حريق القاهرة يدفع يوسف وهبي للسرقة ليعيش !
كتب : شهريار النجوم
تحملت المسارح ودور السينما العبئ الأكبر من حوادث الفتنة العمياء التى اجتاحت القاهرة، فأحرقت معظم دور السينما الكبرى ودمرت الملاهي فى القاهرة وضواحيها، ثم فرض منع التجول فخيم الظلام على هذه الدور التى كان يشع منها نور الفن، وحرمت العاصمة فترة من الزمن من هذه المتعة البريئة، ولكن قيود التجول بدأت تخف تدريجيا، فعادت الحياة تدب من جديد فى المسارح وبعض دور السينما.
وشهد النصف الثاني من شهر فبراير 1952 بعض مظاهر النشاط الفني، حيث اجتمع “يوسف وهبي بك” بأفراد الفرقة المصرية للتشاور فى تقديم التماس إلى حضرة صاحب المقام الرفيع “على ماهر باشا” للإطلاق يد المسرح المصري في تمثيل بعض المسرحيات التى تأجل تمثيلها نظرا للظروف الحاضرة، وإلى أن يبت فى هذا الأمر قرر يوسف بك، أن يقدم مع أفراد الفرقة إلى الجمهور روايات آخرى، وقد وقع اختيارهم على مسرحية ” البؤساء” لـ” فيكتور هوجو” لتمثيلها على مسرح دار الأوبرا الملكية.
إنها قصة الشقاء الإنساني في أروع صوره ، قصة المجتمع القاسي بنظمه وقوانينه، فهذا “جان فالجان” يسرق رغيفا ليطعم أخته وأطفالها الجائعين فيحكم عليه بالسجن، ويكون هذا الحكم فاتحة شقائه، وسبب بلائه، إنه لا يكاد يخرج من السجن حتى يعود إليه مرة أخرى، إن صحيفة سوابقه تسد فى وجهه أبواب العمل الشريف، فيضطر للسرقة ليأكل، فإذا قبض عليه كانت سوابقه سببا في تشديد العقاب.
وهكذا تتقاذفه السجون حتى صادف قسيسا طيب القلب أطعمه وأحسن إليه وأنقذه من العودة إلى الليمان، عندما ضبطه البوليس متلبسا بسرقة أوانيه الفضية، فقد زعم القسيس أنه وهبه إياها ثم نصحه أن يستغل ثمنها في الكسب الشريف.
ومس صنيع القس الطيب، قلب الرجل الشقي، الذي لم يكن مجرما بالفطرة، وإنما دفعته ظروفه إلى الإجرام، فاستيقظ ضميره وتحول إلى طريق الخير، ذهب “جان فالجان” إلى بلدة لا يعرفه أهلها، وبدأ حياته من جديد حتى أصبح يملك أكبر مصنع فى البلدة، وأثناء ذلك يقابل “فانتين” المرأة الخاطئة التى كافحت لكي تطعم طفلتها، ثم اضطرت إلى احتراف الإثم بعد أن سدت فى وجهها كل السبل الشريفة، ويصادف أيضا “جافير” رجل القانون الصارم الذي لا يعرف شيئا سوى تقديس القانون.
وتتوالي أحداث المسرحية التى يلعب بطولتها يوسف وهبي بك، فى دور “جان فالجان” وحسين رياض في دور “جافير” وأمينة رزق في دور “فانتين”.
المصور 30 مارس 1952