رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

“العدل جروب” .. صاحبة الإنتاج فائق الجودة

صعيدي في الجامعة الأمريكية
الإخوان العدل جروب
بقلم : محمد حبوشة

دخلت سوق الإنتاج السينمائي والتليفزيوني من الباب الملكي لها، وتطورت شيئا فشيئا حتى أصبحت رقما صعبا في الإنتاج الفني في مصر والعالم العربي، والأهم من الإنتاج هو أنها أصبحت المعادل الموضوعي للجدية والمصداقية بجود أعمالها على مستوى السينما والدراما التليفزيونية، وأعمالها في هذا الخصوص عادة ما تأتي محملة ومتأثرة بهموم الشارع المصري في قضاياه المجتمعية والإنسانية والسياسية أيضا، وما فيه من تأثير حسن أو أثر هدام.

تأسست شركة” العدل جروب” عام 1997 بين الأشقاء الثلاثة “المنتج والسينارست د.مدحت العدل و المنتج جمال العدل والفنان سامي العدل – رحمة الله عليه”، ودخل المنتج “محمد العدل” في تلك الشراكة، وفيما بعد أصبح رئيسا لنفس الشركة، وكان فيلم ” صعيدي في الجامعة الأمريكية “عام  1998، أول إنتاج سينمائى للشركة وقد حقق أعلى الإيرادات في تاريخ السينما المصرية – آنذاك –  وأصبح جميع أبطاله نجوما فيما بعد، مثل” محمد هنيدي وأحمد السقا ومنى زكي وطارق لطفي وفتحي عبد الوهاب وغادة عادل وهانى رمزى”، وكانت الشركة هى السبب المباشر في ظهور هؤلاء الممثلين، وصارت “العدل جروب” على نفس النهج في اختيار واكتشاف النجوم في باقى أعمالها السينمائية والتليفزيونيه حتى الآن.

همام في امستردام

ومن خلال ما شاهدناه على مدار السنوات العشر الماضية سنجد أن “العدل جروب” هى واحدة من الشركات المعنية بالجودة على مستوى الموضوع والصناعة السينمائية والتليفزيونية بصفة عامة، حتى أصبح لها مكان الريادة في صناعة الأجود في السوق التي تغلي بالغث والتافه من أعمال فنية لاترقى إلى المستوى المطلوب، من جانب بعض المنتجين الدخلاء على المهنة، والذين رفعوا شعارا مقيتا مؤداه أن “الجمهور عاوز كده”، ولعل “العدل جروب” في التزامها بالجودة كانت أعمالها السينمائية والدرامية هى الحصان الرابح، والذي بموجبه حازت على استقطاب الجمهور، بعد أن وثق في صناعتها التي تجنح دوما نحو القيمة والحفاظ على تقاليد المجتمع المصري والعربي.

صحيح أن الأعمال الدراميّة الأكثر مشاهدة مؤخرا تعتبر الأقل جودة؛ وهى مسلسلات تعتمد أعمال حركة، وبعضها حركة وكوميديا جسدية ضعيفة، تظهر جليا التجسيد الذكوري القوي، الّذي يدعو إلى العنف حلا ليظفر بالأنثى؛ أي جائزته، هو البطل، وبعضها أتى مبتذلا أو مكررا عن أفلام أو “فورمات” أجنبية، أو مأخوذة عنوة عن قصص المنتقم العالميّ، والّتي سردت وتكررت غير مرة، لكنها تكرر قصة شخص يفقد عائلته ليذهب في رحلة انتقام، بينما تندثر الأعمال الجيّدة، كمسلسل “حارة اليهود، واحة الغروب، حديث الصباح والمساء، قصة حي، الشوارع الخلفية”، وغيرها من أعمال تندرج تحت مسمى “الإنتاج الواعي” الذي يخاطب الذائقة السليمة لدى الجمهور المصري والعربي.

مافيا

ولأنها تعى حساسية الشارع المصري تجاه أبرز قضاياه، فقد كانت “العدل جروب” رائدة في صناعة الأعمال الوطنية التي تمس مشاعر الناس، حول ضابط الجيش والشرطة، وما إلى ذلك من قضايا لا بد لها من أثر سياسي، كما ظهر من أعمالها التي رسخت لظاهرة الأعمال الدرامية الوطنية في السنوات الأخيرة، فما بدت أيضا كموجة من أعمال ثائرة تتكلم عن الحرية، في ظل تقلص الموضوعات السياسية شيئًا فشيئًا والجنوح نحو أفلام ومسلسلات “الأكشن”، وغيرها من مسلسلات استهلاكية تهدف إلى إسقاط الوعي العام، بينما كانت “العدل جروب” تبدو متوازنة في قضاياها الدرامية فائقة الجودة على مستوى الموضوع والهدف والصناعة الأكثر رسوخا في الضمير الجمعى.

