بقلم الدكتور: طارق عرابي
ويل سميث من مواليد عام 1968، بدأ حياته المهنية كمغني “راب” وهو دون العشرين من العمر، وحقق في نهاية الثمانينات شهرة لا بأس بها من خلال عمله في مجال الموسيقى تحت اسم “الأمير الجديد The Fresh Prince” وذلك بعدما كون مع صديق طفولته جيفري (لاعب الـ دي جيه المحترف) دويتو جديد آنذاك تحت اسم “دي جيه جيسي جيف والأمير الجديد DJ Jazzy Jeff & The Fresh Prince”.
في عام 1990 زادت شهرة ويل سميث بعدما قام ببطولة المسلسل التلفزيوني الأمريكي “الأمير الجديد لمنطقة بيل إير The Fresh Prince of Bel-Air” الذي استمر عرضه لست مواسم متتالية (من 1990 حتى 1996) على شبكة تلفزيون NBC الأمريكية.
ولمعرفة “بيل إير”، لقد قمت بزيارتها شخصياً عام 2002 مع صديقي الأمريكي “جون” أثناء دراستي للسيناريو والإخراج السينمائي في كلية لوس أنجلوس سيتي كولدج LACC بولاية كاليفورنيا الأمريكية، وهي من أرقى وأجمل المناطق السكنية في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، وهى بمناظرها الطبيعية الخضراء وأودية المياه خاطفة العيون أشد سحراً من منطقة سكن النجوم “بيفرلي هيلز” التي لا تبعد عنها كثيراً.
ويل سميث، حقق نجاحاته الأولى كمغني راب وكاتب أغاني وجاءت شهرته الأولى من خلال حفلاته مع صديقه جيفري، ثم تدرجت شهرته عبر أعماله التلفزيونية إلى أن جاء دور السينما لتتغير حياته المهنية ويصبح واحداً من أقوى الممثلين في أمريكا، لدرجة جعلت مجلة النيوزويك الأمريكية تصفه في 2007 على أنه “أقوى ممثل في هوليوود”.
1993
سنة السعد السينمائي:
جاءت بداية أعمال ويل سميث للسينما بمشاركته مع النجمة الأمريكية السمراء التي رُشحت لجائزة الأوسكار مرتين وفازت بواحدة منهما “ووبي جولدبرج Whoopi Goldberg” في الفيلم “صُنع في أمريكا Made In America” عام 1993، وهو فيلم كوميدي يحكي عن فتاة سمراء تكتشف أنها جاءت للحياة عن طريق متبرع “حيوانات منوية” ، والغريب في الأمر أن والدها “المتبرع بالحيوانات المنوية” أبيض اللون.
ثم في عام 1995 جاء أول جزء من سلسلة أفلام ويل سميث الشهيرة والمصنفة – أكشن كوميدي – “باد بويز Bad Boys”، وهو الدويتو الذي بدأه ومازال مستمراً فيه مع النجم الكوميدي الأسمر “مارتن لورانس Martin Lawrence” والذي صدر الجزء الثالث منه هذا العام 2020 تحت إسم “Bad Boys For Life” .. أي بعد مرور 25 عام على أول جزء منه، وكذلك تم الإعلان عن اقتراب البدء في إنتاج الجزء الرابع من هذه السلسلة السينمائية تحت اسم “باد بويز Bad Boys 4”.
من المعروف أن الجزء الأول من هذه السلسلة قد تكلف إنتاجه 19 مليون دولار وحصد أكتر من 140 مليون دولار عالمياً.
أما الجزء الثالث هذا العام فقد تكلف إنتاجه 90 مليون دولار ومنذ صدوره بالسينمات منذ 17 يناير 2020 (أي أقل من شهرين حتى الآن) حصد أكثر من 400 مليون دولار عالمياً ومازال يتوسع في عرضه بدول كثيرة حول العالم.
عدو الدولة ينصر ويل سميث بعد يوم الاستقلال:
في عام 1996 شارك النجم الأسمر الصاعد ويل سميث مع النجمين “بيل بولمان وجيف جولدبلوم” كبطل أنقذ أمريكا والعالم من غزو الكائنات الفضائية للأرض، في فيلم “يوم الاستقلال Independence Day”، وهو الفيلم الذي تكلف إنتاجه 75 مليون دولار وحصد عالمياً أكثر من 800 مليون دولار. وهذا هو الفيلم الذي قدم ويل سميث للعالم كواحد من أبرز النجوم الواعدين للسينما العالمية.
