أغنيات كتبت لأم كلثوم ولم تخرج للنور!
لم تكن أغنية ” أوقاتي بتحلو” التى غنتها المطربة وردة الجزائرية عام 1976 هي الأغنية الوحيدة التى تركتها أم كلثوم ورحلت دون أن تغنيها، فهناك عدة أغنيات كان من المقرر أن تغنيها “كوكب الشرق” واتفقت مع شعرائها وملحنيها على غنائها، لكن حالت دون ذلك ظروف مرضها ورحيلها، الطريف والغريب أن كل هذه الأغنيات لم تخرج حتى الآن للنور، رغم مرور 45 سنة على وفاة ” الست”، أول هذه الأغنيات هي “لوكنت بصعب عليك” كلمات أحمد رامي، ألحان محمد الموجي ويقول مطلعها :
ليه كل ما أنظر إليك / تبعد عنيك عن عنيا
لو كنت بصعب عليك / راعيني وأعطف عليا
خليني أشوف طيف / أحلامي ما بين جفونك
خليني أنور أيامي / من نور جبينك
وإن كنت غضبان من قلبي / إيه ذنب عيني ده
عيني هي رسول حبي / بينك وبيني وحياة
جمايلها عليك / راعيني وأنظر إلي
وكل ما أشتاق إليك / قرب عينيك من عنيا
وأنظر إلي ده عيني / ديه هي الوفيه.
بعلبك اسلمي على الدهر
كانت لبنان من أقرب الدول العربية إلى قلب “أم كلثوم” وكان لها فيها صداقات عديدة، فى كل المجالات، يقول متعهد حفلاتها في لبنان ” حسن الجاك” الذي ورث المهنة من والده ” أحمد الجاك”متعهد الحفلات الذي كان أول من أحضرها إلى لبنان للغناء فى مذكراته عن نجوم الغناء: ” ذات يوم طلبت من الشاعر الكبير “عزيز أباظة” الذى كانت تربطني به علاقة صداقة أن يؤلف قصيدة للست تغنيها عن “بعلبك”على أن يلحنها الموسيقار ” محمد عبدالوهاب” الذي كان حاضرا، ووافق “عزيز وعبدالوهاب”، وكتب فعلا قصيدة رائعة أعجبت بها ” كوكب الشرق” ووعدت بغنائها وأعطت عبدالوهاب كلماتها، ولحن عبدالوهاب جزءا منها وهو يصطاف فى لبنان نهاية عام 1970 وأسمع أم كلثوم ما لحنه، فأعجبها وطلبت منه تلحين باقي الكوبليهات.
وطلبت مني أن أعلن أن أم كلثوم ستغني قصيدة ” بعلبك” فى أول حفل تحييه فى لبنان، وكان هذا عام 1971 لكن جاءت ظروف رحيل الزعيم جمال عبدالناصر، وأعقبها مرضها، فرحلت دون أن تغني القصيدة التى كانت تقول بعض كلماتها :
“بعلبك اسلمي على الدهر ماض عبقري وحاضر فنان
بين حضنيك رقرق النور حين العصر جهل وظلمه وهوان
وتوالت فى ساحك الأديان فتآخى الأنجيل والقرآن
كنت ري الألباب واليوم رواهن فن سلافه ألوان
شعه من دنانك المهرجان وحباه من سحره لبنان
زغرد البشر بين أطلالك البيض فهزت أعطافها الوديان
فكان الوجود حولك لحن والليالي النايات والعيدان”
أغنية حرب أكتوبر
الأغنية الثالثة كانت لحرب أكتوبر فعندما تأكد النصر، زحف المطربون والشعراء والملحنين إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون، وقدموا أحلى الأغنيات الوطنية، وكانت استديوهات الإذاعة ملعبا مفتوحا يتنازعه الزاحفون عليه بكلمة المعركة، ولحن المعركة، وصوت المعركة، فلم يتخلف عن التعبير بالكلمة شاعر، ولا تمهل عن التعبير بالنغمة ملحن، فبعض الألحان كانت تسجل فى الثانية صباحا ويسمعها رئيس الإذاعة بعدها بدقائق، وفى الخامسة أو السادسة صباحا تقدم للناس، المطربة الوحيدة التى لم تغن للمعركة “أم كلثوم”، وكثرت الأقاويل والشائعات عن عدم غنائها للنصر، وهى المعروف عنها عدم تخلفها عن الغناء لأي مناسبة وطنية، لكن الحقيقة أن “ثومة” لم تتخلف عن الإنشاد للنصر، ولكنها عقب انتصارات أكتوبر اشتد عليها المرض وسافرت خارج مصر لتلقى العلاج، وقبل سفرها طلبت من الشاعر “صالح جودت” أن يكتب لها أغنية تحيى بها صناع النصر ويلحنها الموسيقار “رياض السنباطى” وكتب “جودت” بالفعل كلمات الأغنية تحت عنوان “قيدوا الشموع ” ولكن المرض لم يمهل كوكب الشرق طويلا، فلم تتمكن من الغناء ورحلت قبل تحقيق حلمها بالغناء لنصر أكتوبر.
وتقول كلمات الأغنية التى حرمت أم كلثوم من غنائها:
قيدوا شموع العيد وغنوا لمصر
وادعوا لها دايما بالعلا والنصر
الله يزيدك منزلة يا مصر
ياللى شبابك من جنود الله
والحرب فى قلوبهم صيام وصلاة
ودمهم عند الشهادة زكاة
زى اللى عزوا الدين فى غزوة بدر
طول عمرهم أحرار ولاد أحرار
متسلحين بالعزم والإصرار
ساعة ما ناداهم منادى التار
قاموا فى شهر الصوم وعدوا البحر
وقالوا دا إحنا نموت وتحيا مصر
يااللى نصرتونا وكسرتو لنا السور
ياله اعبروا بنا للحياة والنور
خلوا العدل يطرح أمل وزهور
والعلم ينقلنا لأجمل عصر
وتبقى رايتنا أعلى من الأهرام
ونعيش حياتنا فى أمان وسلام”.
الإسلام والتفرقة العنصرية
الأغنية الرابعة التى وقع اختيار “ثومة” عليها جاءت من بين دفات كتاب، ففي عام 1973 طلبت أم كلثوم من الدكتور ” عبدالعزيز كامل” نائب رئيس الوزراء ووزير الأوقاف أن يسمح لها بتحويل كتابه “الإسلام والتفرقة العنصرية” إلى مادة لقصيدة ينظمها الشاعر “صالح جودت” تتناول كل ما وضحه الكتاب من معان وأهداف نبيلة، ووفق وزير الأوقاف، وانتهى ” جودت” من نظم الأغنية التى ستغنيها سيدة الغناء العربي قريبا بلحن رياض السنباطي الذي أوشك على الإنتهاء من اللحن.