If كتب : مروان محمد
على قدر براعة أداء “محمد سعد” في تجسيده لشخصية ضابط البوليس “بشر الكتاتني” في سياق الأحداث الدرامية، وذلك على مستوى لغة الجسد التي وظفها بمقياس دقيق للغاية، وفي تواز غير مخل مع صوته الأجش الذي يعكس طبيعة شخصية الضابط في هذا الزمان، إلا أن “سعد” برع في مشهد إغراء لواحظ له للنوم معها في غرفتها وقضاء ليلة ممتعة كانت تتمناها، وأرى أن هذا المشهد يعد الـ “ماستر سين” في الفيلم الذي كتب له السيناريو والحوار المبدع “عبد الرحيم كمال”، ليتجلى بخياله الخصب في سرد تاريخي لمراحل ثلاث في تاريخ مصر القديم والحديث والمعاصر في آن واحد، عبر دراما تختلط فيها التراجيديا بالأكشن، وأخرجه البارع جدا “شريف عرفة” في صورة أكثر إبهارا وبلغة سينمائية تعزف على مقام الدهشة.
جاءت تفاصيل المشهد على النحو التالي :
ينصت “بشر الكتاتني” لسماع صوت حبيبته القديمة”نعمات رزق”على “الجرامافون”، وفي شغف كبير يقترب من الجهاز في محاولة لاستعادة ذكريات الأمس البعيد، عندما كان يسمع صوتها يجوب أرجاء المسرح، بينما الناس منتشين بسحر الصوت الكلاسيكي الفاتن، وفي تلك اللحظة تدخل عليه “لواحظ” بخطوات فيها قدر من الدلال والدلع، فيفيق من سرحانه فجأة على صوتها وهى تقول: “كد كده حسها عاجبك”، فينهرها قائلا : “لوحظ” ارجعي مكان ماكنتي، لكنها تصر على أن يعترف لها بما يحمله في قلبه من حب لهذه المطربة التي كان يسمعها.
في محاولة لإغرائه تعرض ليه أن ترقص له كي ينسى ما يختلج في قلبه من مشاعر جياشة بالحب العاطفة، كما بدا للواحظ في عينيه من انجراف نحو تلك المطربة، لكنه يشير بأصابعه نحوها في حالة من الرفض الشديد، لكنها في دلال تجلس على الأرض في محاولة لاستمالته في الحديث، مؤكدة أن عينيه تقول بأنه يعرفها تمام المعرفة، بل أن قلبه يكتوي بحبها، مضيفة أنه عاشق بدليل أن الرجل الذي تغمض عينيه مع صوت حبيبته يكشف عن ما بقلبه على الفور من العشق ، وأنا ألمح الحب فيهما من أول ما دخلت عليك وأنت هائم تطير بخيالك للأعلى.
تقترب “لوحظ” أكثر فأكثر منه وتربت على يديه في محاولة لاستمالته نحوها ، فيبعد يده على الفور قائلا بصوت أجش : لوحظ ادخلي غرفتك عندك عمل كثيرا صباحا، تقف هى على باب غرفتها مع ثنية خفيفة من ركبتها، قائلة في لغة صريحة ومباشرة : أنت عاجبني ولواحظ عمرها ما عجبها لا عمدة ولا وزير، وتدخل على سريرها بينما تترك الباب مفتوحا وكأنها تدعوه للدخول عليها، وهو ينظر لها في رغبة مكبوتة تؤرق داخله المحروم من النساء منذ فترة طويلة.
يهب واقفا وعيناه ترقبان حركات “لواحظ” على السرير ويقول بينه وبين نفسه “سابت الباب متعمدة، وبدأ الفوران يدب في جسده الموجوع بالحب والعاطفة الجياشة لصديقته ” نعمات رزق “، ثم ذهب نحو غرفته والرغبة تلح عليه كما يبدو من لغة جسده التي تعبر عن حالة القلق رغم السكون المتعمد من جانبه، ويبدو أنه يفكر في الأمر مليا، لكن وقاره يمنعه من إقامة علاقة مع “غانية” مثل “لواحظ” هو استأجرها بالأساس للإيقاع بفريسته “تاجر المخدرات” في سبيل الإيقاع به، في اللحظة التي يومئ فيها برأسه قائلا : “لا .. لا” ، ويدور حول نفسه دورتين يعقد العزم على الذهاب لغرفتها، لقد نجحت في تحريك غريزته نحوها.
على الفور يغلق الباب، ثم سرعان ما تنطلق لواحظ بضحكة مجلجلة تنم عن سعادتها العامرة في الإيقاع به في أحضانها كي تقضي ليلة مع الباشا، لقد كانت تتمناه كرجل ناضج وله هيبة من لحظة أن وطأت قدماها أرض هذا الفيلا الفخمة التي تحيطها الأسرار من صوب وحدب، ولا أحد يعرف ما يدور بداخلها.