ثم جاء عام 1998 ليشارك ويل سميث عملاق الأداء الحاصل على جائزتي أوسكار الممثل جين هكمان Gene Hackman في فيلم “عدو الدولة Enemy of the State”، والذي لعب فيه سميث دور محامي شريف وجريء وقعت بيده عن طريق الصدفة أدلة واضحة لجريمة ذات دوافع سياسية، وهو ما جعله طوال الفيلم أثناء محاولاته لإثبات تلك الجريمة مستهدفاً من قِبَل السياسي الفاسد صاحب الجريمة وحاشيته. فيلم عدو الدولة تكلف إنتاجه 90 مليون دولار وحقق عائداً عالمياً أكثر من نصف مليار دولار.
2006
بداية رحلة سميث الجديدة لنفع الناس:
رغم توالي أعماله الرائعة منذ العام 2006 ، ستبقى أفلام “البحث عن السعادة” The Pursuit of Happyness عام 2006 و”سبعة أرطال” Seven Pounds عام 2008 و “ارتجاج دماغي” Concussion عام 2015 من أعظم الأفلام التي قدمها ويل سميث للسينما الأمريكية والعالمية لأنها “تبصم” على حقيقة أكدتها المفاهيم الإنسانية حول العالم عبر كل العصور بعدما أكدها الدين الإسلامي بسماحته ورسالته الإنسانية في جزء من نص الحديث الشريف القائل “… وخيرُ الناسِ أنْفَعُهم للناس”.
فيلم “البحث عن السعادة” مأخوذ عن قصة حقيقية لعب فيه ويل سميث دور رجل أمريكي يُدعى “كريستوفر جاردنر” Christopher Gardner ، وقد استثمر غاردنر بكثافة في تصنيع جهاز يُعرف باسم “الماسح الضوئي لكثافة العظام” bone density scanner، وكان يأمل أن يحقق له هذا الجهاز أمانأً مالياً واجتماعياً بالقدر الكافي، ولكن خاب أمله لأن مبيعات هذا الجهاز لم تَسِرْ بشكل جيد. وبينما يعمل جاردنر محاولاً تغطية نفقاته الشخصية والعائلية ، تهجره زوجته ويفقد شقته لتأخره عن سداد قيمة الإيجار، واضطر جاردنر إلى العيش في الشوارع مع ابنه والحصول أحياناً – إن كان محظوظا – على فرصة المبيت له ولإبنه الصغير بمسكن الضمان الاجتماعي الخاص بالفقراء، والذي يتطلب وقوفه هو وإبنه في خط طابور انتظار طويل يمتد لساعات.
ويستمر جاردنر في محاولات بيع “الماسحات الضوئية لكثافة العظام”، ولأنه شخصٌ طموح لا يستسلم للظروف والمعوقات ويتفانى في البحث عن النجاح الذي يمكن أن يقوده إلى السعادة بتأمين حياة أفضل له ولإبنه، يتقدم كريس جاردنر للعمل كمتدرب (بدون أجر) لمدة 6 شهور بإحدى الشركات الكبرى في مجال مبيعات الأسهم ببورصات الأسواق المالية على أمل أن يحظى بفرصة العمل لديهم كبائع أسهم (بأجر)، ويكافح كريس جاردنر، ورغم ضآلة الفرص، يصر جاردنر على النجاح بين أعداد كبيرة من المتدربين. وينجح جاردنر أخيراً وبصعوبة بالغة في الحصول على الفرصة التي غيرت حياته وجعلته لاحقاً يؤسس شركة خاصة به ويصبح مليونيراً حقيقياً.
كتب السيناريو لفيلم البحث عن السعادة ستيفن كونراد Steven Conrad وأخرجه جابرييل موتشينو Gabriele Muccino، وقد لعب دور “إبن كريس جاردنر” الحقيقي “إبن ويل سميث الحقيقي” جيدن سميث Jaden Smith . وقد ترشح ويل سميث عن هذا الفيلم لجائزة الأوسكار عام 2007 كأفضل ممثل في دور رئيسي.
