيها تغني المجموعة من كلمات عبدالحميد كامل مؤلف العمل : ” “إحنا الجنود زي الأسود” والتى يقول فى نهايتها: ” ويبني الشديد ضريح الشهيد ويرثي الغريب أخوه الغريب”
وطوال حقبتي الثلاثينات والأربعينات ينقطع الغناء للشهيد، رغم إشتعال الأحداث السياسية التى عبرت عنها الكثير من الأغنيات الوطنية، لكنه يتجدد مرة آخرى مع حرب فلسطين عام 1948، حيث أيقظ الموسيقار “محمد عبدالوهاب” جماهير أمتنا العربية بالدرة الخالدة ” فلسطين” التى أختارها من كلمات الشاعر “علي محمود طه” ورددت الجماهير معه ” وقبل شهيدا على أرضها دعا بإسمها الله واستشهد”.
وكانت صيحة الشهيد التى حرضت الشعب على القتال والإستشهاد التى كتبها صالح جودت وقام بتلحينها وغنائها أحمد عبدالقادر والتى يقول فيها ” أنا صوت من ربى
الجنة يا مصر ينادي
أنا سيف بدد الله
به شمل الأعادي
وفي فيلم ” الواجب” بطولة سراج منير وعماد حمدي وإخراج بركات يغني “عبدالغني السيد” قصيدة وطنية عن التضحيات والإستشهاد فى سبيل مصر بعنوان ” كلية البوليس” كلمات بديع خيري، وألحان رياض السنباطي يقول فى نهايتها:
يرحم الله شهيدا بالمنايا لا يبالي
نحن إن عشنا عبيدا فالعنينا يا ليالي
وتغني سعاد محمد فى أول أفلامها ” فتاة من فلسطين” أغنيتها ” يا مجاهد فى سبيل الله” كلمات بيرم التونسي وألحان رياض السنباطي التى تقول فيها :
يوم الحرب دا عمر جديد
تبقى سعيد اذا عشت سعيد
ولّا تروح الجنة شهيد
عند الله وتفوز برضاه
يا مجاهد في سبيل الله
ثورة 1952تمجد الشهداء
بعد حرب 1948 وضياع فلسطين قامت ثورة 23 يوليو 1952 وواكب هذه الثورة، ثورة آخرى فى الغناء الوطني، وإزدهرت الأغنية الوطنية ولعبت دورا هاما فى شحذ همم الجماهير،وشحنهم، ولأننا نتحدث عن الشهداء فسنكتفي برصد الأغنيات التى تغنت بالشهداء أبرزها ” الشهيد” التى قدمتها ليلي مراد فى فيلم “الحياة الحب” عام 1954، كلمات حسين السيد وألحان محمد عبدالوهاب.
وتوالت فى هذه الفترة الأغنيات التى تتحدث عن الشهيد، ففي عام 1955 تغني المطربة السورية “سهام رفقي” مع المجموعة ” مصرنا لك العلا”، وتقدم المجموعة أيضا لإذاعة صوت العرب نشيد “الشهيد”، وعام 1956 تقدم المطربة نجاح سلام وزوجها الفنان الشامل محمد سليمان الصورة الغنائية ” دم الشهيد” كلمات محسن الخياط، وألحان عفيف رضوان، و لخلود الشهداء غنت نجاح سلام أيضا “ما تقولوش مات الشهيد.. انما قولوا تولد.. دا الشهيد عايش معانا.. في كل حتة في البلد”، ويغني محمد قنديل فى أغنيته ” يا ويل عدو الدار”: ” ح نرد كل شريد.. ويعود عزيز ومجيد / وأن مات شهيد وشهيد/ الجنة ليهم دار/ يا ويل عدو الدار”.
ومن كلمات عبدالفتاح مصطفى وألحان أحمد صدقي، تنشد أحلام ” نادراك لليوم ده يا ولدي / تحميني وتحرس بلدي/ سافر مع ألف سلامه / يوم ما أوفى الندر ده عيد / يا شوفك هنا بكرامة / يا تروح الجنة شهيد”
وتنفعل المطربة “هند علام” بعد العدوان الثلاثي على مصر فتقدم من ألحان محمود الشريف ” نشيد الشهيد”الذي يلحن أيضا للمطرب إسماعيل شبانه، ومن كلمات صالح جودت أغنية ” صوت الشهيد”، وتغني شهر زاد ” يا رجالنا الأحرار” كلمات حيرم الغمراوي، ألحان على فراج.
