* أبى .. وضعنى فى قلب العاصفة وحذرنى من الغرور
* نجيب ساويرس .. علمنى التواضع والإخلاص فى العمل
* جمال مروان .. إحساس بالرعب صنع لى واحة الأمان
* عمرو دياب .. شكل وجدانى ووجدان جيل بكامله
* الوسط الفنى .. شائعات وصراعات تبرز معدن الفنان الأصيل
حوار : أحمد السماحى
على طول الحياة
نقابل ناس
وعرف ناس ونرتاح
ويا ناس عن ناس
وبيدور الزمن بينا
يغير لون ليالينا
وبنتوه بين الزحام والناس
ويمكن ننسى كل الناس
ولا ننسى حبايبنا أعز الناس
حبايبنا .. أعز الناس حبايبنا
كلمات كتبها الشاعر الجميل “مرسى جميل عزيز” ولحنها بليغ حمدى وأصبحت بصوت عبد الحليم فلسفة حياة ، نسير بخطوات واثقة على دروبها ، نتوه وسط زحام الأيام ، نواجه التيارات والعواصف ترفعنا والأمواج العالية إلى قمة المجد أحياناً وأخرى تهبط بنا إلى الدرك الأسفل من الحياة .
ومع كل ما مضى يبقى فى رحلة الحياة “ناس” هم بالنسبة لنا دعائم الآمان وحوائط الصد التى تحمينا من تقلبات الزمن قبل أن يجرفنا البحر بمده وجذره بعيداً عن شاطئ النجاة .
إنهم حقاً “أحبابنا” الذين نهتدى بنصائحهم وبأعمالهم يكللون حياتنا بالمجد ، وهم بالتالى يحفرون فى الذاكرة بحروف من نور .
حسام حبيب يحكى لنا عن خمسة نجوم فى حياته كانوا ومازالوا شموع الأمل التى تضئ طريق الغناء فى لياليه المعتمة ، وسمائه الملبدة بالغيوم التى تحجب النجوم.
أبى .. إياك والغرور
أول الذين أثروا فى حياتى بالطبع أهلى ، خاصةً أمى وجدتى اللتين تعلمت منهما معنى ومفهوم الترابط الأسرى ، الذى يحميك ويقيم حائط صد قوي وصلب فى تعاملك مع الآخرين ، فقد علمانى سر الإحتواء الذى يبعث على الأمان .
أما والدى الشاعر والمنتج الفنى المعروف ( حسين حبيب ) ، فقد كان ومازال له أكبر وأهم أثر فى حياتى ، فعلى الرغم من أنه شاعر ومنتج ومكتشف حبى للفن مبكراً إلا أنه رفض مساعدتى بشكل مباشر وآثر أن أواجه عواصف الفن وتياراته وأمواجه المتلاطمة بمفردى ، ومازالت نصيحته الأولى لى هى القانون الذى أسير عليه بالحرف الواحد ، فقد قال لى : لابد أن تبدأ فى هذا المجال من تحت السلم وتجرب كل شئ ، حتى تشعر بطعم النجاح الحقيقى .
كانت صدمة نفسية كبيرة لى فى البداية أن يقول لى والدى هذا ، ويتركنى وحدى ، حزنت كثيراً وشكوته لكل المحيطين بى ، لكن شعرت بمرور الزمن قيمة ما نصحنى به ، فور صدور ألبومى الأول “ولسه” الذى حقق نجاحاً ملحوظاً ، وقدمنى للجمهور بشكل جيد، نصحنى والدى نصيحة أخرى قائلاً إياك والغرور فإنه يقتل الفنان فى بداية حياته” وأذكر أنه تعمد أن يتعامل مع ألبومى الأول بالنقد اللاذع حيث قال : الأشكال الموسيقية قريبة الشبه من بعضها ، كما أن الكلمات لا تحوى موضوعاً أو حالة وهو ما دفعنى لبذل جهد أكبر فى الألبوم الثانى “أجمل قصة حب” الذى اتضحت من خلاله خبرتى بالغناء ، وكان نقد أبى الوحيد فى قضية طرح الألبوم الذى أعجبه جداً ، ينحصر فى عدم التسلسل الطبيعى للصدور حيث كان يفضل أن تصور أغنية من الألبوم “كليب” قبل الصدور حتى يتعرف الجمهور على الأساليب الجديدة ، ومع ذلك فقد وفقنى الله سبحانه وتعالى وحاز الألبوم على إعجاب الناس ، وشعرت بذلك من ردود الأفعال من زملائى فى الوسط الفنى والنقاد ، أما أكثر ما أسعدنى حقاً فهو أن الألبوم أضاف إلى رصيدى معجبين جدداً ، ولاحظت ذلك من خلال زيارتى لأحد أصدقائى فى منطقة الحلمية عندما سمعت أحد أغنياتى تنطلق من فوق دراجة بخارية صغيرة ، وقتها كان هذا وساماً يعادل حصولى على جائزة دولية .
نجيب ساويرس .. تواضع وذكاء
يعتبر رجل الأعمال المعروف “نجيب ساويرس” من أهم الشخصيات التى بلورت شكل وملامح حياتى الفنية ، وقد تعرفت عليه مصادفة بعد أن سمع ألبومى الأول أثناء وجوده فى لبنان ، قبل صدوره بأيام عند الموزع “جان مارى رياشى” وفور إعجابه طلب لقائى ، وفوجئت دون سابق تعامل بيننا أنه يشجعنى ووقف بجوارى وأنشأ شركة إنتاج خاصة ضمن شركاته من أجلى ، وهو الذى قدمنى للوسط الغنائى فى صورة رائعة من خلال ألبومى الأول “ولسه” الذى كان أول بطاقة تعارف مع الجمهور.