لقد بدت سياسة “العدل جروب” منذ تأسيسها عام 1997، واضحة في التركيز على القيمة والجدية، وبدأت السينما المصرية تعرف طريقها لإنتاج أفلام بميزانيات عالية لم تكن تقترب منها من قبل، فبعد “صعيدي في الجامعة الأمريكية” الذي حقق نجاحا كبيرا في حينه، أنتجت الشركة أفلام من نوعية الكوميديا الخفيفة والمبهجة في آن واحد مثل “همام فى أمستردام، شورت و فانله وكاب، أصحاب ولا بيزنس،  صاحب صاحبه، مافيا، أحلى الأوقات، أريد خلعا، تلك الأيام ، ولد وبنت، الكبار”، وهى أفلام حققت جماهيرية كبيرة ومنحت الجمهور الثقة في مشاهدة غير خادشة للحياء العام، أو تلك التي تلجأ إلى تسطيح القضايا على صهوة جواد الفكاهة الجانحة نحو الاستسهال.

أحلى الأوقات

ثم فى عام 2001 قدمت أولى أعمالها فى الدراما التليفزيونية وهو تحفتها الفنية النادرة مسلسل “حديث الصباح و المساء”، والذى يعده المتخصصون نقلة نوعية وعلامة فارقة فى الدراما التليفزيونية، وقد ضم مجموعة كبيرة من النجوم الكبار والشباب أيضا، منهم “ليلى علوي وأحمد خليل ودلال عبد العزيز وسوسن بدر وأحمد ماهر وعبلة كامل وسلوى خطاب ومجدي كامل ومها أحمد وطارق لطفي وأحمد الفيشاوي ونيلي كريم ومنة شلبي”، ومن بعد هذا المسلسل تم إنشاء شركة منبثقة من الشركة الأم وهى “العدل جروب مالتى ميديا”، وهى شركة متخصصة فى الدراما التليفزيونية، فقدمت مسلسلات اعتبرها النقاد والمشاهدين علامات بارزة على مستوى الشكل والمضمون، منها “ملك روحي، ريا وسكينة، محمود المصرى، العندليب.. حكاية شعب، قضية رأى عام، خاص جداً، قصة حب، سر علنى، سيدنا السيد” وغيرها من أعمال أخرى.

وقد قدمت “العدل جروب” كثير من النجوم الموجودين على الساحة الفنية الآن ومنهم (محمد هنيدى، أحمد السقا، فتحى عبد الوهاب، هانى رمزى، أحمد عيد، منى زكى، غادة عادل، نور، منة شلبى، أحمد الفيشاوى، ريهام عبد الغفور، حنان مطاوع، أحمد داود، أحمد فلوكس) وغيرهم، وفى مجال الإخراج قدمت الشركة المخرجين (على إدريس، هالة خليل، حسام الجوهرى، أمل أسعد، أحمد غانم، كريم العدل، محمد جمال العدل، إيمان الحداد)، وفى التصوير (إيهاب محمد على، أحمد المرسى، عبد السلام موسى، حسين عسرة)، هذا بخلاف كوادر أخرى في فروع السينما والفيديو الأخرى من مونتاج وديكور، وقد قدمت في هذا نخبة كبيرة من النابغين في تلك المجالات الآن.

الشوارع الخلفية
حارة اليهود
قضيى رأي عام
واحة الغروب

كما استطاعت الشركة خلال السنوات القليلة الماضية الفوز بثقة عدد كبير من الجمهور، بسبب ما قدمته من أعمال درامية متميزة مثل: “لأعلى سعر، واحة الغروب، اختفاء، لدينا أقوال أخري، أرض النفاق” وغيرها من أعمال متميزة استطاعت أن تنافس بشراسة في المواسم الرمضانية المختلفة، وذلك بحكم أن إقبال الشركات على إنتاج الدراما التليفزيونية يرجع إلى إمكانية بيع المسلسل قبل إنتاجه وتحديد حجم التكاليف والسعر والأرباح قبل بدء العمل، على عكس السينما التى لا يمكن التأكد فيها من مدى نجاح الفيلم قبل طرحه بدور العرض، فالمسلسل فى كل الأحوال تستطيع تحديد حجم إيراداته، إلا أن عيب الإنتاج التليفزيونى يكمن في ارتفاع تكلفته عن الإنتاج السينمائى، حيث يصل متوسط تكاليف إنتاج الدراما التليفزيونية سنويا 2 – 3 مليارات جنيه، ورغم أن التليفزيون أصبح منافسا قويا للسينما، إلا أنه يظل لها رونقها وطابعها الخاص.