خيرُ الناسِ أنفعُهم للناس:
فيلم سبعة أرطال Seven Pounds عام 2008 ومختصر قصته أن شخصاً يُدعى تيم توماس انتحل شخصية أخيه “بن توماس Ben Thomas” وادعى أنه يعمل في مصلحة الضرائب على الدخل IRS، ولم يكن انتحاله لشخصية أخيه “بن”، ولا ادعاؤه بأنه يعمل بمصلحة الضرائب لغرضٍ شرير، بل كان بغرض الخلاص الأبدي من ذنب ارتكبه ، هذا الذنب تمثل في حادث سيارة أثناء قيادته لها بسبب انشغاله بقراءة رسالة على الهاتف والرد عليها والذي أودى بحياة 7 أفراد كانت حبيبته من بينهم، فأراد بانتحاله لهذه الشخصية معرفة حالات إنسانية عن كثب ليعرف أنهم أناس طيبون يستحقون مساعدته، ويقرر أن يمنح الحياة لسبع أشخاص غرباء مرة بالتبرع بـ “كليته” لأحدهم وأخرى بالتبرع بمنزله الشاطئي لسيدة وطفليها، إلى أن وقع في حب آخر هذه الحالات وهي “إيميلي” التي كانت ستموت بسبب احتياجها لزراعة قلب ولا يوجد متبرع، وحتى يكفر عن ذنبه ويكمل رحلة الخلاص يقرر أن يمنح حبيبته الحياة على حساب حياته، فيستدعي ذاكرته حول قناديل البحر وسمها القاتل، والتي يربيها بحوض أسماك بمنزله، فيرقد بحوض الاستحمام ويطلق قنديل البحر في مياه حوض الاستحمام ويرتب الأمر مسبقاً مع صديقه الصدوق ويتصل بطوارئ الشرطة قبل انتحاره مباشرة ويتحقق ما أراد لحبيبته التي يتم نقل قلبه لها وتعود الحياة إليها لتعيش بقلبه ويخلد هو بقلبها الجديد، وفي نفس الوقت يوصي بالتبرع بقرنية عينه لرجل كفيف يُدعى عِزرا الذي يعمل في خدمة العملاء عبر الهاتف بإحدى الشركات، وكان قد وبخه “بن” وقسى عليه من قبل عبر مكالمته له على خط الخدمة.
دكتور أومالو النيجيري يحارب “حيتان” كرة القدم الأمريكية:
أما الدور الذي أرى أن ويل سميث يستحق عنه وبجدارة جائزة الأوسكار وغيرها من الجوائز العالمية فهو آداؤه لشخصية د. بينيت أومالو Dr. Bennet Omalu في الفيلم المأخوذ عن قصة حقيقية، وهو فيلم “ارتجاج في المخ أو ارتجاج دماغي Concussion عام 2015، والذي يحكي قصة طبيب الباثولوجي النيجيري دكتور بينيت أومالو المهاجر لأمريكا والحالم بأن يكون مواطناً أمريكياً، ولكن حلمه لم يطغَ على ضميره عندما يكتشف أن اللعبة الأشهر في أمريكا (كرة القدم الأمريكية) تسببت في موت لاعبين كُثُر بعد اعتزالهم، ويخوض الحرب ضد أشرس وأقوى وأثرى الكيانات القائمة على إدارة تلك اللعبة التي تجلب لهم مليارات الدولارات سنوياً، وينجح د. أومالو بعد رحلة نضال في إثبات صحة رأيه العلمي مما أحدث تغييرات كبيرة في صياغة عقود الأندية مع المحترفين، وتسبب كذلك في رفع قضايا من طرف أكثر من 5000 لاعب سابق ضد أنديتهم. فيلم Concussion أخرجه بيتر لاندسمان Peter Landesman وهو كذلك من كتب له السيناريو بالمشاركة مع الكاتبة جين ماري لاسكاس Jeanne Marie Laskas .
يقوم ويل سميث حالياً بتصوير فيلم الملك ريتشارد King Richard والمقرر عرضه بالسينمات في نوفمبر من هذا العام ، ويقوم فيه ويل سميث بتجسيد شخصية حقيقية “ريتشارد ويليامز” وهو والد نجمتي التنس الشهيرتين سيرينا ويليامز Serena Williams و فينوس ويليامز Venus Williams
ويل سميث هو الممثل الوحيد الذي حصل ببطولته في ثمانية أفلام متتالية على أكثر من 100 مليون دولار في شباك التذاكر المحلي بأمريكا عن كل فيلم منهم وأحد عشر فيلماً متتالياً بأكثر من 150 مليون دولار على الصعيد الدولي، والثمانية أفلام المتتالية التي قام ببطولتها جاءت جميعها في المركز الأول مقارنة بالمعروض معها في حينه، وذلك من حيث رصيد شباك التذاكر المحلي داخل الولايات المتحدة الأمريكية.