الشهيد والمدن
أرتبط الشهيد في العديد من أغنياتنا بالبلد أو المدينة التي استشهد مدافعاً عنها، فمثلا لبورسعيد غنت شادية من كلمات إسماعيل الحبروك وألحان محمد الموجي “سلم على كل شارع / دافع عنه شبابه / وهات لي وانت راجع / شوية من ترابه/ تراب ارض الجدود/ وفيه دم الشهيد / امانة عليك امانة”، وغنت نجاة علي لبورسعيد ايضا من كلمات محمد التهامي وألحان عزت الجاهلي “قسما بِشعبِك بورسعيد قسما بموقفك المجيد .. وبراية الابطال .. ينقلها شهيد لـ شهيد”، و لشهداء مدينة السويس غنى محمد حمام من كلمات عبدالرحمن الأبنودي وألحان إبراهيم رجب”يا بيوت السويس.. يا بيوت مدينتي .. استشهد تحتك .. وتعيشي انتي”.
العندليب والتغني بالشهيد
وكان طبيعيا أن يغني فتى الثورة المدلل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ للشهيد فيغنى عام 1956وبعد إنتصارنا على العدوان الثلاثي أغنية “الله يا بلادنا” كلمات أنور عبدالله، وألحان محمد عبدالوهاب “ح نعيش من اول وجديد/ والنصر ينور اعيادنا / ونحيي روح كل شهيد/ يرفرف على ارض بلادنا”.
ويغني مرة ثانية للشهيد عام 1959 من خلال نشيد “الوطن الأكبر” الذى قدمه مع مجموعة من الفنانيين، ويختار بذكائه الكوبليه الذى يتحدث عن الشهيد فيحقق نجاحا كبيرا وهو ينشد من كلمات أحمد شفيق كامل، وألحان محمد عبدالوهاب قائلا: “أموت يا وطني شهيد وأتمنى أعيش تاني، أموت فداك من جديد واحمى اوطاني”.
وفى العيد الثامن للثورة وفى نادي ضباط القوات المسلحة بالزمالك يحكي بصوت مليئ بالدموع ” ذكريات” كلمات أحمد شفيق كامل، وألحان محمد عبدالوهاب قائلا : “في اللد والرملة .. كانت العملة.. مأساة كاملة.. واستشهد اخويا .. في اراضيها”.
لدم الشهداء عاد عبدالحليم مغنيا في أغنية “مطالب شعب” التى قدمها فى عيد الثورة العاشر عام 1962 والتى يقول فيها “باسم دمانا بالشهدا بالفدائيين/ عايزين يا جمال عايزين/ يا امل ملايين/ العودة.. العودة لاراضينا”.
مليون شهيد
صفة التنوع بابراز الشهيد بأفكار وصور عديدة في اغاني الخمسينات والستينات والسبعينات كانت هي الاعم وباستعادة هذه النماذج نلاحظ تركيز العديد من الفنانين على قيمة الشهيد والشهادة، فيقدم الموسيقار الكبير محمد فوزي عام 1962 لشهداء الجزائر وفى حفل لإذاعة صوت العرب لتكريم أبناء الجزائر أغنية بعنوان ” مليون شهيد” من كلمات عبدالفتاح مصطفى يقول مطلعها : “سبع سنين والحرب داير وشعب قضي العمر ثاير/ مليون شهيد.. كتبوا انتصارك يا جزاير”.
وتغني فايزة أحمد للشهيد فى نشيد ” صوت الجماهير” من كلمات حسين السيد، وألحان محمد عبدالوهاب قائلة : ” يا دولة كبرى فرضت وجودها فداك يا ما ضحى شباب/ شهيد حياتك عرف النهارده ماراحش دمه تحت التراب”.
وإذا كانت فايزة أحمد إختارت أن تغني الكوبليه الخاص بها فى ” صوت الجماهير” عن الشهيد، فإن المطربة وردة الجزائرية تكلف شاعرها المفضل فى الستينات على مهدي بكتابة أغنية عن شهداء الجزائر فيقدم لها رائعتها ” مليون شهيد” التى قام بتلحينها الموسيقار عبدالعظيم محمد، والتى يقول مطلعها : ” مليون شهيد من دمهم / وبإسمهم / بينوروا الفجر الجديد/ ، يا جزائر”، وتغنت بعد ذلك فى رائعتها المحفورة فى وجدان المصريين ” وأنا على الربابة” قائلة : ” “وايه اكون جنبك يا مصر.. وانا ع الربابة بغني.. وانتي اللي ما سبتيش شهيد هدر بدمه على التراب يا مصر”.
