مرسى جميل عزيز.. 1000 أغنية لن ننساها !
بقلم : سامي فريد
اسمه لن تنساه مصر التي عشقت منه. لم يكن مرسي جميل عزيز مجرد كاتب أغاني كغيره من كتابها. كان مؤسسة فنية جمعت قراءته للتراث العربي قديمة وجديدة إضافة إلى حفظه للمعلقات السبعة كاملة مع حفظ للقرآن الكريم. أضفنا إلى هذا كله دراست للغة العربية شعرها وأدبها تم التحاقه بمعهد السينما وتخرجه فيه بترتيب الأول على الدفعة وأيضا حصوله على درجة الدبلوم في كتابة السيناريو.
كتب مرسي جميل عزيز ابن الزقازيق وابن أكبر تجار الفاكهة في
الشرقية كلها لعظم مطربي مصر وبعض مطربي العرب أيضا وعلى رأسهم جارة القمر فيروز التي غنت له قصيدته “سوف أحيا”.
لعبد الحليم حافظ وحده كتب مرسي جميل عزيز 35 أغنية بدأت بأغنية “مالك مالي يابو قلب خالي” بعد أن جمعه به محمد الموجي فسمعه وانبهر بصوته، فكتب له في نفس اليوم هذه الأغنية تبعتها أغاني لا ننساها مثل “نعم يا حبيبي نعم” و”بأمر الحب” و”يا خلي القلب” و”بتلوموني ليه” وغيرها أما كوكب الشرق فغنت له الثلاثية المشهورة التي لحنها بليغ حمدي “سيرة الحب” و”فات الميعاد” و”ألف ليلة وليلة”..
تفجرت موهبة مرسي جميل عزيز مبكرة ومشجعه والده عليها.. فكتب أول قصيدة وهو في سن الثانية عشرة في رثاء أستاذه في المدرسة عام 1939، كما أذيعت له أول أغنية له في الإذاعة ولم يتجاوز عمره
الثامنة عشرة والمدهش الغريب أن من لحنها له كان الموسيقار الكبير رياض السنباطي وكانت بعنوان “الفراشة”. أما شهرته كمؤلف للأغاني فقد بدأت مع أغنية التي كتبها للمطرب عبدالعزيز محمود وهي “يا مزوق يا ورد ف عود”..
كانت أغنييات مرسي جميل عزيز سبباً في نجاح العديد من المطربين فقد ساعدت كلماته فايزة أحمد التي آمن بموهبتها، فكتب لها “تمر جنة ويامه القمر ع الباب وليه
يا قلب ليه وحيران وبيت العز”. كما كتب أغاني أول فيلم لمحرم فؤاد مع سعاد حسني “حسن ونعيمة” كذلك تعاون مع شادية في عدة أعمال منها أغاني فيلم “الزوجة رقم 13” مثل أغنيات “على عش الحب” و”حياة عينيك”، كما تغنى معظم المطربين
بكلمات أغانيه مثل وردة وفريد الأطرش وصباح ومحرم فؤاد ومحمد قنديل وهاني شاكر ومحمد ثروت..
ولا ننسى بالطبع انه كتب الأغاني لخمسة وعشرين فيلما بدأت بفيلم “مبروك عليك” عام 1949 وانتهت بفيلم “مولد يا دنيا” عام 1976. من هذه الأفلام كانت أفلام
“حكاية حب” و”أنا وبناتي” و”المرأة المجهولة” و”أحبك يا حسن” و”أدهم الشرقاوي والشموع السوداء” و”يوم بلا غد”..
وكما كتب مرسي جميل عزيز الأغاني العاطفية فقد كتب كذلك الأغاني الوطنية مثل “بلدي يا بلدي” لعبدالحليم حافظ و”بلدي أحببتك يا بلدي” لمحمد فوزى إلى جانب الأغاني الإنسانية والقصائد الشعرية والذي قد لا يعرفه الكثيرون هو أن شاعر الألف أغنية كما أطلقوا عليه قد كتب أيضا
القصة القصيرة ومقالات الرأي في الصحف أيضا القصة السينمائية والأوبريت الغنائي حتى اعتبره النقاد ظاهرة أدبية وفنية بارزة..
وللشاعر مرسي جميل عزيز أكثر من حكاية مع الموسيقار عبدالوهاب ومع العندليب الأسمر ومع سيدة الغناء العربي.. نذكر منها أنه كان أول وآخر من سب عبدالوهاب وعبدالحليم في حضور مجدي العمروسي بعد أن تعددت
طلبات عبدالوهاب في التعديل والتغير في كلمات آخر أغانيه وهى “من غير ليه” عندما طلب منه عبدالحليم تعديلا بسيطا على حد قوله حتى لا “يزعل الأستاذ” فانتفص مرسي جميل عزيز واقفا ليخرج وهو يقول “ملعون أبوك وأبوه”، ثم التفت إلى مجدي العمروسي وقال: “وأبوك انت كمان”.. ثم خرج.
