حكايتي مع ديزنى (3) .. سمير حبيب
بقلم المخرج المسرحي الكبير : عصام السيد
كانت علاقتى بالملحن و الموزع الشهير سمير حبيب، قد بدأت منذ سنوات قليلة، عن طريق الكاتب الكبير عبد الرحمن شوقى، فقد تعاونا معا فى عدة أعمال ناجحة و شهيرة ، منها فوازير سمير غانم (فطوطه و سمورة)، كما لحن لعبد الرحمن شوقى مجموعة مسرحياته لسمير غانم (أشهرها أخويا هايص وأنا لايص)، و كثيرا ما حدثنى عنه “عم عبد الرحمن” بإعجاب شديد وإيمان قوى بموهبته، ولقد كنت أثق فى رأى عم عبد الرحمن، فالرجل يكتب للمسرح والسينما والتليفزيون منذ الستينات وتعامل مع عشرات الملحنين، ولكن استقر فى النهاية على التعامل مع سمير حبيب وحده .
لم يكن عبد الرحمن شوقى مؤلفا شهيرا فقط أو كاتب أغانى لأنجح الأعمال – مثل مدرسة المشاغبين – و لا سيناريست لأفلام كوميدية كثيرة مثل “عماشة فى الأدغال” و غيرها ، بل إنه “صائد مواهب” و”صانع نجوم”، هكذا فعل مع محمد رضا الذى صار نجما بشخصية المعلم مدعى الثقافة التى صنعها له فى أحد المسلسلات، وهو أول من أعطى فرصة البطولة للثنائى (فى ذلك الوقت) سيد زيان و إبراهيم سعفان، وهو شريك المخرج فهمى عبد الحميد فى صناعة شخصية فطوطة.
وشاءت الظروف أن تأتى فرصة لنتعاون أنا وسمير فى مسرحيتى “انت فين يا على ” لنور الشريف و بوسى، فاكتشفت فيه – إلى جانب القدرة على صياغة جملة موسيقية تتسم بخفة الدم وتلتصق بالأذن فورا – اهتمامه الشديد بعمله وانضباط مواعيده وسرعة إنجازه – و هو أمر يفتقر إليه كثير من الملحنين – مما جعلنا نخرج من التجربة بصداقة تعدت حدود العمل و تعمقت حتى صرنا لا نفترق، فهو أيضا يتميز بالقدرة على اكتساب محبة الناس، فهو الباسم الهادئ المحب للحياة، وهو نعم الصديق وقت الضيق .
فكيف بعد كل هذا أن اعتذر ؟
طلبت من سمير أن يعطنى نسخة من فيلم ديزنى لاشاهده – علنى أجد فيه مايشجعنى على الاعتذار – ولكنه أصرّ على أن أشاهد فيلم الكارتون فى منزله، متعللا بأنه وقع على نفسه تعهدا بعدم تداول النسخة المرسلة إليه، قلت له : هل لا تثق بى ؟ قال بالعكس و لكنها فرصة لان تزورنى .
ذهبت فى الموعد و جلست استعد لمشاهدة الفيلم فى فتور.
اسمه إيه الفيلم ؟ سألت سمير بلا اهتمام:
قال : lion king
قلت له : الاسم وحش قوى لما يترجم عربى .. هيبقى إيه ؟ ملك أسد
قال : ممكن يبقى الملك الأسد او الأسد الملك
قلت : طيب ماجتش على الاسم … نتفرج
بدأ الفيلم، وبرغم إعجابى منذ الطفولة بأعمال والت ديزنى، إلا أننى وجدت مستوى أعلى بكثير من الإنتاجات التى شاهدتها فى طفولتى: وجدت رسوما رائعة تتحرك بشكل مدروس تشريحيا وكأنها كائنات حقيقية وليست مجرد حيوانات مرسومة، و الفيلم يتسم بخيال منطلق لا يحده شيئ، حتى أن الحيوانات تؤدى استعراضات مذهلة فى إطار اأحان عبقرية، أغنية البداية تحمل معانى فلسفية عميقة . هل هذا فى فيلم للأطفال؟ هكذا يتعاملون مع أطفالهم ونحن نرضع أطفالنا حواديت مليئة بالتخلف.
جلست مبهورا بالفيلم، وبعد قليل وجدت دموعى تنهمر ولا أستطيع إمساكها ، كيف لفيلم للأطفال أن يعرّض مشاهديه لمثل هذا الحزن و الأسى ؟، لكن صناع الفيلم سرعان ما استطاعوا أن يجعلوا من تلك المأساة عظة ودرسا ودخلت شخصيات جديدة مرحة مسحت طابع الحزن عن الفيلم . ببساطة شديدة استطاعوا على مدى الساعة أن يتلاعبوا بمشاعرى و لم تفلت منهم لحظة ملل واحدة أو تقصير من أى نوع .
انتهى الفيلم وجلسنا صامتين أنا و سمير – الذى كان متأثرا بأحداث الفيلم أيضا برغم أنه شاهده عدة مرات – و بعد لحظات قال لى : إيه رأيك ؟
قلت فى ايجاز: هنبتدى امتى؟