حرب الإستنزاف
وبعد نكسة 1967 وأثناء حرب الإستنزاف ظهرت العديد من الأغنيات التى تتغنى بالشهيد، كان أبرزها قصيدة ” الشهيد” كلمات الشاعر الإردني عبدالمنعم الرفاعي، والتى عاد بها الموسيقار محمد عبدالوهاب عام 1969 إلى الغناء بعد إستشهاد رئيس أركان حرب الجيش المصري عبد المنعم رياض، وفتحت هذه القصيدة الباب على مصراعيه لكثير من المطربيين للغناء للشهيد، من هذه الأغنيات رائعة ” بنت مصر أم الشهيد” كلمات عبدالرحمن الأبنودي، وألحان إبراهيم رجب، وقام بغنائها محرم فؤاد وقدمت عام 1970 ، وقدم المطرب أحمد سامي أغنية بعنوان ” دم الشهيد” عام 1971 كلمات كمال عمار، وألحان محمد عبدالعليم، ولا يمكن فى تسجيلنا لأغاني الشهداء أن ننسى رائعة شادية ” الأسمر فى كل مكان” كلمات المبدع مجدي نجيب وألحان عز الدين حسني، والتى يقول الكورس فى بدايتها :
النسمة رايحة تحكي
وراجعة تانى تحكى
عن أسمر حب سمرة
وسافر يشتري لها فستان
بلون القمرة وعقد لون عيونها
من يومها راح ما جاشي
وهى ما تدراشي ما رجعش
ليه نصيبها ليه راح راح”.
ولحن الموسيقار حلمي بكر عام 1972 لإذاعة فلسطين أغنية ” أخي الشهيد” كلمات فتحي قوره، وغناء المطرب الفلسطيني “نعيم حمدي” الذى كان طالبا فى هذا الوقت بمعهد الموسيقى العربية فى مصر، وكانت أشهر الأغنيات التى ظهرت ومازالت حتى الآن من أشهر أغنياتنا الوطنية رائعة ” مدد مدد” لعمنا محمد نوح من كلمات إبراهيم رضوان والتى يقول مطلعها:
مدد مدد مدد
شدى حيلك يا بلد
إن كان في أرضك مات
شهيد فيه ألف غيره بيتولد”.
أم الشهداء
سطر التاريخ مواقف خالدة لأمهات الشهداء في لحظة تلقيهن نبأ استشهاد أبنائهن ويبقى المثال الاقرب عندما غنت “شريفة فاضل” لإبنها الذي أستشهد في حرب الإستنزاف من كلمات نبيلة قنديل وألحان علي إسماعيل أغنية ” أم البطل” التى تقول فيها
ابني حبيبي يا نور عيني
بيضربوا بيك المثل كل
الحبايب بتهنيني طبعاً ما
أنا أم البطل.
وغني مارسيل خليفه رائعة محمود درويش ” أجمل الأمهات” التى يقول مطلعها :
أجمل الأمهات التي انتظرت إبنها
أجمل الأمهات التي انتظرته
وعاد عاد مستشهداً فبكت
دمعتين ووردة ولم
تنزوِ في ثياب الحداد
وقدمت عفاف راضي واحدة من أجمل أغنيات الشهداء بعنوان “أم الشهيد” كلمات عبدالرحيم منصور وألحان بليغ حمدي والتى تقول فيها:
يا ام الشهداء يا اصيلة يا اصيلة
يا ام الشهداء يا جميلة يا نبيلة
يا ام الشهداء يا حبيبة يا جميلة
كل الجراح لجلك تهون والله
ومن قبلهم جميعا قدم عبدالحليم حافظ أغنية “فدائي” التى قدمها عام 1968 عن وصية الشهيد لأمه قائلا:
لو مت يا امي ما تبكيش
راح اموت علشان بلدي يعيش
افرحي يا مه وزفيني
وفي يوم النصر افتكريني
كما قدم محمد فؤاد أغنيته ” أم الشهيد” التى يقول فيها:
افرحي يا ام الشهيد
وانتي في احلى نشيد
لم يمت من مات.
مارسيل وفيروز
وتظل تجربة مارسيل خليفة وفيروز للغناء للشهيد أجمل التجارب الغنائية فى وقتنا الحالي ويكفي لمارسيل أغنيته الرائعة ” “تصبحون على وطن”:
عندما يذهب الشهداء الى النوم
أصحو وأحرسهم من هواة الرثاء
واقول لهم تصبحون على وطن
أما فيروز فلا تكفى صفحات وصفحات للحديث عن إسهامها فى هذا المجال ومن أهم أغنياتها في هذا اللون من الغناء أغنية ” راح نبقى سوا” التى تقول فيها :
ع منديلك يا أمي ع أبواب البيوت
عم بكتب يا وطني الوطن ما بيموت
رسمتك سنابل شهدا وحمام
رسمتك يا وطني يا وطن السلام