العراق يغير قوانينه بسبب “أم كلثوم” !
أوسمة كثيرة حصلت عليها سيدة الغناء العربي على مدى مشوارها، فبعد حصول لبنان على استقلاله عام 1943، حصلت أم كلثوم فى العام التالي مباشرة أي عام 1944 على وسام الاستحقاق الوطني، وكان هذا الوسام هو أول وسام تحصل عليه ” ثومه” من رئيس دولة، ويعتبر عام 1946 هو عام السعد والأوسمة على كوكب الشرق ففي هذا العام حصلت على وسام الكمال من الطبقة الثالثة، من الملك فاروق، وصدر به قرار ملكى، ” تكريما لها ولمشوارها الفني والغنائي، وحمل أيضا توقيع” أحمد باشا حسنين” رئيس الديوان الملكى، وأصبحت ” ثومة” بمقتضاه ” صاحبة العصمة”، وكان ذلك أول وسام يعطى لفنان في تاريخ مصر.
وفى نفس العام وكما جاء فى مجلة ” أهل الفن” شهدت بغداد عام 1946 ليلتين أزهى من ليالي الرشيد حينما استقبلت العراق نفحة الله للشرق أم كلثوم لإحياء عيد ميلاد الملك الحبيب “فيصل الثاني” ملك العراق، نزلت “ثومة” فى فندق ” ريجنت”، وفى مساء ليلة عيد الميلاد تزينت ولبست أفضل فساتينها وشدت بمجموعة من أجمل أغنياتها وهي “سلوا كؤوس الطلا، كل الأحبة اتنين اتنين، غني لي شوي شوي”، فضلا على أغنيتها الشهيرة “يا ليلة العيد” التى غيرت فى بعض أبياتها وأضافت اسم الملك فيصل فجاء كما يلي:
“يا دجلة ميتك عنبر وزرعك ع العراق نور
يعيش ” فيصل” ويتهنى ونحيي له ليالي العيد”
وبعد إعجاب وتصفيق الحضور، كتبت “الشاعرة العراقية ” نادية الشبيبي” إبنة أخو شاعر العراق الكبير وزير معارفها الأسبق السيد “رضا الشبيبي” هذه الأبيات فى مدح نفحة الله:
يا ربة الفن فى دنيا الترانيم
ويا حديث الملايا أم كلثوم
غني الخلائق فالآذان صاغية
وخفضي هم محزون ومهموم
غني لنسمع بنت الدوح صادحة
والدوح لولاك شوك حد مذموم
ورتلي نغما تصبو النفوس له
فالنفس يطربها عذب الأناغيم”
وفى اليوم التالي للحفل تناولت الغداء على المائدة الملكية، حيث قال لها الملك فيصل: أنت كنت زين أكتر مما سمعتك فى الإسكندرية”، وبعد ظهر اليوم نفسه دعتها السيدة حرم دولة “نوري السعيد باشا” إلى حفلة استقبال فى دارها حضرتها صفوة سيدات العراق، وغنت لهم “أهل الهوى” بسلطنة عالية، وفى ختام الحفلة تقدم صاحب السمو الملكي الأمير “عبدالله” فقلدها بيده الكريمة “وسام الرافدين”، كما قدم لها باسم جلالة الملكة
، بين تصفيق الحاضرين وهتافهم للملكين فاروق وفيصل، فتقبلتهما “نفحة الله” بيد الشكر والدعاء للعراق ومليكها والملكة الوالدة ، وعزفت فرقة أم كلثوم السلام الملكي العراقي، ثم السلام الملكي المصري.
وكان الفرح يفيض على وجه الوزير المصري الذي قال لأم كلثوم أنها أولت بلادها شرفا عظيما إذ أن هذه أول مرة تتشرف فيها جلالة الملكة الوالدة دار مفوضية من مفوضيات الدولة.
جدير بالذكر أن “وسام الرافدين” لا يمنح إلا للرجال فقط حسبما تنص قوانين العراق، ولهذا عدل الملك القانون ومنحه لأم كلثوم لأول مرة في تاريخ العراق، إنه شرف وأي شرف لنفحة الله أن تتقلد بعد نيشان الفاروق، ووسام الاستحقاق السوري واللبناني وسام العراق الشقيق.