رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

الضاهر .. أسوأ مسلسلات الدراما المصرية الحالية

كتب : مروان محمد

بعد سلسلة من الأزمات الطاحنة والتأجيلات المتكررة التي شهدها مسلسل “الضاهر” بطولة محمد فؤاء، والتي امتدت لسنوات طويلة وصلت خلالها لساحات القضاء، فقد كان سوء الحظ يطارد المسلسل، فدبت الخلافات بين الصديقين تامر عبد المنعم ومحمد فؤاد بطل العمل، بسبب رفضه تسليمهم شيكين عن أجره بالمسلسل، وقالت الشركة المنتجة إنه العمل توقف تصوير لأسباب قهرية وفؤاد لم يستكمل 50% من مشاهده، وعلى الرغم منذلك فقد عرض مؤخرا على “قناة الحياة، لكن ليته ماظهر على هذه الشاكلة السيئة شكلا ومضمونا، لأنه ببساطة ودون أدنى مبالغة يعد أسوأ مسلسل في الدراما المصرية الحالية.

أولا : نبدأ من إعلانات الآوت التي ظهرت من خلالها صورة الفنان “محمد فؤاد” يرتدي زيا عسكريا، رغم أن الحلقات جميعها لاتحتوى على مشهد واحد له يرتدي هذا الزي، كما أنه ليس مفهوما بحسب السياق الدرامي للأحداث المرتبكة والمتداخلة بصورة أشبه للخيال العلمي، هل “إبراهيم” ضابط بالجيش أم صابط مخابرات، ظل هذا الأمر ملتسبا طوال حلقات المسلسل، حتى فهم من النهاية أنه ضابط بالجيش، حين قال له قائده “جهز نفسك علشان ترجع وحدت”.

إذن هو ضابط بالجيش فكيف تسند له مهمة مخابراتية.. سوال لم تجب عنه الأحداث الدرامية المفككة؟

فشلت رغدة في تجسيد روح المرأة المصرية في الحارة الشعبية
مادلين طبر .. تكلف مقيت في أداء غير مناسب للشخصية

الحقيقة أن فكرة المسلسل جيدة للغاية لكن لو تم تنفيذها بشكل صحيح، خاصة أنها قصة حقيقية جاء من رحم الأحداث المؤسفة في زمن حكم الإخوان، وهى تحكي إن هنالك خلية من الصهاينة دخلت مصر فى عهد الإخوان، وأثناء حكم محمد مرسى تحديدا، وكانت مهمتهم تجنيد الشباب، وربما أعجبتني شخصية “ياردينا” التي تعمل داخل الموساد الإسرائيلى، خاصة أنها شخصية مهمة ولعبت بك بطريقة مثيرة، رغم أنه ليس مفهوما أنها من أصل عربى أم أجنبي، لكنها كانت لافته للاهتمام طوال الأحداث.

مريم سعيد صالح شكلت أكبر تلوث رغم محاولات علاء مرسي الضاحكة

كان يمكن أن يكون هذا المسلسل من أروع المسلسلات المصرية الحالية، خاصة أن فكرته جيدة – كما ذكرت من قبل – ومواكبة لأحداث تمت منذ 7 سنوات مضت فقط من ناحية، ومن ناحية أخرى أننا لم نشاهد منذ مدة مسلسلسلات تتحدت عن الجاسوسية في أروع صورها، وتحديدا منذ آخر عمل “الزيبق – 2017″، ذلك العمل الرائع من بطولة كريم عبد العزيز، لكن “الضاهر” وللأسف جاء مهلهلا على مستوى السيناريو المفكك، فقد صمم “تامر عبد المنعم” شخصيات منفرة مثل “رغدة” التي جسدت شخصية “زهرة”، حين اعتمدت حوارا قائما على “التطجين” – بحسب السيناريو – في غير إدراك أو وعي لشخصية المرأة القادمة من الحارة الشعبية المصرية، بما تتمتع به من حس فكاهي وشهامة و”جدعنة” وجاذبية خاصة ليست بهذه الطريقة المتكلفة من جانب رغدة ككمثلة تعد كبيرة وناضجة.

تامر عبد المنعم واميرة هاني ثقل ظل غير منقطع النظير

أيضا شخصية “كورين” في أداء مبالغ فيه لشخصية ارستقراطية تنتمي لطبقة مخملية في المجتمع، من جانب “مادلين طبر” وهى أيضا ممثلة كبيرة، لكنها كانت تتمتع بثقل ظل لا مثيل له في كل مسلسلات هذه الأيام، حوارها دائما متدني وحركات جسمها أشبه بمنيكان تحركه أصابع باردة تخلو من دفء المشاعر والأحاسيس لأم تخاف على ابنها بشكل مرضي، بينما ابنها “فاروق” الذي أدى دوره “تامر عبد المنعم” يشاطرها نفس ثقل الظل، والتكلف وحركة جسد مترهل وقسمات وجه تخاصم الإبداع حين يصطنع الضحك بشكل هيستري هزلي يصيب المشاهد بحالة من “الامتعاض” من فرط سوء الأداء.

أ

أميرة وتامر وأحمد التهامي ثلاثي تمادى في الترهل

ما شخصية “أمنية” التي تؤديها “أميرة هاني” العائدة للتمثيل بعد غياب – ليتها ماعادت – كي تجسد دور الزوجة الخائنة لزوجها مع أقرب أصدقائه، فقد اتسمت بالعصبية غير المبررة مع اهتزازات جسدية تشبه العروس الدمية، حين تحركها طفلة صغيرة بغير وعى أو إدراك لأنه مصابة بانفصام في الشخصية، وفي مقابلها تبدو شخصية “عمرو” الخائن صديق فاروق والذي لعب دوره “أحمد التهامي” بشكل يبعث على الاستياء والملل والتقزز جراء أداء باهت وغير ناضج بالمرة.