وضحك عبدالوهاب وضحك عبدالحليم وأعاد الاتصال بمرسي جميل عزيز لمصالحته، لكن يشاء القدر أن يغني عبدالحليم الأغنية لوفاته ولا يسمعها مرسي جميل عزيز لوفاته أيضا، ويظل عبدالوهاب مترددا لا يريد أن يعطي الأغنية لواحد من جيل السبعينيات فغناها هو بنفسه ولاقت ما لاقت من نجاح.
ولمرسي جميل عزيز حكاية أخري مع كوكب الشرق السيدة أم كلثوم يقول عنها: “لقائي بأم كلثوم كان عجيب قوي.. بعتت لي أول ما ظهرت، وكانت عايزاني اكتب لها، لكن أنا كنت متخوف قوي منها.. المهم – يقول – اتكلمنا واتفقنا مع بعض لكني ما نفذتش أي حاجة من الاتفاق، قلت لنفسي جايز
تعمل معاك زي ما بتعمل مع غيرك ومش حتقدر تقول لها لأ”..
ثم ظهر محمد الموجي الذي كان شرطه الوحيد في العمل مع أم كلثوم هو انه يلحن لها من كلمات مرسي جميل عزيز الذي سيطرت عليه فكرة شيطانية، كما يصفها هو.. وهي أن المطرب هو الذي يصنع شهرة المؤلف وليس العكس، فالجميع يقولون “إنه لولا أم كلثوم لما عرف الناس أحمد رامي، ولولا فريد الأطرش ما كانت شهرة مأمون
الشناوي، ولولا
عبدالوهاب ما عرف الناس حسين السيد”.. ودفعته هذه الأفكار إلى الخوف من التأليف لأم كلثوم حتى لا ينسب الناس شهرته إلى أم كلثوم، فكر مرسي جميل عزيز في الموضوع ووجد أنه يعمل مع النجوم الصغار فيكبرون بأغانيه، وقال يقنع نفسه بأنه لن يعمل مع الكبار حتى لا ينسب نجاحه إلى نجوميتهم حتى استدعته أم كلثوم إلى جلسة ودية بعيدا عن العمل وفيها سأله لتطمئن عليه، وقالت له: بيقولوا عليك إنك عيان وعايزين يودوك لدكتور أمراض نفسية!. صدمته الكلمة فسألها لماذا تقول هذا الكلام؟، فكان ردها: مين يقعد مع أم كلثوم مرة واتنين ويهرب منها؟..
وشرح مرسي جميل عزيز لها الأمر فقالت تطمئنه: جايز من عشر سنين يكون الكلام ده مظبوط لكن دلوقتي إنت اسمك كبير، لا أم كلثوم ولا غيرها
حيقدر يطلع اسمك ولا ينزله!..
اسمك خلاص خد حقه.. فراجع نفسه وكتب لها الثلاثية المشهورة..
ورغم مرور 40 عاما على وفاة مرسي جميل عزيز (15/2/1923 – 9/2/1980)، فمازال يعيش بيننا بكلمات أغانية التي لن ننساها مثل:
وعايزنا نرجع زي زمان
قول للزمان أرجع يا زمان.. أم كلثوم
و”أكدب عليك لو قلت بأحبك” .. وردة
و” تخونوه.. وعمره ما خانكم” ..عبدالحليم
مرسي جميل عزيز كرمته الدولة بوسام الجمهورية للآداب والفن عام 1965 من الرئيس جمال عبدالناصر.
وأطلقت الشرقية اسمه على الشارع الي كان يقيم فيه بمدينة الزقازيق.
تأثر بالشاعر محمود بيرم التونسي، كما قرا أعمل أحمد رامي، وهو والد اللواء
مجدي ووجدان المحامية والدكتورة ماجدة استاذ الفلسفة بكلية آداب طنطا.. والدكتورة نهاد طبيبة الأطفال.
أما هو فهو كاتب السيناريو والأوبريت والقصة القصيرة والمقالات وطالب الحقوق، ورئيس جماعة الشعر بالجامعة، ورئيس فريق الرحلات وأيضا جماعات التصوير والموسيقى والتمثيل.
وهو بحق كما يقولون:
شاعر الألف أغنية.. وواحد
وجواهرجي الكلمة العربية
والمؤسسة الفنية الثقافية والأدبية!