كلنا مسؤولون عن “أسطورة” محمد رمضان
بقلم : محمود حسونة
من يتابع كلام الناس عن محمد رمضان على مواقع التواصل يحس وكأنه نبت شيطاني نما وترعرع وكبر من دون رعاية ولا متابعة ولا مساندة، فالكل شديد الغضب عليه، والجميع يحمله مسؤولية الانحطاط الأخلاقي والفساد الذي ضرب قيم المجتمع في مقتل، وجعلنا نرى أبناءنا اليوم بعين تختلف تماماً عن العين التي كان يرانا بها أهلنا وذوونا.
لأن محمد رمضان ليس نبتًا شيطانيًا، لا يمكن أن نحمله وحده مسؤولية ما نراه في الشوارع وما نسمع عنه في المدارس والبيوت من انهيار خلقي، ولكننا جميعا مسؤولون أمام الله عما أصاب مجتمعنا في غفلة منا منذ ٢٠١١.
محمد رمضان نشر البلطجة والرقص بالسنج والمطاوي وساهم في زيادة حدة الفهلوة، وأصبحت تمشي في شوارع القاهرة وغيرها من المدن لتقابل ملامحه في وجوه المئات من الشباب وملابسه الغريبة على أجسادهم، وصدورهم عارية تتدلى منها جنازير لا تثير سوى الاشمئزاز.
فعل محمد رمضان كل ذلك وأكثر منه الكثير، بعد أن التف صغارنا وبعض كبارنا حول الشاشات التي تعرض أعماله، وهرولوا إلى دور السينما التي تعرض أفلامه، واحتشدوا في حفلاته الغنائية، والكل يعلم أنه يملك صوتاً مزعجاً ويؤدي بطريقة لا تخلف سوى الضوضاء، وأصبح نجماً يُشار له بالبنان ويُعمل له ألف حساب، ويتقاضى الملايين، ليستغلها في استفزاز مشاعر جمهوره من الصنايعية والناس الشقيانة الذين يملكون بالكاد قوت يومهم، بأسطول سياراته وممتلكاته الأخرى.
لا نختلف على أن محمد رمضان يغني ويمثل ويبلطج ويعيش بأسلوب واحد وعلى إيقاع واحد، أسلوب وإيقاع لا يشبه بهما إلا نفسه، يخلو من أي تطور، رافضاً لكل تجديد، ومن حقه ألا يجدد إذا كان هذا النموذج جلب له النجاح والشهرة والمال وكل ما يحلم به أي شاب.
رغم الخطايا التي ارتكبها هذا الشاب، إلا أن لا أحد ينكر عليه موهبته في التمثيل، ولذا عندما أرادوا تشبيهه بأحد كبار النجوم، شبهوه بعبقري لن يتكرر هو أحمد زكي، رحمه الله، ولكن شتان مابين أعمال فناننا الراحل وأعمال رمضان، بل قل أن لا وجه للمقارنة بين الذهب و”الفالصو”.
من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي يجد جروبات بالآلاف على الفيسبوك وهاشتاجات تويترية لا تعدّ، تطالب بمقاطعة محمد رمضان بل ومحاكمته وإنزال أقسى العقوبات عليه، وأنا أسألهم: ألستم أنتم من رفعتموه على الأعناق ليطاول أعناق السماء ويعيش بينكم مختالا فخوراً، ولسان حاله يقول “يا أرض انهدي ما عليك قدي”؟
ألستم أنتم من بايعتموه “أسطورة” وصدقتم أنه “الملك” وبصمتم على إدعائه بأنه “نمبر وان”؟
ألستم أنتم من دفعتم أسعار تذاكر أفلامه وأقبلتم عليها، ليتعالى على زملائه وعلى مجتمعه ويساهم مع من يشبهوه ومن يقفون خلفه في إفساد أخلاق أبنائنا؟
أليس هو من تحدى جمهوره وتقبلتم تجاوزاته في حق كبارنا ورموزنا من الفنانين ولم يسع أحدكم للصراخ في وجهه قائلاً له ..كفى؟
والسؤال الذي يطرح نفسه.. لماذا رفعنا شعار المقاطعة اليوم؟ وهل كنا في غيبوبة وأفقنا منها بشكل مفاجىء؟
نعم، كلنا ساهمنا في خلق “أسطورة” محمد رمضان، وكلنا مسؤولون عن حالة الغرور التي وصل إليها، وكلنا نحتاج إلى وقفة مع النفس حتى نستفيد من التجربة، ولا يتكرر في حياتنا هذا النموذج ثم نشمئز منه.