ونأتي لشخصية الزوجة المتطرفة دينيا والتي أدتها “مريم سعيد صالح” على نحو أكثر من سيئ لتبدو هى الشخصية الأكثر تنفيرا في المسلسل كله بحركاتها الهيسترية التي تبعث على الصخب والضجيج دون أدني مبرر درامي تسوقه الأحداث، فأنت دائما أمام بركان ثائر على لاشيئ، رغم محاولات جادة من جانب زوجها “علاء مرسي” للتخفيف من حدة صوتها الأجش، وقلب كل تصرفاتها إلى مواقف كوميديا عنوة، لم يتمكن من إزاحة حجم التلوث الذي صاحب هذه الشخصية في كل مراحل تطورها عبر الأحداث، فبدت طول الوقت مزعجة ومنفرة وغير مستساغة إطلاقا، على عكس ابنتها “فاطمة” التي أدتها “نيفين محمد ” في تناغم رقيق ورومانسي حالم ودافئ مع “كريم كوجاك، وهو ما أظهر هذا الثنائي على نحو جيد للغاية، ربما خفف كثيرا من تلوث أداء “مريم سعيد صالح” التي يقع عليها الجانب الأكبر من السلبية في هذا المسلسل.

إنجي شرف قدمت نموذج الجاسوسة بطريقة معقولة

ورغم ما اعترى غالبية المشاهد من تلوث بصري، أدى بالضرورة إلى حالة من الاستفزاز من فرط أداء سيئ ناجم عن سيناريو أسوأ وإخراج مرتبك للغاية – رحم الله مخرجه “ياسر زايد” – والذي على مايبدو حاول كثيرا ضبط إيقاع العمل، لكن دون جدوى، فالتوفيق لم يحالفه جراء رداءة السيناريو وبلاهة الحوار العقيم، إلا أنه يحسب لكل من “صبرى عبد المنعم، مظهر أبو النجا، فريال يوسف، مها نصار، إنجي شرف، كريم الحسيني” جهودهم جميعا المضية وسط هذا التلوث للخروج من نفق التلوث بصعوبة، حيث أدى كل منهم دوره بما اتيح له من إمكانات بسيطة في سبيل الوصول إلى شاطئ به قدر ضئيل من الأمان.

والسؤال الجوهري: بعد مشاهدتي القصرية لهذا المسلسل: ما الذي دفع صناعه إلى الزج به في الموسم الشتوى الذي يحظى بمسلسلات غاية في الروعة والأناقة والرومانسية التي افتقدها “محمد فؤاد” في أدائه الذي جاء مرتبكا وغير مترابط بالمرة، غير أنه هو شخصيا غيرمناسب للعب دور الضابط على المستوى النفسي والجسدي، حتى الأغنية الوحيدة التي غتاها لم تعكس ذلك “المذاق الفؤادي” الذي تعودنا عليه طوال أكثر من 30 سنة تربع فيها هذا النجم جنبا إلى جنب مع عمرو دياب، ويبدو أن غيابه عن الغناء عشر سنوات قد اثر كثيرا على توهجه.   

كريم الحسيني .. حاول تجسيد دور الشاب الثوري المتمرد بطريقة جيدة

وأخيرا : كان ينبغي ألا توافق الرقابة على مسلسل مهلهل مثل “الضاهر” لأنه يسئ إلى قواتنا المسلحة المصرية بالضرورة، ولعل اعتراض إدارة الشئون المعنوية عليه قبل ذلك كان مبررا، لأنه بموجب قانون الرقابة على المصنفات الفنية، فمن حق الشؤون المعنوية مراجعة كل الأعمال التي تمسّ الجيش أو تتناول شخصية ضابط من قريب أو بعيد خاصة أن أي عمل فني يمسّ الأمور العسكرية، لأنه قد “يؤثر على الروح المعنوية للجنود أو يمثل نوعاً من الحرب النفسية أو تكون له أهداف أو تأثيرات معينة دون أن يدرك المنتج أو المخرج”، حسب تعبير أحد الخبراء العسكرييين، والذي يضيف قائلا: لدينا في الشؤون المعنوية متخصصون في علم نفس والحرب النفسية وهم الأجدر بتقدير هل العمل له آثار سلبية أم لا على الروح المعنوية”، مردفا: “نحن في عصر الجيل الرابع من الحروب وحرب المعلومات ولابد من الحذر.

إذن لماذا خرج هذا المسلسل للنور بعد كل تلك الظروف والملابسات التي أحاطت به؟، وخاصة أنها ليست المرة الأولى التي يدخل فيها تامر عبدالمنعم، صاحب العلاقات النافذة في الدولة والممثل المثير للجدل، دوامة رفض الرقابة لأعماله الفنية المثيرة للجدل جراء عدم صلاحيتها الفنية، فقد واجه رفض هيئة الرقابة على المصنفات الفنية لفيلم “المشخصاتي 2” الذي أنتجه ومثّله عام 2015، حيث جسّد فيه بشكل ساخر بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين، واعترضت عليه الرقابة ثم أجازته، لكن الفيلم لم يُكتب له النجاح وحقق أقل الإيرادات.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.