الكومبارس العاق !
بقلم : محمود حسونة
العقوق ليس للأمهات والآباء فقط، بل للأوطان أيضاً، ومثلما توعد الله عز وجل عاق والديه بالحرمان من الجنة، فمن الطبيعي أن يحرم العاق للوطن من حقوقه كمواطن ومن العطايا والامتيازات التي يمنحها له الوطن! وأحيانًا ينال جزاءً يفوق ما يمكن أن يتخيله العقل البشري.
تذكرت ذلك وأنا أشاهد المسلسل الذي عرضته “نتفليكس” مؤخرًا باسم “المسيح” ويتمحور حول شخص يقول أنه المسيح، وجاء لتخليص الناس من خطايا الدنيا ووضع نهاية للتاريخ لأجل بداية جديدة، والمسلسل يقع في ١٠ حلقات، وفي نهاية الحلقة الأخيرة، فوجئت بمن كان نجماً في مصر، المدعو “خالد أبو النجا” يؤدي دور كومبارس صامت – بودي جارد صهيوني – يساعد ضابطًا من الموساد في حراسة من يدعي أنه “المسيح”، خلال إعادته من أمريكا إلى إسرائيل عنوة وبطريقة غير مشروعة، حيث تسقط بهم الطائرة ويموتون ثم يحييهم ” هذا المسيح المخلص”.
ليس موضوعنا القضية الشائكة والغريبة والمريبة التي يطرحها المسلسل، وملامح وملابس “مسيحهم”، ولكن الصورة المخجلة التي ظهر بها “أبو النجا”، والذي كان مكرماً في بلده ونجمًا واقفاً في الصفوف الأمامية مع مجموعة النجوم الشباب؛ ورغم عطايا مصر له انقلب عليها وتآمر مع المتربصين بها وارتمى في أحضان من يريدون هدمها، وحسب كلامه الذي أصابنا بصداع مزمن فقد وعدوه بأدوار في السينما العالمية ليمنحوه دور الكومبارس الصامت في مسلسل يلعب بطولته شاب تونسي مغمور مع فنانين مجهولين من دول مختلفة.
هذا الدور يعكس القيمة الحقيقية لـ “أبو النجا” كفنان، فهو لا يستحق أكثر من ذلك، ومن المؤكد أن بعضنا قد أساء تقييمه فمنحه أدوار بطولة في أفلام ومسرحيات وأعمال مختلفة، بل ومنحه الجوائز وصفق له المخدوعون، وجعلوا منه مذيعًا ومقدمًا للبرامج ليصدق أنه صاحب رؤية تمنحه الحق في أن يشرب من بئر مصر ثم يرمي فيه صخوراً وليس حجارة فقط. خرج من الوطن ليشتمه من الخارج ويخونه ولينظِّر علينا بأكاذيب وحكايات باطلة وملفقة .
ليتك يا “أبو النجا” تعرف حجمك الحقيقي، وأن “الكومبارس” الصامت يليق بك، وتدرك أن دورك في “المسيح” هو التعبير الحقيقي عن مستوى موهبتك، وتعي أنك بذلك لا تبدأ من الصفر في الخارج أملاً في أدوار بطولة مهمة، بل رضيت على نفسك أن تنزل إلى القاع – كما أرادوا لك أن تكون – وستبقى حيث يرسمون لك الخطوط لتمشي عليها مكبلاً صامتاً مهمشاً، واعلم أن نقابة الممثلين في مصر لم تفعل سوى الصواب عندما جمدت عضويتك، وأن الخائن لوطنه لا يلقى سوى ما لقيت من مصير.
مصر لديها أبناء موهوبون وصلوا إلى العالمية ونالوا أرقى الجوائز، ورغم أنهم هاجروا منها مبكراً، ولم تعطهم شيئاً مما أعطتك وحصلوا على جنسيات أخرى، ولكنهم يعتزون بأصولهم المصرية العربية، ويجاهرون بفخرهم هذا من أعلى المنابر وأمام ملايين النجوم والإعلاميين الغربيين، ويحاولون التحدث بالعامية رافعين اسم مصر عالياً في أهم المهرجانات والمحافل الدولية، وأقصد بذلك “رامي مالك ورامي يوسف ومينا مسعود” الذين صفق لهم العالم وافتخرت بهم مصر بعد أن خجلت من أنك كنت يوماً ابنًا لها.
المقال رائع والموقع اكثر روعة اعلام راشد يفتح الطريق لتوثيق عظمة الماضي ويكافح سقوط وتدني الذوق والاخلاق .