لدينا أقوال أخرى
إختفاء

“الإخوان العدل” جميعا، كَارهم الأساسي هو الفن وليس غيره، فقد خرج منهم الممثل والمنتج والمخرج والمؤلف ومصممة الملابس، حتى ذاع صيتهم كأحد أشهر العائلات الفنية في مصر، والمعروفين إعلاميا ويجدر بالذكر هنا أن الموت قد غيب عن عالمنا عام 2015 أشهر أفرادها “سامي العدل، والذي أُطلِق عليه “إمبراطور الوسط الفني”، وكان “سامي” قد قدم مسلسل “السمان والخريف” الذي يعد شهادة ميلاده الفنية الحقيقية، وفي منتصف الثمانينات اقتحم عالم الإنتاج السينمائي، وأسس شركة “العدل فيلم” للإنتاج الفني، ليتحول بذلك إلى صانع نجوم الشباب، وكوَّن مع أشقائه شركة “العدل جروب” للإنتاج الفني، لتصبح واحدة من أكبر الشركات في العالم العربي.

أما الثاني فهو مدحت العدل، الذي بدأ حياته كطبيب، فبعد أن تخرج في كلية الطب في عام 1981، وعمل بهذا المجال لمدة 11 عامًا، ترك الطب وتفرغ للفن، فأصبح من أهم الكتاب والشعراء المصريين الذين انخرطوا في المجال الفني بشكل احترافي بعد ترك عملهم الأصلي، وفي هذا الصدد كتب مجموعة من الأغاني لمجموعة من أشهر المغنيين مثل “عمرو دياب، محمد فؤاد، محمد منير، سميرة سعيد، وفي عام 1992 شارك في عمل سيناريو فيلم “آيس كريم في جليم”، بطولة عمرو دياب ومن إخراج خيري بشارة.

وكانت النقلة المهمة في حياة “مدحت العدل” هى اشتراكه مع المخرج “خيري بشارة” في أربعة أفلام أخرى منها “إشارة مرور” و”أمريكا شيكا بيكا”، ومن بعده كتب فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” فضلا عن عدة سيناريوهات ناجحة مثل “همام في أمستردام، شورت وفانلة وكاب، مافيا، والديلر”، كذلك كتب عدة مسلسلات ناجحة مثل “محمود المصري، والعندليب”، وغيرها من المسلسلات التى حققت نسب مشاهدة عللية سواء كان قد كتبها مباشرة أو أشرف على ورش كتابتها.

والثالث “جمال العدل”، وهو واحد من أهم منتج السينما والدراما التليفزيونية في مصر والعالم العربي، وقدم العديد من الأعمال الفنية للسينما والتلفزيون، وأبرز إنتاجه الدرامي مسلسلي “قصة حب”، و”الشوارع الخلفية، أما الرابع والأخير فهو “محمد العدل” منتج وسيناريست، كوَّن مع أشقائه شركة “العدل جروب للإنتاج الفني”، وكانت أول أعماله كمدير إنتاج في فيلم “قاهر الزمن” عام 1987، وفيلم “حرب الفراولة” عام 1994، وقدم عددا من أبرز الأفلام في تاريخ السينما المصرية مثل: “ولد وبنت”، أصحاب ولا بيزنس”.

وغير المؤسسين للعدل جروب هناك من الأبناء الذين ينتمون لنفس الكار، وهم “كريم العدل” الذي عمل  كمساعد مخرج لعدد من كبار المخرجين، إلى جانب إخراجه 4 أفلام قصيرة، أهمها فيلم “الحرب العالمية الرابعة”، وأخرج أول أفلامه في العام 2010، ويحمل اسم “ولد وبنت”، وهناك أيضا “رشا سامي العدل” التي مثَّلت في مسرحيتين الأولى هما “الأمير الصغير”، مع الفنان سمير غانم والفنانة هالة صدقي، والثانية هي السيرك، مع الفنان حسن يوسف وهالة فاخر، كذلك شاركت في فيلم “دنيا الله”، مع الفنان نور الشريف والفنانة معالي زايد، وإخراج الراحل حسن الإمام، أما الأخيرة في سلسال العدل” هى “ريم العدل”، مصممة ملابس، وعملت كمساعدة لعدد من مصممات الأزياء، بعدها حصلت على دبلومة دراسية من إيطاليا في مجال تصميم الملابس للسينما والمسرح، والدراما التلفزيونية.

بقى أن نقول أن “العدل جروب” غابت عن الانتاج الدرامي الرمضاني عام  2019، لتعود بقوة في 2020، وذلك بعد أعلنت “المتحدة للخدمات الإعلامية”، أن تامر مرسي، رئيس مجلس إدارة الشركة، قد عقد جلسة عمل مع المنتج جمال العدل رئيس شركة العدل جروب مالتي ميديا، في صدد التعاون في مشروعات درامية خلال الفترة المقبلة، وقد تم الكشف عن تفاصيل التعاقد على مسلسل باسم “النصابين” من تأليف عمرو الدالي، وإخراج أحمد مدحت، وبطولة النجمة “نيللي كريم” وآخرين، ليتم عرضه في رمضان 2020.. تحية تقدير واحترام لهؤلاء جميعا ، جراء اجتهادهم في صناعة الجودة والقيمة في الفن المصري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.