بصراحة .. هذا رجل من طراز فريد ونادر فعلى الرغم من أنه رجل أعمال ناجح ومعروف فى دنيا ” البيزنس ” إلا أن داخله فنان يشعر ويحس بالكلمة وإيقاع الموسيقى ، فضلاً عن طيبة وتواضع كبير وذكاء حاد ، وأجمل ما تعلمته منه أن “الفلوس” لاقيمة لها بجوار أن تعرف إنساناً عن قرب ، وحب الناس ومساعدة المحتاجين هى أساسيات النجاح فى الحياة ، علمنى ساويرس الأمانة والوفاء ، وفلسفة ألا تنظر خلفك فقد كان يردد على مسامعى دائماً : “الشخص الذى يخطئ فى حقك وتشعر أنه ضعيف لا تلتفت إليه ، وهذا حقيقى لأن الدخول فى المعارك يعرقل الإنسان خاصة فى بداية حياته .
جمال مروان .. رعب وأمان !
أماجمال مروان صاحب شركة وقناة “ميلودى” فهو نقطة التحول الكبرى فى حياتى على المستويين الإنسانى والفنى معاً ، وأول مرة تعرفت عليه من خلال “نجيب ساويرس” شعرت بالرهبة والخوف والرعب ، فهذا رجل تحيطه هالة غريبة تجعله شخصية أسطورية ، وسرعان ما تدخل معه فى حوار تكتشف مواطن الإنسانية والعفوية والذكاء الذى يضئ لك كل جوانب الحياة ، دستوره فى الحياة: التعامل مع الآخرين بإخلاص فى العمل والتفانى والاستغراق فيه إلى أقصى حد ، وتلك نصائحه ستظل محفورة فى ذاكرتى دائماً وهو يردد جملته الشهيرة “على قدر ما تبذل من جهد تجنى ثماراً ناضجة وطيبة”.
وربما كان هذا سر العلاقة الوثيقة التى نشأت بينى وبينه ، فكلما كان يرانى أتعب وأبذل جهداً يقترب منى أكثر ويربت على كتفى ويدعمنى ، بعيداً عن المجاملات التى يكرهها عن ظهر قلب ، رغم أنه نموذج مثالى للإنسان الناعم فى مشاعره وحبه للآخرين ، خاصة الذين يعملون معه .
عمرو دياب .. وجدان جيل
عمرو دياب بلا شك شكل وجدانى ووجدان جيلى بكامله من الشباب ، وأعتبره النموذج والمثل الذى يجب أن يحتذى به المطربون من شباب اليوم ، ولكنى أحذرهم من تقليده ، فلا يصح أن يكون المطرب مقلداً فى وجود الأصل ، ودائماً أسعى لتقليد أساليبه فى العمل والدأب والإجتهاد ولا تنس أنه تربع على قمة الأغنية الشبابية لأكثر من ربع قرن ، وسر استمراريته ونجوميته يرجع إلى موهبته وجهده الكبير فى بناء نفسه ، وأذنه الموسيقية القريبة جداً من الناس ، وبالتالى نجده يحرص فى كل ألبوم على الظهور بشكل مختلف وأسلوب مميز وجاذب على مستوى مظهره الخارجى ، وموسيقاه المميزة .
ربما يرجع ذلك إلى متابعته الدءوبة لكل ما يصدر من ألبومات جديدة لكل الأجيال الغنائية ، ورغم ذلك لا يقلد أحداً ولا ينظر خلفه ، وهذا ما يجعله منفرداً فى أدائه ، ولهذا أنصح أى صوت جديد بعدم الاقتراب من دائرة عمرو دياب التى تشبه اقتراب الفراشة من الضوء ، فلن يجنى سوى الإحتراق بنار شهرته ، ويصبح بلا هوية تميزه .
الوسط الفنى .. صراع وشائعات
على الرغم من حبى الشديد للفن ، فقد كان حلماً منذ أن وعيت على الحياة أن أصبح مطرباً وأنتمى إلى الوسط الفنى ، إلا أننى لم أكن أتخيل وجود كل هذه الصراعات وحجم “الأسافين” التى تحاك بطرق غريبة ولا تحتمل ، فمثلاً عند طرح ألبومى الأول كنت أعتقد بفطرتى البسيطة أن مهمة المطرب أن يغنى ويصدر ألبوماته ، بهدف إسعاد الناس فقط ، لكن اكتشفت أن الأمر أكثر من ذلك وأكبر منى شخصياً.
هناك أناس للأسف مهمتهم عرقلة النجاح بشتى الطرق بدافع مصالح شخصية، وآخرون مهمتهم صناعة الشائعات بهدف رفع أسهم مطرب معين على حساب الآخرين وهناك نجم محاط دائم بشلة من الصحفيين للأسف ، ومتعهدى الحفلات ومعدى البرامج مهمتهم إبرازه وتلميعه وإزاحة غيره إذا تطلب الأمر هذا ، رغم عدم أحقيته بهذا النجاح .
أما الذى آلمنى كثيراً فهو أن يكون المطرب مهمته تشويه صورة زملائه وإطلاق شائعات تتعلق بسمعته وشرفه أحياناً ، وهى أساليب غير مشروعة قد تصيب المطرب فى بداية حياته بالإحباط واليأس الذى يسرب إليه الشك فى نفسه وفى موهبته أمام جمهوره ، ولكن والحمد لله أدركت نصيحة أبى فى الاحتكاك المباشر واكتساب الخبرات من الشارع الفنى .