أصوات من اليوتيوب يغنون علينا!
بقلم : شافكي المنيري
مصر أم الفنون في الدنيا .. عندما تقف في الأقصر أو في أسوان أمام المعابد، وفي حضرة الآثار والجداريات وتشاهد المصري القديم كيف صور حضارته وحياته ومعه الآلات الموسيقية وحاله العزف والفن، تعرف أننا كنا نغني ونعزف الموسيقي كجزء من حياتنا اليوميه.
المصريون أهل فن بالسليقة فهم يجتمعون للغناء والسهر من “قعدة وسهراية” والشاي علي نار الحطب أو على الفحم إلى أبواب الأوبرا والمسارح الكبيرة .. الكل يعشق الفن، وعلي مر الزمن والسنين كان الغناء والموسيقي حال كل بيت ووجوده فرح وبهجه لكل شارع أو حارة.
ولم يكن المصرين يستمعون لحالات الغناء فرادى، بل كانوا يغنون غناءا جماعيا،حيث يجمعهم بيرم التونسي أو سيد درويش أو يلتفون حول سماع عبد الوهاب أو كارم محمود، ويعيشون سهرات شهرية مع الست أم كلثوم أو يدغدغ عبد الحليم حافظ مشاعر حلوة عند الشباب أو يأخذ هم رشدي لعدوية، أو حاله شحن مع محمد قنديل وعبد العزيز محمود بمنديله الحلو، هذا غير رقي ورومانسية صوت نجاه و دلع شادية مع طرب فايزة وكملت المشوار، وورده بأحلي غناء وغيرهم من أصوات أجمل من بعضها البعض .. أغنيات عاش معها الشعب المصري في عالم فاتن من الفن .
أشكال وألوان من الغناء، جمل موسبقيه أحلي من بعضها، فهذا يغني رومانسي ، والثاني عازفا على الناي ، والثالت علي عود .. حفلات كبيره بصحبة أوركسترا ، كلها ألحان جميلة، وجمل موسيقيه موزعه توزيع رائع تستمع فيها مع أحلي الآلات الموسيقيه .
كثيرا ما اجتمع الناس على الغناء، وكثيرا ما اختلفوا أيضا علي غناء، وتسمعهم ببساطه يقولون: أنا بحب أسمع محمد منير، وآخر أنا عمرو دياب ! .. أنا علي الحجار.. أنا مدحت صالح .. لا هذا فؤاد ، وهذا قمر، وذاك هشام عباس، طيب أنا كمان بحب هاني شاكر وأغانيه، وبحضر كل حفلاته في الأوبرا .
كلها آراء وأذواق مختلفة، لكنها كلها حالات من الغناء مختلف المشاعر بين أنغام وشيرين وآمال ماهر ، وتسمع مرة أخرى لروح شباب تنادي من بعيد وبصوت عالي أنا اسمع حماقي.. بحبه وبحب غناه .
وهكذا الحال.. تسمع أصوات من هنا وهناك، كل مطرب له حالة خاصه وله جمهور، ولكن للأسف مؤخرا طغى علي السطح ومنذ وقت قصير ذباذبات وموسيقى تنقصها الموسيقى!، فلا هى فن ولا تحتوى جملا أو آلات موسيقية، ولا حتي أصوات!
لقد طغت أصوات مكتومة عليها قدر من الغبار أو عالية صاخبة عنوانها الضجيج، ومن فرط غرابتها أنك لا تعرف ماذا يقولون ولماذا؟، ولا تعرف حتي نوع الموسيقي التي تطن بإزعاج نشاز مثل طنين النحل بلا شي مميز، أو يختارونها من جمل موسيقيه ناجحه أو سرقتها من ألحان لمطربين نجحوا وتعبوا ووصلوا!، ثم تأتي المرحلة الثانيه فيبدلون الكلمات ويعبثون بجمل اللحن ويعتبرون في النهايه أن هذا نجاح وإبداع.
هم فقط مثل الترزي الموجود على نصيه كل حاره، يقلد تقليدا أعمى، ولكن للاسف تقلب الدنيا بحديث مموج يشير إلى أن هذا نجاح للأسف .. ولكن كيف وهيهات؟
لقد طغي علي سطح الغنتؤ مؤخرا فن أسموه مهرجانات ، فن حصري من التوك توك الي مسرح اليوتيوب!، ذلك الفضاء الرهيب الذي تجد فيه من الإبره للصاروخ، بث حي لأي شي وكل شي مفتوح للحلو والردئ ..!
وهذا الفن المهرجاناتي الهوية ليس له اسم يليق به حتي الآن !.. فعلا حالة من الصخب والضجيج والزحمه غير الفنيه ليغدو في النهاية مهرجان يخلو من أي فنأو معنى أو قيمة.
باتت هذه الأصوات تعيش وتنام وتأكل علي وسائل التواصل، لأنها سهلة الاختراق في كل بيت وعلي كل جهاز تليفون، وأوجدوا لأنفسهم مكان يتسللون منه بلا رقابه او قوانين رادعة تحكم تصرفاتهم المريبة.
ولكنها مصر التي رسمت آثارها العظيمه في صورة فن على المعابد ورسمت آلاتها الموسيقه وجسدت الفن الجميل على جداريتها .. هي مصر الولادة للفنون التي تسمح لك أن تحاول وتغني وتتركك !، ولكنها لن تسمح لك باليقاء طويلا إذا كان فنك مجرد بالونات ومهرجانات بلا فن أو إبداع .
يمكنك أن تغني لنا أوعلينا كثيرا!، ولكنك ستبقي كما أنت داخل بالونه كبيره داخل مهرجاناتك وحدك ،أما مهرجانات مصر الرئيسية فهي للفنون والإبداع التي رسمها المصري القديم زمان وذاك لن تقدر أنت عليه مهما حاولت.
ستبقى راسخة غير خجولة، تماما مثل أغنيه الفنان (محمد حماقي) الناجحة من ألبومه عام ٢٠١٢ (حاجة مستخبية)، والتي سرقت ببساطة وكأنها حق وحتى “استظراف” وإعلان أصحابها بهذا عادي !!، وتم اللعب بها في أغنيه ( بنت الجيران ) لصنع نجاح يدوي يومين داخل بالونة في مهرجان !!
وهنا أهمس للفنان المشرف الجميل محمد حماقي: يا حماقي خلي بالك علي ألحانك وأغانيك الحلوه من الاختراق والتبديل .
وللمبدعين: أرجوكم خلي بالكم جميعا على فنكم .. من “مسامير وشواكيش” تدق وتقتل فينا و في موسيقانا .. خليهم يغنوا علينا براحتهم هو ..فقط وحصري لهم داخل دولاب اليوتيوب !
…………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………………..
حماقي يرد على سارقي لحنه