كتب : أحمد السماحي
في السنوات الأخيرة وبعد ثورة التكنولوجيا أصبحت الأغنية جزءا لا يتجزأ من روتينا اليومي، وأصبحنا نستمع إلى الأغنية الواحدة عشرات المرات على مدار اليوم، لذلك وحسب قواعد علم النفس فإنها بمعانيها تتسرب إلى اللاوعي فتصبح جزءا من قناعاتنا وموجها لخياراتنا دون أن نشعر، وهذا يؤكد على أنها أصبحت جزءا هاما من ثقافتنا أيضا، هذا الدور الهام للأغنية يغيب للأسف عن عقول بعض الدخلاء على مهنة الطرب، و التى أصبحت فى السنوات الأخيرة مستباحة و”ملطشة” لكل من دب وهب، وأصبحنا نسمع أغانى “رزلة” و”تافه” و”سطحية” على إيقاع صاخب يدعو للجنون، كل هذا بسبب الأنترنت ومسئولي الفضائيات الذين سمحوا للسفهاء – في غيبة من الوعي – أن يقتحموا علينا بيوتنا بأغانى مسفة وهابطة، ولزاما علينا أن نسمعها “غصب عنا” وبدون أى مراعاة لشعورنا، وأصبحت بعض الأغاني تشوه المعايير وتشوش الجيل الحالي من الشباب الصغار، وبدل أن تكون الأغنية طيف جميلا يرتقي بالجيل ويسمو به، أصبحت حجرا عثرة يربط رجليه.
من هذه النماذج السيئة أغنية ” رايحين نسهر” لـ ” محمد رمضان” الذي يبدو أنه وجد نفسه أكثر فى الغناء بعد تراجع أسهمه فى مجال التمثيل، وأصبح في المرتبة الرابعة والخامسة، وليس “نمبر ون” كما كان يدعي دائما، فالأغنية مليئة بالإسفاف والإباحية والشذوذ، ولا أدري ما سر أعجاب “رمضان” بجسمه حتى يظهره عاريا طول الوقت وفى كل عمل يقدمه!.
أما الأغنية الثانية التى استوقفتني لأنها تحمل رسالة خطيرة فهي أغنية ” سالمونيلا” للفنان ” تميم يونس”، صاحب الأيفيه الشهير “أنتي أي كلام”، والحقيقة أننى معجب بفكر ” تميم” ولو تم توجيه بطريقه صحيحة يمكن أن يقدم رسائل هامة في أي مجال يختاره هو سواء الغناء أو التمثيل أو أفكار كليبات، فالولد موهوب، لكن يبدو أنه بيحب “الهزار” ولكنه لا يدري أن “الهزار” فى الفن يمكن أن يحقق كوارث، كما حدث مع أغنيته الأخيرة، التى تبيح البلطجة العاطفية والمعاكسات قليلة الأدب، وإذا رفضت الفتاة “رزلتك” فالعادي أن “تبلطج” عليها وتدخل معها ” خناقة” ويسيل الدم، وتقول لها وحسب ما جاء فى نص الأغنية ” علشان تقولي لأ”!!
يا ” رمضان” ويا ” تميم” أفيقوا يرحمكم الله قبل أن تدمروا أجيال كامل من الشباب عادة ما يقلدكم ويسير وراءكم مغمض العينين، فالفن رسالة إنسانية سامية تهدف إلى الارتقاء بأحاسيس الإنسان نحو الحب والخير والجمال، والفن في المقام الأول والأخير يرتقى دائما بوجداننا لأنه ينقل نبض قضايا ومشكلات المجتمع الذى نعيشه على جناح الإحساس والشعور، وبالتالي فإن الفن الراقى دائما ما يحوز على أعجاب الناس لأنه يؤثر فى وجدانهم بالإيجاب، ولأنه بعيد كل البعد عن الابتذال والإسفاف، ومن ثم فإن الفن لا يكون مبتغاه تدمير قيم المجتمع وأخلاقياته، بل يكون مصدرا لتوعية العقول، وهو في النهاية معني بإيقاظ العقول الغافلة عن قضايا الأمة، فضلا عن كونه يحارب ظواهر الانحراف والانجراف عن المسار الذى نريده منه.